ممدوح بيطار , ربا منصور :
لربما سيكون عدد من سيستهجن فكرة تحدي المرأة للروح العربية الدينية البدوية كبيرا , لكن طرح فكر التحدي سيلاقي بالمقابل انسجاما مع معظم الفكر العالمي المتقدم , ومع المفكرين العالميين مثل كانت ودعوته الى التحدي والشجاعة في موجهة الاستغلال والاستعباد الذكوري والديني للمرأة , تمثل مواجهة الاستعباد انبل القيم الاجتماعية الهادفة للحفاظ على الحياة عند الأحياء , لالزوم للحفاظ على الحياة الوهمية عند الأموات , اذ لاوجود للحياة في الموت أو بعد الموت , ولا وجود لمعنى للحياة في ظروف القهر والاستعباد والاحتقار,الممثل لاغتيال الانسان .
لماذا تمارس الذكورية قهر المرأة اي القهر الاجتماعي ؟ الجواب على هذا السوآل ليس ضروري في المجتمعات المتقدمة , التي لاتقهر المرأة , الا أن البحث عن الجواب ملح وضروري في المجتمعات المتأخرة , أصلا لاوجود لقهر المرأة سوى في تلك المجتمعات المتأخرة , اي في المجتعات “العضلية”,التي توفر للذكورية البدائية ما تسمى ” الغلبة ” العضلية, التي تترافق عادة مع توحش رهيب قوامه نقص مريع في التمكن من ادراك القلق والخوف والتعاسة عند الطرف المقهور , اي أن الارتفاع النسبي في العضل يترافق من انخفاض نسبي في مقدرة العقل والادراك .
يترافق العضل البدائي مع معتقدات في الغالب دينية , تعرف القهر وتمارسه بشكل يعكسة ولا يعاكسة ,كأن تقول القيم , التي انتجها هذا المعتقد الديني , بأن رفس المرأة واذلالها انما هو تكريما له ولها , من التكريم لها اعتبارها ناقصة عقل , ومن التكريم لها تحريرها من القيام بواجبات الشراكة الزوجية , فعدم القيام بواجبات الشراكة يعني راحتها , وراحتها تعني تكريمها , مثل اعتبار شهادتها تعادل في قيمتها شهادة نصف رجل , انما هو مراعاة انسانية لذاكرتها الضعيفة ولاديا , هنا يلتبس على العقيدة موضوع العقل والعضل , فالعقل ليس عضل, ووظائف العقل اي الذاكرة مختلفة بشدة عن وظائف العضل,علميا ذاكرة المرأة اعمق وأوسع من ذاكرة الذكر! .
لايمت أمر التكريم الادعائي للمرأة الى مراعاتها والخوف عليها بأي صلة , انما للخوف منها , خاصة في عصر لم يعد للعضل قيمة تذكر,اذ لم تعد للبنية العضلية تلك القيمة القديمة, لذلك يخاف الذكر على مكتسباته العضلية , التي تهددها المرأة بعقلها , هنا تحاول الذكورية ممارسة الامعان في القبض على رقبة المرأة ومحاولة وأدها اي وأد جنسها الاجتماعي مستعينة بكل أنواع الخرافات والتحايل والتعتيم الى درجة الكذب والنفاق المعرفي والأخلاقي , كل ذلك كان أكذوبة كبيرة لاتقل عن كونها جريمة بحق الانسانية , ساعد الفكر الديني على ارتكاب هذه الجريمة مقنعا بأقنعة ملائكية وفي حقيقتها اجرامية شيطانية , وباستعداد نفسي لممارسة العنف بأشكاله المختلفة من لفظي الى عضلي جسدي , الدين وقف للمرأة بالمرصاد بعشرات من الأسلحة مثل سلاح السماح للذكر بضربها , وسلاح حرمانها من الوصاية على الأولاد ثم سلاح الآية والقوامة وسلاح احتكار اللذة الجنسية ثم سلاح قوانين الأرث , حتى سلاح القبض على المرأة سجينة في البيت , اذ لايحق لها شرعيا الخروج من البيت سوى بعد أذنه , اضافة الى كل ذلك ومن شاكلته هناك العديد من الأحكام اللاغية لمساواة المرأة مع الذكر في الحقوق والواجبات , هنا سنخرج قليلا عن الموضوع لنسأل كيف يمكن تحقيق المساواة بن أفراد المجتمع على يد سلطات الدولة , عند شرعنة عدم المساواة داخل الأسرة!!!.
