عثمان لي :
الفشل في العالم العربي معمم , يسار ويمين ووسط وغير ذلك , لا وجود لنموذج نجاح سوى في العلمانية التي تنتشر ببطئ, ولكنها لم تحكم لحد الآن في اي دولة عربية, ولم تؤثر لحد الآن بشكل ملحوظ على اي مجال من مجالات الحياة , سوى مجال التنوير خاصة حيث يسيطر الفكر الديني لحد الآن , لاتمثل مواجهة الفكر الديني شجاعة نادرة , فهذا الفكر مصابة بجرثومة الفشل الحتمي وسينقرض تلقائيا بدون جهود معارضيه , سيقضي نحبه نهائيا على يد ممارسته لاجترار الفكر الميت الذي سيسممه ويميته عاجلا أم آجلا .
على كل حال اجد ان معظم المجالات او التيارات , التي عليها ان تقوم في منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى كانت تيارات وتطورات عجائبية غريبة عن الفهم البشري , مثال على ذلك شعار البعث الذي ينتهي بالاشتراكية , التي لم يفهمها ضباط البعث الانقلابيين , ولم يفهموا غيرها أو اي شيئ آخر , الاشتراكية تحمل حلولا لاشكاليات المجتمعات الصناعية الرأسمالية وليست حلولا لمشاكل مجتمعات بدوية او مجتمعات ماقبل الدولة ,مجتمعات لم تصل بعد الى الطور الزراعي .
كذلك كان أمر الشيوعية التي تم تبنيها من عدة فئات عجائبي ايضا , اذا أنه لاشيوعية بدون “عمال” ولا عمال بدون صناعة , اين هي الصناعة في هذه الكيانات التي سميت دولا ؟ لم تكن تلك الكيانات سوى تجمعات قبائل مارست رعي المواشي في مناطق الماء والكلأ , من عجائب هذه المنطقة كانت يقظة الدين بشكل الاخونج عام ١٩٢٨ , تلك اليقظة الممثلة للخروج من التاريخ ومن يخرج من التاريخ لايصنعه .
من عجائب الفكر القومي العربي كان دمج الدين بالدولة, كما عبر عن ذلك ميشيل عفلق بقوله العروبة اسلام والاسلام عروبة , في حين قام الفكر القومي الأوروبي بفصل الدين عن الدولة ,وفي اوربا نمت الطبقة الوسطى اي البورجوازية , اما في هذه المنطقة فقد تكاثرت الطبقة الفقيرة والغيت الطبقة الوسطى ثم ساد الفقروالفقراء والجياع , بينما تملك حوالي ٣٪ من الناس ٩٥٪ من البلاد , اي ولد اقطاع رأسمالي مريع , اعتمد في ولادته ونموه على ريع الفساد , لم يتكاثر الأغنياء انما تناقص عددهم , ومن بقي منهم من القلة القليلة جدا أصبح ثري اسطوري .
من عجائب الدهر في هذه المنطقة تفوق ماسمي رجعية على ما سمي تقدمية ,الفشل الأعظم كان من نصيب الأنظمة التي أطلقت على نفسها تقدمية , بينما تمكن الرجعية العربية من احراز بعض الاستقرار والتقدم , لاشك بأن البترول لعب دورا ليس بالقليل , الا أن البترول لم يكن كل شيئ , لبنان الرجعي ذو النظام التحاصصي الطائفي الغير بترولي تقدم على الدول “الثورية ” التقدمية , وكذلك تونس ابو رقيبة كانت ولا تزال في المقدمة ايضا بدون بترول وبدون حزب البعث العربي القومي الاشتراكي , الذي تمكن من القضاء على دولتي سوريا والعراق .
مهما كان اسم هذه الكيانات , يمكن الجزم على أنها لم تكن اشتراكية او شيوعية علمانية أو يسارية , كلها كان بشكل ما تارة بجلابية وتارة أخرى بالبدلة العسكرية , لم يكن بينهم فروق اساسية انما تعارضات تنافسية على كرسي السلطة , التي جلس عليها اليمين الديني باسماء مختلفة , بوجد المرض الديني المستشري لاوجد لليسار ولا وجود للعلمانية وبقية النظم والمناهج التي ترعى الدولة في المناطق المتقدمة