يمكن القول تاريخيا أن ما تسمى مقاومة حزب الله نجحت ” تكتيكيا ” في مشروع البقاء لحد الآن , مع مراعاة مضامين البقاء , التي تطورت وتغيرت بعد عام ٢٠٠٦ ,ففي السنين الأخيرة تمكن حزب الله من احتلال لبنان, ولم يتمكن من تحرير القدس , بذلك أصبح احتلال لبنان المضمون الرئيسي لبقائه ووجوده ,لم يتضمن احتلال لبنان وتحويله الى مستعمرة ايرانية اي شكل من اشكال التحرير , العملية شبيهة بتحرير – استعمار بلاد الشام على يد الفاتحين من بدو الجزيرة , اسرائيل نجحت استراتيجيا وحققت أكثر مما تحتاج الى تحقيقه , مثل محو غزة من الوجود وسجن قادتها في الخنادق ثم ممارسة الاستفزاز المستمر لحزب الله وايران وما يسمى محور المقاومة بدعوتهم الى الحسم العسكري , وذلك باستهداف قيادات كل ما يتعلق بمحور المقاومة , دون ردة فعل تذكر من قبل هذا المحور , أو على الأقل على الأقل ليس بالشكل الذي هدد المحور به .
لاشك بأن اسرائيل لاتحب حرب العصابات , لأن حرب العصابات توقع بجنود جيشها خسائر ليست مهمة بشكلها المجرد , الا أنها مهمة بشكلها التراكمي , انها نزيف خفيف ولكنه مستمر ,والاستمرارية تقود الى التراكمية اي ان مقتل جندي كل يوم ليس بتلك الأهمية , ولكن الاستمرارية لمدة مئة يوم تعني مقتل مئة جندي ,وتبعا لذلك يجب ان ترى الخسائر بعين وعقل آخر,اي أن تقيم بشكل آخر .
تمثل حرب العصابات سحرا من نوع آخر ,وعلى هذا السحر اعتمد حزب الله بشكل رئيسي , ولكن حزب الله فوجئ بقيام اسرائيل بحرب عصابات من نوع آخر, وذلك عن طريق الاغتيالات بدون خسائر ذاتية تذكر , الاغتيالات خصت أشخاص القيادات التابعة لمحور الممانعة , هنا نجحت اسرائيل بشكل لم يكن متوقعا ,حتى وصل التهديد بالاغتيال الى شخص نصر الله , الذي لاتريد اسرائيل اغتياله الآن , ولكن من يعلم كيف يمكن للأهداف ان تتغير وتتطور مستقبلا , من ناحية الامكانيات يبدو ان اسرائيل قادرة على تصفية نصر الله .
ايران أعلم منا جميعا بأمر القوى العسكرية ,والواضح ان ايران لاتريد تعريض حزب الله للمقتلة على يد اسرائيل , الدليل هو انعدام او قلة ارتكاس ايران لاستفزازات اسرائيل المستمرة , السبب بدون أي شك ليس مساعدة اسرائيل , انما عدم تعريض حزب الله للانقراض والتأبين , فحزب الله كلف الكثير من المال وأسس قوة عسكرية ليست بالقليلة او الضعيفة , الا أنها ليست بمستوى قوة اسرائيل , لذلك ستنتهي اي مواجهة “وجود” بين اسرائيل وحزب الله بمحو حزب الله من الوجود , وبذلك يصبح المحور فارغا تماما , خاصة بعد التزام سوريا بمبدأ “التفرج ” على الحدث , يمثل مسح حزب الله من الوجود مسح لايران من الوجود في هذه المنطقة , لأن ايران ستصبح بدون أذرعة , نظريا يبقى ذراع الحوثي , وهل يستحق الذراع الحوثي الذكر والاهتمام !!!
لاتتعلق اهمية حزب الله لايران بكونه اقوى أذرعتها العسكرية ضد اسرائيل وضد لبنان الآن , لايران أهداف اضافية منها موضوع تبعية دولة لبنان لها ,لذلك يجب أن يبقى حزب الله محتلا للدولة اللبنانية ومأمما لها , ومن الضروري في هذا الخصوص استثمار قوة حزب الله ليس ضد اسرائيل , انما ضد الفرقاء الآخرين في لبنان , هكذا وظف حزب الله السنين الأخيرة أي تقريبا ١٢ سنة في الداخل اللبناني ولاحقا في الداخل السوري حماية لزينب كي لاتسبى مرتين , بالنتيجة وقع حزب الله في فخ التناقضات , اذ أن الحزب ايد كل حركات الربيع العربي, لكنه تصدى لربيع سوريا عسكريا , وبذلك وجه لسمعتة ضربة قاضية , وما هي اهمية سمعة حزب الله! , فمن يحمل البندقية لايهتم بالسمعة .
تتدحرج الأحداث , التي تظهر ان اسرائيل عازمة على تصفية حزب الله بعد تصفيتها لحماس , بغض النظر عن تصرفات حزب الله , اي ان الحكم على حزب الله بالاعدام قد صدر , لا فائدة من التوبة والاستيتاب ولا فائدة من الوساطة ,اسرائيل عازمة على تصفية حزب الله في اطار توافق بين الحكومة و ٧٥٪ من الاسرائيليين كما أظهرت استطلاعات الرأي , وبذلك أصبح احتلال ايران للبنان مهددا بشدة , يبدو انه لاحول ولا قوة لايران سوى بممارسة الدعاء الى الله بأخذ المشركين أخذ عزيز مقتدر !
لقد اعلن نصر الله عن ندمه عن فعلة اختطاف الجنديين الاسرائليين عام ٢٠٠٦ بتصريحه المعروف تحت اسم ” لو علمت ” ان النتائج ستكون كذلك لما تم اختطاف الجنديين , على فكرة كلفت حرب نصر الله عام ٢٠٠٦ لبنان حوالي ٦٠ مليار دولار , دفع المغترب اللبناني جزءا منها والغرب دفع جزءا ثم الخليج جزءا , ولم تساهم ايران بدولارا واحدا, ومن اجل ترميم اي خراب مستقبلي في لبنان سوف لن يكون هناك متبرعين , هكذا تم اعلام الحكومة اللبنانية المؤقتة ,مرة أخرى دعاء “اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم “, لربما يستجاب له !
COUNT PER DAY
336This Post:
5942014Total reads:
18084Reads today:
601927Total visitors:
332Visitors today:
4Visitors currently online: