كل فئة في هذه البلاد لها علمها الخاص بها , الذي ارتفع بفضل الفصائل الجهادية في سماء ادلب وبفضل كتائب الأسدية على التلال والجبال , حتى كاد يناطح السحاب , كل ذلك كان اسوة بدول العالم المتحضرة , أليست سوريا شعبا وحكما ومجاهدين كبقية دول العالم !, لابل أرقى من بقية دول العالم !, فشعبها بأغلبيته الساحقة وعلى ذمة الرسل هو من خير أمة , وحكمها وخاصة رئاستها , والعياذ بالله, انها مرشحة لكي تحكم العالم بالعدل والديموقراطية والحرية والتقدم , على ذمة أحد اعضاء مجلس الشعب السوري الموقر!
كلنا على علم ومعرفة , بأن العلم السوري غير سحنته عدة مرات خلال القرن العشرين , لكن ألوانه الأبيض والأحمر والأسود والأخضر بقيت على حالها , الى أن أتت الخطوة المباركة في ادلب باضافة عبارة لا اله الا الله عليه , كما فعل صدام بالعلم العراقي , وبذلك اكتمل دين ودنيا هذا العلم المحبب على قلب كل سوري شريف ومؤمن , خيار الألوان لم يكن عبثي , فالألوان تعود الى علم الثورة العربية الكبرى من عام ١٩١٦ , التي قام الانكليز بها وشرفها الشريف حسين بقيادته الرمزية المباركة , الأبيض يرمز الى الحقبة الأموية, والأسود الى الحقبة العباسية , والأخضر الى الفاطميين , والأحمر الى النضال العربي وسفك الدماء .
لقد لفت نظرنا أمر غياب سوريا عن الوان علمها ودلالات الوانه, وكأن عمر البلاد والشعب اقتصر على ١٤٥٠ سنة فقط , هنا سألنا وماذا عن تدمر وزنوبيا وعشتروت وحمو رابي وقنوات الري وماري وابلة وحروف اوغاريت وأول نوتة موسيقى في التاريخ , وابناء مدينة حمص الذين أصبحوا قياصرة في روما الخ ؟, الجواب الصامت كان كل ماقبل ١٤٥٠ سنة يعتبر مشطوب من التاريخ السوري.
نظرا للغة السيف التي لازمت المرموز اليهم في الوان العلم من عباسيين وغيرهم شعرنا بأن تاريخ البلاد قسم الى قسمين , الأول قسم سوريا ” الحرف ” والثاني قسم سوريا ” السيف “, واسمحوا لنا بالقول ,بعد الاعتذار من جل جلاله والمزيد من الاعتذار بسبب وقاحتنا , بأن القسم الأول حضاري والقسم الثاني بربري انحطاطي , الآن تعيش البلاد في انحطاط القسم الثاني للأسف , سألنا عن النية الحكيمة الطيبة في تغييب الآلاف السبعة من السنين وحضور الألف وأربعمئة سنة الأخيرة , لم نحظ بجواب مقنع , لقد وضع غطاءا سميكا على اقدم وأرقى حضارة في التاريخ , حضارة وضعها البدو في القبر وهي على قيد الحياة, وأدوها كما فعل الفاروق بابنته , وعلى القبر جلس السيف والانحطاط وغزواتهم وشهدائهم وفتوحاتهم وخوازيقهم وسباياهم وغلمانهم ,آفاق انحطاطية في معظم مانقرأ ونرى !
