بدون مقدمات ندعي بأنهم جميعا ارهابيون بامتياز , أسدية وفصائلية وكل من أطلق رصاصة في البلاد , ولتغطيه ارهاب جهة معينة تؤكد جهة على أن الجهة الأخرى ارهابية , بالنتيجة لا وجود لأكثر من الارهاب في سوريا , ولا وجود لأقل من الذين يحاربون الارهاب في سوريا , كلهم مارسوا ويمارسون الأرهاب بتفنن وابداع ارهابي وبأطياف الارهاب الكاملة , والبعض منها غير مسبوق عالميا وتاريخيا .
أخطر أشكال الارهاب التي مارسها الجميع كان الارهاب الفكري , الذي يعتبرالمصدر الأساسي لأشكال الارهاب الأخرى , مثلا ارهاب اقتصادي , أو اجتماعي أو ارهاب الدولة الخ , يتأسس الارهاب الفكري على انعدام أو نقص فرص التعبير عن الرأي وعلى ولادة خاصة الخوف (سوريا الأسد هي جمهورية الخوف ), مما يجعل التربة خصبة لنشوء أنواع الارهاب الأخرى .
الارهاب الفكري موجود حقيقة في كل المجتمعات بنسب مختلفة جدا , وأشد أنواع الارهاب الفكري تتواجد في المجتمعات المنغلقة والشمولية ,
يتجسد هذا الارهاب في ممارسة العنف والاضطهاد ضد أصحاب الرأي الآخر , وذلك من خلال تنظيمات سياسية أو عائلية أو دينية , وفي سوريا مارس البعث هذه المهمة من خلال أجهزة “الأمن ” التي تبطش بالوعي والفكر والذاكرة وغريزة الكلام ,كما انها تبطش بالانسان عن طريق الاستخفاف بعقله وممارسة تلقينه وترويضه على الذيلية والتملق والمواربة , كما يحدث في المدارس , اذ كان على التلاميذ لعشرات السنين الاجابة كل صباح على سؤال من هو القائد الى الأبد , هنا صدح الجواب من التلاميذ ,حافظ الأسد!!!! , والتكرار يقود بعد فترة فعلا (غوبلز) الى التيقن من أن الأسد هو القائد الى الأبد !
مقارنة سريعة بين الارهاب الفكري والارهاب الجسدي , تقود الى التيقن من أن الارهاب الجسدي تافه اذا ماقورن بالارهاب الفكري , اذ ان الارهاب الجسدي يقتصر على الفتك والبطش بالجسد ,ارهاب القاعدة كارهاب الأسدية وكارهاب الفصائل ,وقد يكون ارهاب الأسدية أسوء بعض الشيئ من ارهاب القاعدة , فارهاب الأسدية الفكري يتضمن في ممارسته ونتائجه ارهابا جسديا, أما الارهاب الجسدي عند القاعدة فلا يتضمن بالضرورة ارهابا فكريا , فالقاعدة لاتتعامل بالفكر وانما بالأمر , وقد يكون مقاتل القاعدة أقل ضررا من مقاتل الشبيحة , وذلك على الرغم من كون البنية الارهابية التحتية عند الجهتين متوازية .
قد يكون الشبيح في مركز سلطوي أكثرتخريبية من القاعدي في مركزمعارض للأسدية , كما أن المعايير التي تطبق على المركز السلطوي هي غير المعايير التي تطبق على المركز المعارض لها , افرازات الارهاب من مركز معارض هي غير افرازات الارهاب من مركز سلطوي , فالمركز المعارض لايتمكن من ممارسة الارهاب الفكري كما يستطيع المركز السلطوي ممارسته , ثم ان معالجة الارهاب المعارض أسهل من معالجة الارهاب السلطوي, فالسلطة تهيمن على شكل البيئة العامة في البلاد , أي البيئة الحاضنة للارهاب مثلا أو البيئة الحاضنة للديموقراطية والسلمية وصيانة الحقوق والحريات العامة واحترام الرأي الآخر, والحيلولة دون أي انتهاك لهذه الحريات , امكانيات الارهاب المعارض مقارنة بارهاب السلطة محدودة جدا في هذا المجال ,
لايستطيع الارهاب المعارض تحويل تلميذ المدرسة الى ببغاء , لأنه لايسيطر بشكل عام على المدارس , ولا يسيطر على الاعلام ,وبالتالي فان المقدرة على تحويل المجتمع الى قطيع ببغائي متوفرة عند الارهاب السلطوي أكثر من توفرها عند الارهاب المعارض .
لنأخذ شكلا آخر من أشكال فراخ الارهاب الفكري مثلا الارهاب الاقتصادي , ففي مجال الارهاب الاقتصادي من الصعب تشبيه ارهاب السلطة بارهاب الجهة الارهابية المعادية لها , ارهاب السلطة الاقتصادي أكثر ازمانا وحماية , والارهاب الاقتصادي المتمثل بافقار الناس أشد تأثرا بالسلطة من تأثرة بالارهاب الذي يعارضها , السلطة تصنع القوانين وتصدر المراسيم التي تمكنها من نهب البلاد , بينما يقتصر نهب الارهاب المعارض لها في معظم الحالات على سرقة أموال الدعم التي تصلها من جهات خارجية , فلولا السلطة لما بلغت مسروقات لص سوري كرامي مخلوف وأشباهه عشرات المليارات, ولما بلغت ثروة رفعت الأسد أكثر من عشرين مليار دولار ,وجميل الأسد أكثر من خمسة مليارات , والى أصحاب المليارات انضمت الآن عائلة الأخرس, افقار الناس هو الشكل الرئيسي لارهاب السلطة , بينما يمثل ذلك الشكل الثانوي للارهاب الاقتصادي للجهة الارهابية المعاية لها ,انه الفرق بين المليارات وبين الملايين !