لايختلف الانسان العربي ولاديا عن اي انسان آخر ,لكنه تربويا وبيئويا مختلف بشدة عن غيره من الناس , والاختلاف عن الغير ينحصر بشكل رئيسي في امتلاء حياته بالآليات الدينية القهرية , التي تعطل استقلاليته الفكرية , لطاما وقف العموم الى جانب وجهة دينية, يستصعب هذا الرجل او الذكر مواجهة عدة جبهات بآن واحد , جبهة ضد العموم وجبهة ضد انانيته الذكورية ثم عدم الجرأة على تكفير نفسه اضافة الى كونه اصلا ذكوري مشوه مبتلع فكريا من قبل سطوة الدين,الممثل لجو ثقافي تراثي ووحدة نسيجية اجتماعية كسلطة منتفخة ومزودة بكل فنون الترهيب والترغيب والكذب , انها تزعم تقديم خدمات مقدسة مجانية مقابل الطاعة والانصياع لها واعتبارها ممثلة للحق والحقيقة , التي لايأتيها الباطل من أي جهة .
يريد الحس المشترك الجمعي الشعبوي الايحاء بأن المرآة معززة مكرمة ومكانتها الاجتماعيىة عالية وحقوقها مصانة , وفي نفس الوقت يتم التستر النمطي على التعامل معها على اساس كونها مخلوق في صورة حيوان يشترى ويباع ويذبح ايضا عند الضرورة حماية لما يسمى الشرف , وقاحة البعض خاصة من رجال الدين وصلت الى حد اعتبار سبيها فضيلة وفائدة لها , تحولها الى جارية نكاح تشريفا لها وضربها في حالة تمنعها عن المناكحة واجب اخلاقي كما عبر عن ذلك قبل ايام فقيه مغربي , كل ذلك يمثل اعلاء لكلمة الله , التي على كل انسان أن يؤمن بها ويمارس ما تتضمنه من قواعد وأحكام , وان لم يفعل ذلك فمصيره جهنم والشي على النار , حقيقة لانعرف من التاريخ سفاحا او مجرما او حتى مختل عقليا مارس ما اراد عز وجل ممارسة من عقاب لمن خالفه , فعز وجل كما يقر ويعترف ذباح نباح سفاح لم تعرف البشرية شبيها له , ومن أجل نشر عقيدته الاجرامية لا يتردد في ارتكاب اي جريمة منكرة , من قتل العقل الى افناء الجسد الى بقية اشكال التدمير والتعذيب , التي يخجل اي طاغية ارضية من ممارستها ,وعلى من يشك بذلك عليه مقارنة ذلك الجور والظلم السماوي بنظيره الأرضي , اذ ليس من المألوف ان يعاقب الطاغية الأرضي من يدير ظهره له بالقتل كما هو معروف عن حكم الردة ,ولا يستبيح كل طاغيىة على الأرض دم معارضيه كما يستبيح السماوي هذا الدم , وليست أكثرية سجناء طاغية الأرض من النساء, كما زعم ابن عبد الله بخصوص نزلاء مواخير جهنم .
لايتسع المجال لتقديم مقارنة كاملة بين الطاغيىة السماوي والطاغية الأرضي , لكن بالمجمل يمكن الاعتراف بتقدم طاغية الأرض على طاغية السماء خاصة أخلاقيا وفي بقية المزايا أو المجالات الأخرى مثل الحق والرحمة والانصاف خاصة أفق الأمل بتحسن شروط حياة انسان الأرض بغياب الطاغية الأرضي بسبب الموت او غير ذلك , بينما طاغية السماء ابدي أزلي لايحول ولا يزول …للبحث تتمة