لايقتصر الانحطاط على ما نقرأ وما نرى , الانحطاط شمل مانسمع وما ننشد , فما ننشد ونسمع في أسمى المناسبات الوطنية هو نشيد خليل مردم بك والأخوة فليفل المسمى نشيد حماة الديار , حماة الديار عليكم سلام أبت أن تذل النفوس الكرام , وفي النهاية , ومسك الختام يكون طبعا في النهاية, قال مردم بك فمنا الوليد ومنا الرشيد فلم لانسود ولم لانشيد , وكأن ما قام به الفاتحون فعلا سيادة من أفعال “السادة” المحترمين , انه نشيد محاصر بأقبح الدلالات والاشارات , فما هو مدلول السيادة بشكلها البدوي الحجازي , هل السيادة بالفضيلة ؟ أوهل السيادة بخدمة البشرية ؟ أو أن مفهوم السيادة حجازيا بدويا ليس الا ماقام به بدو الجزيرة من سلب ونهب وتجميع غنائم الحرب واغتصاب النساء كما فعل ابن الوليد مع أم تميم , التي اغتصبها بعد أن ذبح زوجها في نفس الليلة , لقد رضي الله عنه وأرضاه لأنه ذبح مئات الألوف من شعوب بلاد الشام , ولكونه خاض وانتصر في ١٠٠ غزوة , اي في مئة عملين نهب و سرقة ,وبذلك تفوق على أعتى قطاع الطرق , لذا حولوه الى قدوة ينشد لها في النشيد الوطني المبجل .
الانتصار في الحروب شيئ , والنجاح في الأنسنة والحياة شيئا آخر , الحيوان المفترس ينتصر في أغلب الأحوال على ضحيته ,فهل يحوله تقطيع فريسته الى حيوان مفترس أفضل ؟ , علي من بقي من شعوب بلاد الشام التغني بالسيف المسلول على رقابهم , المطلوب منهم التغني بانتصاراته المئة في الحروب , ممنوع طرح السؤال عن ضحايا تلك الحروب !, ومن هم هؤلاء الضحايا ولماذا تم تجاهلهم , وما هي صحة مقاربة تجاهلهم مع انتفاء أنسنة الانسان ؟؟ .
الوليد ومن على شاكتله وخلفيتهم الفكرية كانوا فاجعة انسانية -أخلاقية , ولطالما اعتبرته هذه الشعوب قدوة ,سوف لن تتمكن هذه الشعوب من مغادرة الغابة , الاحتماء بالسياق التاريخي كتبرير لأفعال المنتصر في الحروب المئة باطل سابقا ولاحقا , فمبدأ الصلاحية لكل زمان ومكان لايستقيم مع مفهوم السياق التاريخي , تبجيل المجرم امر لا انساني , والاجرام لايموت بالتقادم ولا سياق تاريخي له , البشري يستحق الحياة مع البشر , والحيوان لايستحق الا الزريبة والحظيرة والحظر.
قدوة النشيد الأخرى كانت الرشيد , فحل من فحول البدوية , من معالم عظمته كان وطأه لحوالي ٤٠٠٠ جارية وسبيه لآلاف النساء , مفخرة المفاخر كسلفه وخلفه , طاغيىة لامثيل لها , يقطع رأس معارضه أبي عصمة ويضعه على رأس رمح و يدخل به بغداد , اعتنق وطبق مبدأ “تفصيل الفاسق “, وحتى على فراش الموت تمكن من الايعاز بتفصيل معارضه بشير بن الليث الى أربع عشر قطعة ,أما عن الخوارج والبرامكة وغيرهم فحدث ولا حرج , فالمؤمن الورع هارون كان يصلي كل يوم مئة ركعة! وماذا عن الوقت الضروري للنكاح ؟ من شمائله كان الغزو في سنة والحج في السنة الأخرى , بالتناوب سنة للتكفير عن الذنوب وسنة لصناعة الذنوب , حقيقة لا يختلف الرشيد ومن خلفه وسلفه بشيئ, عن الحجاج وقطف الرؤوس اليانعة , والقعقاع وغيرهم ,كلهم قدوات لهذه الشعوب , ماذا ننتظر من شعوب قدواتها ابن الوليد او الرشيد ؟؟ , انظروا الى التخلف والانحطاط والعنف والاجرام وسوء الأخلاق والتعفيش وبتر الرؤوس و …و…وهل للوليد والرشيد علاقة مع الرؤوس المتطايرة