في المذهبية الاجتماعية ..

سيريانو  , نبيهةحنا  :

الأهرام تستطلع آراء أساتذة بارزين الفلسفة العربية.. تواجـه أسـئلة مصيرية كبرى - الأهرام اليومي الحراك السوري مذهبي في  الجوهر  ويتمذهب أكثر ,والسلطة  مذهبية  وتتمذهب  أكثر , السبب   هو   التراث المذهبي المهيمن  منذ  ١٤٠٠   سنة ,حتى   أن  المجموعات ذات الصبغة السياسية تتنكص  وتتقمص  الآن ومن جديد  حدودا مذهبية ,فبدلا من البعثي أو الشيوعي أو أو الاشتراكي , ينطلق العديد  من  محركي هذا الحراك  الآن من قواعد طائفية دينية  , لا تتمثل  الكارثة الحضارية   بوجود نظام قمعي أو وجود بعض الفرق  الجهادية فقط  , وانما في تدني  مستوى التعامل السياسي الى حضيض عنف الطوائف والمذاهب, أي أن الوضع طائفي بامتياز ,لأنه   لم يكن طيلة القرون الأربعة عشر الأخيرة غيرذلك .

من  هو المسؤول عن هذا التدني ؟؟كل جهة تقول الجهة الأخرى , فالسلطة  قالت انها حصن العلمانية , وانها لاتقبل بما هو طائفي ,أو يحرض على الطائفية , والفصائل  المسلحة  الجهادية  قالت   انها سلمية  ولا علاقة لها بأي طائفية  ,وما قاله  العرعور وغيره هو عرعرة لا   أكثر , والانطلاق من المساجد كان  ضرورة , اذ أن الانطلاق من الساحات العامة  أمر خطر ,ولكن   التظاهر   في   الساحات  العامة  لم   يكن   على  ما  يبدو بتلك   الخطورة , ثم التكبير واسماء   الجمع    الرمزية  وغير ذلك من التمظهرات  الفئوية الدينية مثل   التذبيح على اساس   الهوية  المذهبية ..اليزيديين  مثلا , انما هو نوعا من العادات والتقاليد  الشعبية  , التي لاتخفي ورائها شيئا من التفريق الديني أو  الطائفية , أي بكلمة مختصرة ,السلطة غير مسؤولة , والتيار الديني غير مسؤول ,فمن هو المسؤول ؟؟

لم يبق  عمليا  الا المعارضة المدنية  العلمانية ,ولايمكن لعاقل أن يتهم هذه المعارضة  بالتهييج الطائفي , لأن الطائفة والطائفية لم ولن تكن ركنا   من أركان  تفكير هذه  الفئة , وليس لهذه الفئة أي مصلحة موضوعية في القيام بتفتيت ذاتها طائفيا , اضافة الى تفتتها السياسي,هناك حقا الشيوعي والبعثي والسوري القومي والاشتراكي  والعلماني والملحد والمؤمن ..الخ, ولا علاقة لهؤلاء أصلا بالتنكص الطائفي الفئوي .

نظرا الى ازمان وتأصل التفكير والممارسة الطائفيةالحتمية   بوجود   طوائف  الدين   في سورية وغيرها من دول المنطقة  , أرى ان البنية الطائفية المزمنة  هي الأصل في تكوين هذه المجتمعات   المريضة  ,  وهي الأصل أيضا في فشل هذه المجتمعات  في انشاء دولة المساواة والحرية والديموقراطية ,وأن المدنية  العلمانية هي  حالة “طارئة”لحد   الآن  , وقد أحببت استخدام كلمة “طارئة ” لأن أحد الصحفيين استخدم هذه الكلمة  بخصوص الطائفية , وقد أراد هذا الصحفي القول , انه لاتوجد طائفية متأصلة في المشرق ,الطائفية حالة “طارئة ” في سوريا , لقد استعمل الاسم ليس على المسمى الصحيح ,وان  كان هناك شيئ “طارئ”  وجديد فهو المدنية السياسية .

لما تدعيه السلطة  والجزء الجهادي من المعارضة شيئ من الصحة ,  هؤلاء لم يبتدعوا  الطائفية , وانما أقتصر دورهم على تنميتها وتنشيطها وممارستها  واستثمارها   لتوسيع  القواعد الشعبية , التي تحتاجها السلطة ,ويحتاجها التيار الديني  الجهادي أيضا , فالسلطة جمعت حولها ماهب ودب من المرتزقة الدينية والاقتصادية والأمنية , الا أن الطابع المذهبي  وأخيرا  المذهبي-العائلي  في تطورها كان  الطاغي , والتيار الديني الجهادي ليس بحاجة لأن يتطور باتجاه الفئوية الطائفية , انه  طائفي صرف منذ١٤٠٠   سنة ,لا جديد في  نشوته    الأخيرة ولا جديد طفرته   السياسية   الأخيرة  ,لقد  كان   سياسيا  منذ   البداية .

وضوح طائفية   التيار  الديني  قاد الى تراجع البعض عن دعمه والسير في ركبه , ولم يقتصر أمر هؤلاء على الابتعاد عن التيار الجهادي , وانما ابتعدوا أيضا عن فكرة الثورة بشكل عام , وذلك لاعتقادهم بأن هناك فقط  خيارا من خيارين , اما السلطة الطائفية , أو المعارضة الجهادية الطائفية   ,وكل  منهم  أسوء   من  الآخر  , وهذا البعض الذي يتمثل بالقوى المدنية والعلمانية تاه  بين رفضين , رفض السلطة ورفض المعارضة الجهادية , ولم يستطع لحد الآن من تكوين انتماء فاعل  وواضح المعالم ,ولعدم فاعلية التيار المدني أسباب عدة , من أهمها  احتلال الساحة السياسية  من قبل أقطاب لاتجيد الا ممارسة العنف ,ان كان سلطة  أو معارضة جهادية , وفي جو يسيطر عليه العنف وتبادل اطلاق النار ثم القتل والقنص , لا مكان لهذا  التيار المدني, الذي أقصي عن الساحة , التي لم   تعرف  الا الهمجية والوحشية .

سيطرة الهمجية والوحشية على الساحة السياسية  لم تسقط من السماء , وانما هي من انتاج الهمج والوحوش , وهل بمقدور هؤلاء انتاج شيئا آخر ؟؟؟الذئب يفرخ ذئبا والثعلب ثعلبا والحمار حمارا ,  سوريا   أصبحت تحت قيادة  الذئاب والثعالب والحمير   , ولا حاجة للكثير من الذكاء  لكي نعرف  , على أن السير تحت قيادة هؤلاء  ستقود الى الهلاك , والسؤال كيف نستطيع تغيير المسيرة ؟ يبقى بدون جواب واضح 

في المذهبية الاجتماعية ..” comment for

  1. ملاحظات في علم الاجتماع الإسلام

    محمد لفته محل

    علم الاجتماع الديني ممنوع في الجامعات العربيةوبذلك لازالت الشعوب بعيدة جدا عن وضع الدين تحت الدراسة العلمية كونه يعتبر ظاهرة فوق إنسانية وطبيعية,لهذا لا تجد مراكز بحوث تدرس الأداء الديني اجتماعيا ونفسيا والتأثيرات السياسية والاقتصادية على الخطاب الديني وانعكاس هذا الخطاب اجتماعيا, هنا اهتم بالدين المحلي وليس كما هو بالفقه والشريعة, الحديث سيكون محدد بالإسلام العربي لكوني أعيش في هذه البيئة وجزء منها,اي الحديث سيكون عن المذهبية الاجتماعية
    ماهو المتدين
    للمتدين في الإسلام مكانة اجتماعية معنويةعالية اذ يشار اليه بأنه يخاف الله و يحلل ويحرم ويعرف ربه,والفرد المؤمن محترم اجتماعيا, ويعتقد الناس بأخلاقه وزهده وابتعاده عن النفاق والكذب والغش والفساد وشرب الخمر,يحبذ الزواج منه وتقدير كلامه ومواقفه، والله يستجيب لدعائهوتنبوآته صحيحة , بالمجمل يعتبر الدين ضابط أخلاقي وشرعي اجتماعي يجب على الفرد أن يلتزم به , وبالتالي يحافظ الدين على عدم حودث فوضى اجتماعية ولهذا يجب أن يكون الخوف من انتهاك ا المحرمات والمحللات الدافع الأول, لذلك يقال أن الغير المؤمن (ما يخاف من الله) (لا يحلل ولا يحرم), الإيمان يحقق (التوفيق الإلهي بالدنيا للفرد) أو ما يسمى دينيا (العناية الإلهية) فينصح غير المتدين بالإيمان والصلاة (صلي حتى الله يوفقك ويرزقك ويستر عليك) أو تحذره من الغضب الإلهي (ما تخاف الله يسوي بيك شي) (اشكر ربك على الصحة والعافية) هنا الإيمان له وظيفة أخرى فردية نفعية هي ضمان دوام النجاح والعمل والسلامة, اي الأمن الفردي وحتى الجماعي بالحاضر والمستقبل, يقال عن النكبات (هذا غضب الله علينا) بسبب ابتعادنا عن الصلاة وطاعة لله, وقصص الأنبياء الإسلامية مليئة بالغضب الإلهي الجماعي على امن خالف أوامره, يقود هذا إلى الجزاء الإلهي ثم الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة للاشرار والأخيار ، فالله يمهل ولا يهمل , المنظومة الثانية هي الجزاء هو من يعطي العدالة والمنطقية والدافع والمعنى لحياة الجماعة وفق ثنائية (الثواب والعقاب) و (الله والشيطان) و (الخير والشر)، يكون مكملا للجزاء الاجتماعي الوضعي, ارتفاع حالة الإيمان والالتزام بالعبادة أثناء المرض أو النكبة أو المحنةيمثل وظيفة الإيمان الأمنية ,الأمن النفسي والاقتصادي والمادي, والإيمان يضمن أهم مقومات للحياة كما يعتقدالمؤمن الرزق والنعمة والعافية , ثم يؤمن الايمان وظيفة الخلاص بعد الموت (الآخرة) بتحصيل (الحسنات) ومحو (السيئات) أي ثمن الخير وغفران الذنوب , يوفر الإيمان الدافع والمعنى للأشياء, فهو يحقق الأمن والمنفعة الشخصية بالدنيا والخلاص بعد الموت,لذلك الى الصلاة , وبهذا أعطى معنى دافع الحياة وغايتها, فالعمل عبادة,والزواج نصف الدين, والحياة امتحان, . كذلك الإيمان يحقق الحب الأخوي (الإخوة الإسلامية) بين المؤمنين عبر الطقوس والصلاة الجماعية , التي تكون قنبلة إما للتخدير أو للتثوير, وقد برهن الإسلام على قدرته العملية على تعبئة الجماهير وتثويرها وقدرته أيضا على تعبئة الجماعات الجهادية المسلحة بالتضحية بالأرواح وخلق معنى ودافع للمقاومة, ومن هنا تأتي فكرة الدولة الإسلامية العابرة للحدود القومية التي خلقها الإيمان بالولاء والبراء, الدين مقتدر على تخدير وتسكين وتحنيط الجماهير على مر العصور فكان الأداة التبريرية الأولى بيد السلاطين على تأبيد الوضع القائم وتجميد الجماهير بفلسفة الشكر والطاعة والخوف والقدر والحكمة الإلهية.
