ممدوح بيطار, ربا منصور :
يسمح التأخر الاجتماعي في هذه المنطقة بانجاب العديد من السلبيات , منها وهم البطولات الفردية , على العكس من ذلك تكاد تخلوا المجتمعات المتقدمة والقوية والراقية من البطولات الفردية , اذ لاوجود للبطل الفرد في اليابان ولا في ألمانيا ولا في كل أوروبا …الشعب هناك هو البطل !!.
كانت البطولة تعني قوة الجسد والجرأة القتالية, التي تتجسد تجليا في ساحات الوغى ومواقع القتال, لذا لم تكن تطلق صفة البطولة على كل من حمل سيفاً أو شارك في معركة, انما تمنح لمن أبدع في السيف والقتل والذبح ,لذا وضع المبدع في السيف واستعمالاته في مكان متسام بين أقرانه من حيث التميبز والرفعة, في تلك العصور كان الأبطال أشخاصاً حقيقيين يؤدون مهمات حقيقية يتجلون بها , وينالون لذلك وسام أو صفة البطولة .
لكن مع الثورة الصناعية في الغرب , التي شهدت إختراع الآلة… آلة الحرب ايضا , وانتشار المساواة والديموقراطية , هبط مستوى البطولة الفردية إلى مراتب دنيا, تمثل ذلك بظهور حركات وشخصيات سخرت من مفهوم البطولة القديم وكسرت المفهوم البطولي , أبدع شارلي شابلن في السخرية من البطل الفرد , فعل ذلك لوريل وهاردي وغيرهم , الملفت للنظر كانت المواصفات الجسدية لهؤلاء مثل شارلي شابلن , والتي لاتستقيم مع مواصفات الأبطال المترسخة في الخيال الشعبي والتراث الموروث , لم يعد مفتول العضلات بطلا .
أما في هذه المنطقة المتأخرة فلا يزال مفهوم البطولة الفردية قائما , ولايزل مفهوم البطولة عنفي حربي , ومؤسس على تقافة القتل والاغتصاب والنهب وغنائم الحرب , التي اصبح اقتناصها بطولة , فسيدنا خالد ابن الوليد “بطل” , لماذا ؟ لأنه ذبح خلال بعض الأشهر , حسب ادعاء المشايخ (وجدي غنيم) ٤٠٠٠٠٠ من سكان سوريا والعراق, ولأن دم المذابيح لون مياه الأنهار بالأحمر ,وباللون الأحمر كان التفاخر , لابطولة لفرج فودة وانما له الرصاصة في قلبه , ولا بطولة لأنطون سعادة ولا لنزار قباني أو للعروي أو جورج طرابيشي أو لعلي الوردي أو لحسين مروة , أحمد النعيمي أو أحمد مطر أو محمود درويش أو …الخ , مفهوم البطولة الفردي كان في هذه البلاد مشوها ومحصورا بالعنف وبأكثر البشر عنفا مثل عقبة بن نافع وابن الوليد وعمرو ابن العاص , ثم بالشهيد الذي قتل قبل ان يقتل وغيرهم , الشهيد القاتل أو المنتحر واسمه المعلق على باب المدرسة وعلى الشارع والجامع وغير ذلك من المرافق العامة .
لكن ماذا عن بطولة الشعب وانجازات الشعب , بما يخص الحرص الجماعي على الوطن وابراز الصيغة المجتمعية للانجازات المدنية الحضارية , وماذا قدم هؤلاء الشهداء سوى موتهم وموت غيرهم ؟؟ واين هو الوطن الذي رقوه ورفعوه ومدنوه , وهل اوطان قوافل الشهداء متقدمة وفي أحسن حال ؟ , لم تترق الأوطان بالشهادة والموت والانتحار , الأوطان تتقدم بالحفاظ على الحياة , وموت الناس موازي لموت الأوطان , لاتزال هذه الشعوب للأسف حضاريا مع عنترة وأبو زيد الهلالي والزير سالم , وحتى عدم وجود هؤلاء حقيقة لم يمنع الخيال المريض من اختلاقهم واختراعهم .
لتتويج ” الأبطال ” علاقة أساسية مع المستوى الحضاري الاجتماعي, فكلما تدنى المستوى الحضاري الاجتماعي , ارتفع مستوى التخلف , والتخلف ارغم هذه الشعوب لاعتبار معتوه كصدام حسين بطل وأشباهه كالسنوار أبطال , لاتزال الشعوب مع الفردية ولا تزال الشعوب جماعات ومجتمعات أفراد ,لم تتحول الشعوب ألى أفراد في مجتمع .
لقد تدعشنت الشعوب وتعنفت وتحولت الى جماعات عزاء لتأبين ماهو جيد في الانسان , الرموز التي حولتها الشعوب الجاهلة الضالة الى ابطال , ليسوا سوى هوايش مجرمين , بدءا بالذبيح المغتصب ابن الوليد وليس نهاية بالذبيحة والشبيحة وتجار النساء بالمزاد العلني , الوحشية استيقظت في الكروش وفجرت العقول وحرقت الوجدان وحطمت مابقي من أخلاق وقيم , تراثيون أمويون وعباسيون وسلجوقيون , واليهم تريد الشعوب العودة , لابل تريد العودة الى ماهو اعتق منهم ,تريد العودة الى الوحش البشري والى الكهف والنوم مع أهل الكهف الى الأبد .
تنحصر بطولات الرموز بتكريس العنف , وكأن العنف ممارسة لواجب أخلاقي أو فضيلة أو نوعا من الصلاة والزكاة , انه الكسل العقلي والتشوه الفظيع في ثقافة شعب يبارك القتل والعنف وتقطيع الأوصال والتمثيل بالجثث , كل ذلك كان ممارسات مروعة من أجل صناعة الأبطال المجاهدين , ومن أجل القفز الى عالم الحور والخمور, هل القتل وما مارسه ويمارسه ” ابطال ” هذه الشعوب هو الطريق للوصول الى الله واكتساب رضاه ومرضاته ؟ وهل ينحصر التقدم والترقي والأنسنة باكتساب رضا الله ومرضاته , ياللعار ! كم هو ذلك الله قاتل ومتأخر !