البطولة بين الفرد والمجتمع …

ممدوح  بيطار, نسرين   عبود  :

  مايميز    هذه   الشعوب    عن   غيرها  , كان   مجموعة   من   المفاهيم  والممارسات   التي         ادمنت   الشعوب   عليها , بينما   رفضتها   شعوب     أخرى  ,  لذلك  تقدمت   شعوب  وتأخرت  أخرى !  ,  يبدو   أن  مفاهيم  هذه   الشعوب وتصوراتها   لم تستقيم    مع  الحياة الحديثة    المتقدمة  ومتطلباتها  ,  كانت االحرية ولا   تزال   من  أساسيات  الحياة    , فحرية  الاختيار   تتيح   فرصا  للابداع ,   بينما الاستبداد  بطبيعته  ملزما     بالاستتباع ,      الحرية  خلق  وابتكار  ,  بينما  الطاعة   تسليم  وامتثال ,  الطاعة  كانت   الحارس   الوفي   للجمود    ,       تتطلب ممارسة  الطاعة  وجود  التقليد وبالتالي    انتفاء  التجديد  .
   ولد   الاستبداد   من  رحم  “الانصياع”  الذي  يعتمد  على الطاعة  وليس  على  القناعة , الطاعة    عمياء      بطبيعتها  , تلغي عقل  المطيع   وتحذف       ارادته  ,  التي  تحتلها عندئذ   ارادة الاستبداد ,  وبالتالي  يتم اختذال  العقل  ,  الذي  لامهمة  له   في    ظل      الاستبداد سوى ممارسة   الغريزية ومحاولة الحفاظ   عى   الوجود   الفيزيائيي   , الذي     تضمنه  قناة   الهضم  ,   أي خلق   مخلوق     المعلف!!   فالمخلوق  البدائي يتحول  الى مايشبه   القناة  , حيث  يدخل العلف من جهة  , وتخرج الفضلات من جهة أخرى (الانسان      الشرجي  )  , هنا تتكاثر   الطفيليات المستهلكة , ويتناقص   المخلوق       البشري      المنتج المبدع   , من  يسير   في    هذا الطريق  سيصل   حتما     الى العدم والاندثار. 
  لاعلاقة  لمفهوم  الاقتناع  بمفوم  الطاعة , فالطاعة  لاتعبر عن قناعة  , الاقتناع  وبالتالي   الاقناع  يمثل  مشاركة  االعقل    , العقل  العامل الفاعل     يبقى     خلاقا مبدعا ,    العقل المعطل وظيفيا لايعرف   سوى حتمية موته   بعد  ضموره   , نشاط  العقل  وابداعه   يضمن    أنسنة  المخلوق   البشري  وتحضره وتحسن    صيغة  بقائه   وتفوقه .   
 الانصياع  والطاعة  أي  ثنائية  الطاعة  والانصياع  , هو  المضاد الرئيسي لمفهوم  الديموقراطية   , هو   الحليف     الرئيسي   للفكر   الديني  الغيبي  , الذي     طالب  منذ   اول لحظة   لوجوده  بالانصياع   للخالق , الذي   تكاثر على  الأرض    بشكل    آلهة   أرضية ,   الفكر  الغيبي  هو المروج   الرئيسي لطاعة      السلطان ,  أي  طاعة ولي الأمر !, من  يبشر بولي الأمر وقدسيته  لايمكن أن يكون ديموقراطيا  حرا.
