الحوار حضارة, من يحاور لايحارب !!!

  الوصول الى صحة  اجتماعية  نسبية لايتم الا عن طريق  تصحيح مستمر  لمسلكية المجتمع وتصرفاته , ولما كان أي مجتمع غير متجانس في البنية  والمصالح والاتجاهات , لذا تعتمد  صيانة المصلحة الاجتماعية   العامة على ممارسة  التواصل الاجتماعي  ايجابيا   , وذلك عن طريق عدة  سبل   , ومن أكثر هذه السبل فاعلية  هي الحوار  العقلي   الموضوعي   ,ذلك لضمان الوصول الى يقينية  مشتركة  تتمتع بأكبر قدر من القواسم المشتركة .

للتواصل الاجتماعي ,ان كان سياسيا أو اقتصاديا  الخ  أو بشكل عام فكريا  , سبل أخرى  منها النقاش ومنها  الجدل   أو السفصطائية أو  غيرهم , ولكل من هذه الأساليب خواصه ,الجدل مثلا  يحاول الاقناع , الا أنه يستخدم من أجل ذلك نوعا من الاجبار  أو التجبر  للوصول الى الاقناع ,  أما السفصطة   فهي نوع من النقاش من أجل النقاش وليس للوصول   الى نتائج تبلور  يقينية مشتركة   وتكتشف قواسم مشتركة .

يعرف الحوار   بدون أي شك نوعا من التفاوت  بين المتحاورين , وهذا التفاوت ينتج عن  الموقف الذي  يتبناه  كل من أطراف  الحوار  وعن مقدرة المحاور  الثقافية الفكرية   العقلية, هناك محاور لبق  قوى الموقف وقوي الحجة , وهناك محاور ضعيف   الموقف   وبالتالي ضعيف الحجة , وفي هذه الحالة   يجنح البعض الى مقاطعة الحوار , والمقاطعة لهاعدة  طرق  , منها التحصن   خلف الثوابت  والقطعيات  , منها الهروب الى الشخصنة  ومنها تدمير موضوع الحوار , وابتكار موضوعا آخر , منها التنصل  من  مجابهة الفكرة بفكرة أخرى  , منها  الانزلاق في  المطبات المعنوية العاطفية  , حيث تفرض العاطفة نفسها في الشرق  أكثر من الغرب , ومنها التصادم بالأيدي والأرجل  وحتى الصدامات المسلحة  الى آخر مانشاهده يوميا على الشاشات , وما نسمعه من الاذاعات  .

لكي يترقى الحوار  عن السقوط في متاهات السفسطائية  والعراك بالأيدي , يجب أن يكون له تربة صالحة للنمو , وهذه التربة الصالحة , هي تربة  قبول الرأي الآخر  , ثم تعليم الآخر  وتدريبه على قبول الرأي الآخر ,  ثم التنازل عن صهوة جواد الحقيقة , التي لايملكها أحد , والتي نبحث عنها  باستمرار , ونظرا لنسبيتها   سوف لن نجدها كاملة خالية من الشوائب  , ومترفعة عن الحاجة للتطوير والتحسين والتنقيح .

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *