ما بيطار , سيريانو سيريانو:
وقف العرب على مفترق الطرق ليختاروا طريق النجاة , واختاروا طوعا طريق الارهاب والحروب لتدمير بعضهم البعض او تدمير غيرهم ايا كان ومن كان باسم الله والدين, الهدف كان رغبتهم في اقامة الخلافة وفرض الشريعة ,هنا لانلاحظ فروقا جذرية بين الأصوليات المذهبية ,اذ لايمكن للأصولية الا على تكون على نحو مافعلته داعش وأخوات داعش أو حتى من نافس داعش من الأصوليات الأخرى , ارادوا اسلمة الحياة تبعا لما جاء في النصوص من قواعد وأحكام بممارسات اخصائيين في صناعة الموت وفي استئصال الآخر وانتاج الكوارث وممارسة البربرية كما حدث في شوارع باريس عام ٢٠١٥ من ذبح على قارعة الطريق وما حدث في ايلول من عام ٢٠٠١ في نيويورك , ثم ممارسات الأصولية بخصوص الشعب الأيزيدي , التي اقتدت بواقعة بني قريظة , لايتسع المجال لذكر كل ما قاموا به , وبالرغم من كل ذلك لايلاحظ عليهم أي مقدرة على التعلم من تجاربهم ومن فشلهم وتوحشهم وبربريتهم , انهم كما يقال على العهد ماضون ,بقوا على الاعتقاد الجنوني بأن عقيدتم نطقت بالحقيقة المطلقة الأولى والأخيرة ,وبأن شريعتهم تقدم الأجوبة والحلول لكل الأسئلة, وبأن كتابهم ينطوي على العلم بكل شيئ , اي مكتمل المعرفة حول الشمس والقمر وبقية النجوم والكواكب خاصة الشمس , التي قذفها أمير المؤمنين من يد لأخرى لتسجد في النهاية امامه , كل ذلك توج باعتقادهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس, وبأن مابقي من البشر على كفر وضلال وبدعة وزندقة أو هرطقة توجب المحاربة , وبأن مظلوميتهم من أشد المظلوميات, وبأنهم على حق وما بقي من البشرية على باطل وضلال.
لم يلاحظوا لحد الآن نتائج أعمالهم الهلاكية والتي قادت الى الضعف والتأخر والجوع والشرذمة, ولم يلاحظوا تحولهم الى فائض بشري لايشعر بقية العالم بأي حاجة له سواء اندثر أو لم يندثر , لأنهم لم يقدموا للبشرية سوى الاشكاليات والمشاكل, نبع لاينضب من الارهاب ومن الفشل والتأخر والجوع والمرض واللجوء والتطفل على موائد الغير ,جماعات بشرية لم تتمكن من طرح ذاتها سوى بالبربرية والفوقية وما رافق ذلك من انتاج القرف منهم بسبب ارهابهم في البلدان التي يعيشون بها وفي الخارج , لذلك كان رفض العالم لهم بالرغم من دراماتيكية وصولهم الى أوروبا عبر البحار , التي ابتلعت العديد منهم, فشل اللجوء وفشل دمجهم مع بقية الشعوب , والآن عليهم أن يرحلوا , الى اين ! , كل ذلك لم يردعهم عن وضع اقنعة التفاخر والتبجح والاستعلاء على وجوههم ,ولم يدفعهم الى اسقاط هذه الأقنعة , بالرغم من سقوط حصونهم الكرتونية من عروبة ودين وسقوط زعاماتهم مثل القذافي وصدام وناصر وغيرهم .
لقد اختطف التيار العروبي بالشراكة مع التيار الأصولي حاضر ومستقبل العرب , صودرت الحريات بعنف وقبح لاشبيه له , فشلت التنمية بالرغم من البترول , الذي لم يصنعوه ولم يكتشفوه , وبريعه تم هنا وهناك التحديث الاستهلاكي ومحاربة الحداثة , اختطفت قضية فلسطين وأفشلت لابل ابيدت كغزة , والابادة تمتد الآن الى لبنان وقد تتوسع الى خارج لبنان ,ليس لأن اسرائيل على حق , انما لكون الطرف العربي لم يتمكن من الدفاع عن حقوقه بشكل فعال وبنجاح , لحد الآن لم يقتنعوا بأن تديين الحياة كان ضارا بها , ولم يتوصلوا الى القناعة بأن المحرك الديني للسياسة فاشل أو سيفشل دولهم الشكلية لامحالة !.
يكمن أصل العلة في النسيج الثقافي, الذي يصنع عقليات مفخخة تنفجر كألغام مجتمعية طائفية او قبلية أو عشائرية ,تؤول حتى بالمشروع الديني على اختلاف نسخه الى نهاية سلبية كارثية,وبما أن أصل ومحرك تلك الثقافة ديني, لذلك لاينتظر اي تغير أو تطور , فمن يعمل بثلاثية الكفر والايمان والمقدس لايتطور , لأن الأساس الذي قامت عليه هذه الثلاثية كان الثوابت , أي الجمود, وبالتالي عدم المقدرة على ادراك قيمة التغيير والتطوير,وبأن التطوير والتغييريجب أن يكون ذاتي أي نابع من الذات , لأنه عندما لايتمكن الذات من التغيير والتطوير سيقوم الغير بذلك حسب رؤياه , وتلك الرؤية الغريبة ستضمن منطقيا مصالح الغير بالدرجة الأولى .
لايستطيع العالم تحمل اشياء غريبة عنه بشكل فاقع وفاضح , لايستطيع على سبيل المثال تحمل طالبان في افغانستان , لذلك تمت محاولة تغيير افغانسان حسب رؤيا خارجية , والمحاولة فشلت , لذلك وضعت افغانستان في قفص حديدي اي في عزلة تامة , ولم تعترف بها اي دولة أخرى باستثناء باكستان ,كان هدف الاعتراف الباكستاني الحفاظ على شعرة معاوية مع افغانستان , اي الحفاظ على نافذه ضيقة جدا للتمكن مع التواصل مع افغانستان , لأن التواصل قد يقود الى حل بعض المشاكل مثل مشكلة المرأة , التي تعتبر مشكلة اممية انسانية , لايستطيع العالم التفرج على اقصاء الفتيات من المدارس دون أن يحرك ساكنا , واقعيا لم يتحرك العالم كما هو ضروري ومطلوب لحد الآن , الا أنه سيتحرك حتما .
يكمن جزء من المشكلة في انظمة وشعوب لم تر من الدين سوى وحدانية الحاكم كوحدانية الله , وبذلك ترسخت مفاهيم الاستبداد وتجذرت في نفوس البشر , وتحولت الى ادمان على الاستعباد والطاعة والانصياع للوالي او الحاكم , الذي جلس على الكرسي بقدرة قادر , وليس بقدرة وارادة الشعوب , لذلك استتب أمر العروبة وأمر الاخونج كنظام استعمار داخلي ,كرس التعريب وأسلمة القانون والدولة, مما قاد الى اشكاليات كبيرة مثل التنكص الى الأسوء والوراء بينما يتطور العالم الى الأفضل والأمام , وذلك بالرغم من كون المنطقة من أهم بقاع العالم , وثرواتها من أهم ثروات العالم , للعديد من الأسباب لم يكن بالامكان استغلال مواطن القوة مثل البترول , الذي لم تصنعه هذه الشعوب بيدها , انما اتاها بدون جهد يذكر !
ملذكر لايمثل سوى بعض مسببات موت العروبة وحشرجة الأصولية , التي يجب أن تدفن مع العروبة في قبر واحد , وعلى الحجر يكتب , هنا يرقد الشر ,يا ليته لم يولد!