مفيد بيطار , جورج بنا :
هناك من توقع عودة البعض الى حيوانية الروح الطائفية الدينية أو انهم أصلا لم يتطوروا الى أبعد من غرائزية الطائفية ,واقعيا عادوا قبل اسابيع ,وبذلك اكتملت الصورة , فكل المتصارعيين الآن طائفيين , لايتورعون عن القيام بأي منكر في سبيل تحقيق احلامهم المحلية الجهوية او حتى الأممية ,جهويا يريد البعض هيمنة جهة على جهة أخرى , مثل العلويين وهيمنهم على بقية الفئات , عروبيا أفلست هذه العروبة بافلاس قوائمها مثل البعث والناصرية ,اضافة الى ذلك هناك من يحاول جمع ما لايمكن جمعة , وهناك من يحاول تجزأة ما لاتجوز تجزأته , لاوجود لسوريا والوطن السوري كدولة وانتماء وحلم في كل هذه التفكيرات والهويات والمخططات التي نشعر الآن بها , كمثال عن الأممية والتنكر للهوية السورية نريد التنويه الى تعيينات الجنرالات الأجانب الأخير في الجيش السوري, انها محاولة لتكريس مفهوم الأمة المحمدية .
يبدو المشهد العام وكأن البعض يتقبل , لابل يريد في ظرف متوقع دولة أصغر ,والدويلة المنتظرة اضافة الى دويلات الشرق والجنوب في سوريا هي دولة في الغرب السوري, أي في منطقة الساحل السوري, هذا هو جوهر الكلام الغير رسمي لمعظم سكان المنطقة الساحلية , فأكثر من 90% من حوالي ٤ ملايين سوري ساحلي يريد ضمنيا هذه الدويلة , رسميا لايريدها أيا منهم , وعلى فرض ان الأمر استتب لهذه الدويلة سكانيا وجغرافيا, فكيف سيكون مستقبل هذه الدويلة تحت رعاية قيادة حكيمة كما كانت الأسدية حكيمة !!! ,بالرغم من تلك الحذاقة والحكمة الأسدية تم القضاء على الدولة الأكبر سوريا , هل سيكون أمر القضاء على هذه الدويلة الساحلية من قبل مابقي من سوريا صعبا أو سهلا ? , وهل ستكون هذه الدويلة جزيرة للحرية والتحرروالديموقراطية ؟؟ , لكل من يحاول الاجابة على هذه الأسئلة عليه النظر بتمعن الى الشعب السوري ودولة السوريين عموما , وكيف تعامل السوريون مع سوريا الموحدة , والى ماذا تحولت دولة سايكس بيكوا !. .
لقد ساهم التراث بالشراكة مع الأسدية بكل ماتملك من قوة سلطوية في تطوير المجتمع تراجعيا في منحى طائفي ,قتل البعث وتحول الى مزبلة وجيفة جيفة طائفية , وتنكص المجتمع السوري الى المزيد من الطائفية والعشائرية ,تحولت الفئة العلوية الى “طائفة ” علوية , والطائفة لايمكن أن تكون الا طائفية , مارست طائفة الساحل دجل حماية الأقليات التي خلقتها , لقد كانت هناك مجموعة علوية موزعة انتمائيا على كل الحركات السياسية السورية ..شيوعي ..بعثي ..سوري قومي ..الخ المجموعة انكمشت على نفسها وتقوقعت في قوقعة “طائفة”, وأي مستقبل تنتظره سوريا سايكس -بيكو بعد تحولها الى دويلات الطوائف ؟, دولة الساحل توقعية , والتاريخ السوري بعد الاستقلال ذكرها وذكر تداعياتها ونهايتها بعد حوالي عشر سنوات من قيامها , حول هذه الدويلة يجب تقديم شرحا مفصلا لاحقا .
لقد كان على المجتمع السوري ان يتطور باتجاه معاكس , ولو حدث ذلك لكانت سورية دولة من دول العالم الثاني , وحتى كان لها أن تصبح بسهولة من مجتمعات دول العالم الأولى, أو في أسوء الأحوال من مجتمعات دول العالم الثانية , ولكن ذلك لم يحدث ,وما حدث كان توظيف نصف قرن من الزمن في عملية تطييف المجتمع السوري واستهلاكه واهلاكه وسلبه لحريته وأملاكه ,لم يبق سوى الحطام والجثث والمهجرين والنازحين والأرامل والثكالى , لم يبق الا الكره والكذب والقليل القليل من الكرامة ,يوما ما في السنين الماضية وصف طائفي مقيت الوضع الاستقلالي لسوريا قائلا ان سوريا تنعم الآن بالاستقلال الثالث تحت قيادة الأسد الابن الملهم , منوها على ان الاستقلال الأول كان عام ٤٦ , والثاني كان عام ٧٠ والثالث كان عام ٢٠٠٠, الحقيقة هي انه كان هناك استعمارا تركيا أولا , وانتدابا فرنسيا ثانيا بقرار من عصبة الأممم المتحدة , واستعمار أسديا داخليا ثالثا بعدحركة عسكرية , الاستقلال الأول والوحيد كان من الاستعمار التركي يوم ٨-٣-١٩٢٠ .
في مجتمع سوري كبيرنسبيا بررت أقلية تسلطها بضرورة حماية الأقليات , أما في مجتمع دويلة الساحل فتبرر هذه الأقلية تسلطها المتوقع بمنطق الأكثرية وحق الأكثرية في أن تحكم, أي أن حكم آل الأسد كان قدر وحتمية الهية تاريخية , سيان ان كان اتباع الأسود أقلية أو أكثرية ,البعض يعتقد ان الأمر يتعلق بنوعية البشر , وليس بعدد البشر , فهناك سلالة الأسود المميزة,اننا نرى كيف أصبحت سوريا متميزة جدا تحت القيادة الحكيمة , التمييز عن طريق التأخر ,وعن طريق الفساد الأسطوري , أنقرض الوحوش في معظم انحاء العالم الا في سوريا فلا يزال الوحوش يمارسون نزواتهم وغرائزهم .
من أوائل من فكر بالعروبة كقومية كان اللبناني نجيب العازوري , الا أنه استثنى في بدايات القرن العشرين مصر من الاطار العربي القومي, ورأى أنه يجب أن تكون للاكراد دولتهم وغيرهم من الأقليات دولهم , لقد توفي العازوري عام ١٩١٦ , ولم يتمكن بذلك من التعرف على مصير توقعاته,من يراقب الوضع الآن لايستطيع الجزم والحكم على أمر الوحدة , هل كان السعي الى الوحدة نعمة فشلت , أو نقمة حدثت ؟ , ماهي نتائج الجهود التي بذلت في سبيل التوحد , وهل كرست هذه الجهود ارتكاسا نزعة التفرقة؟ اسئلة من الصعب الاجابة عليها الآن.
هناك من يسأل , متى يشبع السوريون من الدماء , وهناك من يدعي على أن المثقف السوري هو الذي اراق الدماء وهو الذي يشربها حتى الثمالة , هنا لايمكن للاعوجاج الفكري أن يكون أعظم ؟ يقولون ان المثقف السوري اليساري غادر موقعه والتحق بتابعية جديدة تآمرية خائنة , لقد عجز المثقف السوري على ممارسة الابداع الفكري ثم انه عجز عن استرداد الجولان , وهل هناك هراء أعظم من هذا الهراء ؟, ماهي ماهية العلاقة المباشرة بين المفكر والجولان , هل كان المفكر المثقف السوري السبب في خسارة الجولان ؟ , وهل استطاع مفكر سوري أن يفكر في نصف القرن الماضي الا في المهجر أو المحجر , ومن هم نزلاء السجون السورية ؟ والى أين آل المفكر الذي نجى برأسه من السجن الى المهاجر؟, حيث هناك ملايين من السوريين المهددين بالاعتقال في حال دخولهم البلاد ,جمال سليمان ,سمر يزبك , روزا ياسين حسن ,جورج طرابيشي عنما كان حيا يرزق وفدوى ابراهيم كذلك عندما كانت على قيد الحياة والكثير غيرهم , هل هؤلاء من شرب الدم السوري ؟