ممدوح بيطار ,ربا منصور :
ا هناك في هذه البلاد المنكوبة شغف بالقتل واستسهالا لممارسته, وكل “قتل” يبرر بقيم ” سامية ” كالجهاد من أجل الجنة أو الجهاد من أجل الشرف الرفيع أو من أجل الله الخ , بشكل عام يبدو وكأن القتل أصبح طريقا للحياة, ليس فقط في ساحات الحرب الساخنة , انما أيضا في ساحات الشرف ,فمن أجل صيانة الشرف تقتل المرأة عندما يتم اغتصابها , وبذلك تقتل ناقصة العقل مرتين , مرة باغتصابها ومرة أخرى بتصفيتها , كل ذلك دفاعا عن الشرف المهدور والذي سيصان بقتلها بعونه تعالى !.
نسبة تقتيل النساء في ساحات الشرف متدنية بالمقارنة مع نسبة التقتيل في ساحات الوغى, ولوسألنا ,هل توجد جريمة تمت الى حماية الشرف بصلة ؟؟, لاوجود لتلك الجريمة , وبالتالي لاوجود لجرائم الشرف انما لجريمة لاشرف لها ولا بها , قتل المرأة جريمة فظيعة لكون القتل بحد ذاته فظيع , ولكون الضحية في كل الأحوال غير مذنبة بحق قاتلها , حتى ولو مارست ما يسمى عهر ,ثم أن القاتل المجرم يمارس بذلك القضاء الذاتي , يحاكم المرأة ويحكم عليها بالموت , ثم ينفذ حكمه بيده ,انه في هذه الحالة بمثابة دولة ضمن دولة , تدل هذه المسلكية على أن وعي القاتل بمفهوم الدولة والقضاء والسلطة التنفيذية والقضائية قاصر كسيح , القاتل غير مهيئ ليكون مواطن في دولة , أي أنه كائن لااجتماعي , أنه عالق في المرحة الحيوانية من تطور المخلوق البشري ,بيئته المناسبة هي حظيرة الحيوانات أو حتى ماهو أدنى .
ينطبق أمر حظيرة الحيوانات على كل من يتفهم أمر القاتل , وحتى على الجهاز الحكومي وعلى قانون العقوبات والآيات والفتاوى , فقانون عقوبات ملطف للجريمة ولعقوبتها , هو بحد ذاته اجرامي ولا يستحق اسم “قانون” انه في أحسن الحالات “عرف ” بغيض أو حتى أدنى من ذلك, تضع اعراف هذا المجتمع المريض عذرية المرأة في مقدمة كل شيئ , وبدونها لا تساوي المرأة شيئا , المجتمع لا يهتم بأخلاقها وبنزاهتها او بصدقها او بنشاطها أو علمها وثقافتها الخ , بقدر ما يهتم بعذريها, فإذا خسرت المرأة عذريتها خسرت كل شيئ في الحياة , غشاء البكارة يحدد من هي وبدون عذرية تعتبر ميتة ,ان كان عن طريق الاعدام الاجتماعي أو القتل أو الازدراء أو التنصل منها وعزلها لكي تموت ببطئ .
يكتب بعض الدول العربية على الهوية الشخصية في حقل التعرف على الحالة الاجتماعية بالنسبة للمرأة “باكر” وبالنسبة للرجل “عازب” , وقد يسأل سائل لماذا لايكتب في حقل الحالة الاجتماعية “عزباء” ؟ السبب هو تلك المقاربة بين الحالة الاجتماعية وبين العذرية , كيف سيتم التعريف بالمرأة في الهوية الشخصية عندما تتحداهم المرأة بقولها , لست عذراء وأفخر بشرفي,انه جسدي وأنا حرة بطريقة التعامل بما أملك , ولا أسمح لأي كان في تملكي جسديا أو فكريا أو ثقافيا , من يحاول ذلك هو سارق الأجساد ومغتصبها , انه العاهر وأنا لست عاهرة حتى بدون عذرية .
المرأة عبارة عن “بضاعة” يجب أن تكون جديدة ومغلفة ومختومة بغشاء البكارة , للغش هنا عواقب قد تكون وخيمة جدا وقد تصل الى التصفية الجسدية, هناك قصة تحولت الى موال في الصعيد المصري صعيدي اسمه متولي الجرجاوي قتل شقيقته شفيقة لشك في سلوكها , القاضي امتدح الجاني وتعاطف معه وحكم عليه بالسجن شهرا واحدا فقط , هذا هو التصور الشعبي للتعامل مع المرأة ومع قاتلها , تفهم للفعلة وتشجيع الجاني على تكرار فعلته , العقوبة بالسجن شهرا واحدا هو بمثابة تشجيع لتكرار ممارسة الجريمة!
يتم الزواج في بعض الفئات الشعبية بدون حب بين الطرفين , اذا لامجال للتحابب والتعاشق , ممنوع عليه حتى رؤيتها سافرة , والصفقة تتم في اطار مادي يتعلق بالمهر, الذي تتفق عائلة العروس وعائلة العريس على حجمه , هنا لابد للعاقل الا أن يرى في الأمر صفقة تجارية تفشل أو تنجح بالشروط المادية , فهل من المبالغة وصف هذه العملية بالبيع والشراء, فالمرأة سلعة جنسية بقيمة مادية , والذكر مستهلك جنسي بسعر مادي , لذلك تنهار الصفقة عندما يكتشف الشاري بأن البضاعة المباعة معطوبة الغشاء ,هل يوجد أصلا غشاء ؟ وهل في هذه العملية من أولها الى آخرها أي احترام لانسانية الانسان ولمنظومة الزواج البشري , وهل في هذه العملية أي دليل على وجود الشرف ؟.
تزويج المرأة بدون حب وبعد تحقيق الشروط المادية هو المؤسس لما يسمى “الزنى”, المادة جمعت ما لايجمعه سوى الحب , حياة لاحب فيها هي حياة بائسة تحتقر نفسها وتسعى في أول فرصة مناسبة لأن تنتحر , ولو اعتبرنا الزنى قاتلا للحياة الزوجية القسرية الملفقة والمكبلة بالسلاسل المادية , فالزنى في هذه الحالة هو تحرر من سلاسل المادة ومن القسر والفرض ومن ممارسة البغاء الشرعي تنفيذا لاتفاقية بين تجار النخاسة, هل ينحصر الزنى في العلاقات الجنسية ؟؟؟ وهل تزويج المرأة قسرا ليس زنى ؟؟؟واذا كان الجلد هو العقوبة الضرورية لمن يمارس الزنى , فمن يستحق الجلد ؟؟ الضحية أم تجار النخاسة الذين تاجروا بها بالمهر, المهر عهر !!!