  تتمثل   السمة الثقافية  التي تم   توريثها  للاجيال   الجديدة في   هذه   المنطقة    بالادمان على  اجترار  الماضي ,  فما    حدث  ماضيا  كان  اغتيالا             للسلطان   ولم  يكن   ثورة على  التقليد  او  المنهج   أو  السياسة    ,التاريخ  اعاد  نفسه بخصوص   الفصائل  الاخونجية    المقاتلة , فلو  انتصرت           الفصائل      لأتت  بحاكم  أو  حكم    لايأبه  الكثير  من  الناس  بطبيعته  وامكانياته  وأهدافه   وارادته    ونفسيته ,      المهم  هو   التقليد  وجموده ,        بعد   اغتيال  السلطان ,   يأتي  سلطانا  آخر  ,ليس  من  المهم   أن  يكون  أسوء من   السلطان     القديم    ,  الشعوب   “مشخصنة”, منقذها   شخص  ومرضها   شخص   وبطلها   شخص , كل   ذلك  كان   من  معالم       االقرن  الأول   هجري , ومن  معالم   القرن  الحادي  والعشرين  ميلادي  , وسوف      لن   يتغير  مستقبلا  بسهولة   .
 لاتخجل   هذه   الشعوب من  اعتبار     القتلة   ابطالا  , ولا تخجل     من   الاقتداء  بهم ,الفتك  والقتل كان   مضمون كينونة  ابطال      الأمة,  التي   لم      تهتم   بتذبيح    مئات    الألوف من   البشر على  يد   ابن   الوليد  وأمثاله  ,  المهم    كونه  محاربا   شرثا وناطقا   بالشهادتين ,آلة  فتك  وقهر !,كم   هو   مفهوم البطولة    سخيف   عندما    يكون  رمزه    ومجسده   خالد  ابن   الوليد  أو  القعقاع     أو  السفاح   أو   أمثالهم ؟ , بالرغم   من   سوء         الماضي   وفساد   الخلفاء  والسلاطين   , لم  تحدث , خاصة  في  الحقبة العثمانية من الخلافة ,  أي   ثورة  ,     لقد  تمركز  الرفض  والقبول  على  شخص  الخليفة-  االسلطان   واقتصر  امر  التغيير  على ” شخص ” الخليفة-السلطان ,  الذي  قتل من   قبل  الأخ  أو  الابن  او  الزوجة  او الجارية , خليفة    أتى  بارادة  ورغبة  الله  ثم قتل  بارادة الشخص ,  وهل  يعقل  أن  الله  يقتل    خليفته  على  الأرض ؟؟ويأتي  بخليفة  آخر ! ,هكذا  تم  التغيير  بصيغة  الانقلاب الذي   نعرفه   من   الانقلابات   العسكرية ,انقلاب   على   الله من   قبل  الله , وحتى الحروب  الكارثية مثل  الجمل  وصفين  وكربلاء  والردة كانت  بسبب  الشخص   ومن  أجل  الشخص , لا نعرف من اسباب  موضوعية  لمقتل خليفة ان كان عمر او علي أو غيرهم الا الاسباب الشخصية,  كما   هو        الحال  مع  الانقلابات  العسكرية,    التي   تغير  الشخص  وما تبقى  يبقي   على  حاله.  
 تمجد    هذه  الشعوب    الفرد  البطل  كعنترة !,  بالرغم  من  كون البطولة    ظاهرة   اجتماعية  قبل    أن  تكون خاصة  فردية , لم   تصل    الشعوب       بعد    الى صيغة  المجتمع اي   صيغة   افراد   المجتمع   وليس    مجتمع   الأفراد  ,    لذلك    بقيت  البطولة شخصية  فردية , تناسب  كمها  مع   كم التفاني   وافناء  الذات   والغير  والمقدرة  على   ممارسة  الانتحار  ,انه  الشهيد      البطل   المنتحر ! ,  مايميز  هذه الشعوب  كان  كثرة   ” أبطالها”  المتناسب  طردا مع     كثرة  شقائها وكثرة  قتلاها  وأطلالها وعدد  جياعها , حتى البطولة   تشخصنت   ! ,  تتجلى بطولة  المجتمع    في  الحفاظ  على حياة   الناس  ,  وليس بنشر      الموت  ,   لايمكن  الاستعاضة   عن   المجتمع  بالفرد وعن  بطولة  المجتمع   ببطولة  الفرد    ,   من   يفعل   ذلك   يفشل !!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *