ممدوح بيطار ,سمير صادق :
هناك عدة طرق للتعرف على انتماء الانسان وهويته , فأمر الانتماء محدد بمكان الولادة , ولايخضع للارادة , من ولد في سوريا فهو سوري انتماء , أما الهوية فهي شيئ آخر , الهوية خيارية , أي أنها تخضع لأحكام القناعة , ولدت في سوريا وأريد ان تكون هويتي صينية , اذن أنا صيني هوية ومولود في سوريا انتماء , فمن يعيش طوعا في سوريا ويحمل الهوية الشخصية السورية الى جانب قبوله أو اختياره للهوية السورية ,هو سوري شاء العروبيون والاخونج ام أبوا .
سوريا كدولة هي دولة سورية , لأن جغرافيتها سميت سوريا قبل عدة آلاف من السنين , سوريا ليست عربية وليست فرنسية أو هندية الخ , لاعلاقة للهوية بارادة الآخرين , كأن يفرض العروبيون على غيرهم هوية عربية , ولا علاقة لها بالحسب والنسب والعرق أو الجذور التاريخية , خيار الهوية شخصي بالمطلق.
جوليا دومنا سيدة سورية من مدينة حمص السورية , ليس من المعروف عنها أي علاقة مع العرب , علاقتها كانت مع روما , ومن عائلتها كان هناك عدة قياصرة في روما , اي مواطنين رومانيين , ولا علاقة لكل ذلك مع الجزيرة العربية , انها كزنوبيا , فزنوبيا كانت ملكة في تدمر , وتدمر تقع في سوريا , لذلك فان مملكة تدمر سورية لا أكثر ولا أقل. .
امريكا أمريكية وفرنسا فرنسية , وهكذا ألمانيا المانية واليونان يونانية ومصر مصرية .. الى آخره , هناك على سبيل المثال ٨٠ مليون أمريكي من أصول ألمانية , وهؤلاء امريكان ولا يريدون ان تحتل المانيا أمريكا , ولا ان تعتبر أمريكا ألمانية , لأنه هؤلاء يريدون العيش كأمريكان ولا يريدون ممارسة استعمارا داخليا في أمريكا , هناك في سوريا فئة تريد اعتبار سوريا عربية , وهذه الفئة لاتقوم بذلك من أجل عيون شكري القوتلي أو غيره , انما من أجل عيون ابن الوليد وابن الخطاب , تقوم هذه الفئة بذلك لأهداف سياسية معروفة , انه استعمار البلاد من الداخل كاستمرار للاستعمار العربي – العثماني من الخارج , وهذا واقعيا ما قام به العروبيون بالاشتراك مع الاخونجية في القرن الأخير .
هناك من يريد هوية عربية للسوريين ,ولكن الكثير من السوريين لايريدون تلك الهوية لابل يخجلون بها , ولا يريد هؤلاء ان يحكمموا من قبل العرب او العروبة , ليس لأن حكم العرب بربري , وهو في الواقع بربري , انما لأن الخيار الشخصي يريد هوية سورية , لاخجل بالهوية السورية , لأن الهوية السورية قدمت الكثير من الايجابيات للبشرية ولعصور طويلة , فمن ينظر الى سوريا يجد آثار حضارة عظيمة , بغض النظر عن مكانة الحضارة السورية المادية المرموقة , والتي بقيت آثارها شامخة لحد اليوم , هناك الحضارة الانسانية , التي تتجلى بالسوريين ومحراثهم وابجديتهم , الأمر لايمت للتفاخر المرضي بصلة , انه سرد حيادي للتاريخ .
لايريد البعض الهوية العربية , لأن هذه الهوية لم تقدم سوى المذلة ,مذلة الفتوحات ومذلة ثقافة السبايا والسرقات , مذلة مفهوم الحق البدوي , ومذلة اخضاع العديد من الشعوب بالسيف , مذلة الاعتداء على الآخرين , ومذلة احتلال اسبانيا لمدة سبعة أو ثمانية قرون , ثم مذلة التوجه شرقا الى الهند , ومذلة تقتيل الهنود , وتذبح الناس في العراق على يد ابن الوليد , حتى أن وجود ابن الوليد وغيره من امثال ابن العاص وعقبة بن نافع وصلاح الدين الايوبي , ثم الخلفاء من اولهم الى آخرهم هو مذلة ,كل ذلك تجلى بمذلة اكبر هي استعمار سوريا ثم تحويلها الى حطام بعد ١٤٠٠ سنة , موزعة بين عرب الجزيرة وبين سلاطين آل عثمان .
نقول , انه ليس من المعقول , أن تحكم الخلافة هذه البلاد لمدة ١٤٠٠ سنة , دون أن تترك أثرا عن انجاز شيئا جميلا , لا أجد هذا الشيئ , ولا نعرف ان كانت التكية السليمانية تمثل شيئا يذكر, وجود البدو الحجازي والبدو العثماني في هذه البلاد ولتلك الفترة الطويلة كان كارثة كبيرة!