    الدين هو أحدى وسائل الضبط الاجتماعية أخلاقية وشرعية وجزائية, ثم يحقق الأمن النفسي والاقتصادي والمادي في الحياةوالخلاص بعد الموت ويضمن نفسيا دوام استقرار ثلاث أمور حيوية للفرد (العمل والطعام والصحة) وبذلك يوفر الدافع والمعنى والغاية في أمور الحياة، فيصبح الخوف من عدم الإيمان شبح يهدد بفقدان الامتيازات , الدين يحقق الحب الأخوي بين الجماعة الإسلامية (الإخوة الدينية) عبر الصلاة الجماعية وعبر خطابه ألأممي العابر للقومية والوطن، فيكون عامل توحيد الجماعة وتوسعها إقليما ودوليا لتشمل كل مسلمين العالم، فيكون هذا الحب الأخوي عنصر تعبئة عاطفي وانفعالي مع السلطة أو ضدها، وقدرته على التعبئة الانفعالية،
    مفهوم التدين
    التدين هو الصلاة والتسبيح والدعاء وإطالة اللحية، لأنه قائم على الخلاص الفردي بالطمع بالجنة والخوف من النار وهو ما يسمى بالأدبيات القديمة عبادة التجار والعبيد، وهذا الخلاص متوفر للجماعة التي ينتمي إليها المتدين فقط فيكون بذلك تدين أناني وعنصري، وبذلك يصبح هذا التدين عامل انقسام المجتمع إلى جماعات عنصرية تبحث كل عن خلاصها على حدة، وإذا كان التدين الأناني مجرد خلاص بالآخرة فعليه تصبح الدنيا مجرد وسيلة مؤقتة بدون حقوق او واجبات ليعم التخلف والانحطاط والتفسخ الاجتماعي والسياسي بسبب الانقسام العنصري بين الجماعات الدينية والاعتقاد بالخلاص العنصري بالآخرة؟ والتدين يقتضي النهي عن شرب الخمر وسماع الأغاني وتحجيب المرأة وتطبيق الحدود (الرجم والجلد وقطع اليد) وعدم البول واقفا، في حين لا تجد الالتزام بالأخلاق كالصدق والنزاهة والمهنية والنظافة العامة رغم أن الإسلام حض عليها (تنظفُ فالإسلام نظيف، النظافة من الإيمان الخ) فترى شوارعنا متسخة لأننا نلقي القمامة بالأماكن العامة، وطرقنا مزدحمة بسبب عدم الالتزام بإشارات المرور، وترى طوابيرنا متقاتلة لعدم احترامنا للنظام، وترى دوائرنا يعم فيها الرشوة والتزوير والإهمال والتقصير والمحسوبية الخ والإسلام حث على عدم الغش (من غشنا فليس منا) وترى باعتنا يغشون بالبيع والشراع، والصنَاع يخدعون الزبون بالمهنة رغم أن اغلبهم متدين,مفهوم التدين عندنا عبادة فقط، فالدين عبادات ومعاملات وأخلاق لكننا نلتزم فقط بالعبادات, فنحن نلتزم بحقوق الله ولا نلتزم بحقوق الناس والناس تكتفي بإلزام أولادها الصلاة فقط دون التركيز على الأخلاق؟ وهي تذهب لصلاة الجمعة والاستماع للخطبة دون أن تتأثر بما تسمع فالذهاب من اجل الأجر وليس التأثر؟ وهذا كله لان الانسان عندنا محتقر ذليل مهدور الكرامة والتجاوز على حقوقه أمر طبيعي بيننا كأفراد أو كمؤسسات، في مقابل اجلال وتعظيم السلطان الذي نستجدي ونستعطي حقوقنا على انها (منّة) و(تفضّل) و(مكرمة) علينا، والذي منه صورُ لنا صورة الله السلطانية السياسية.
    الإسلام يقدم تفسيرا معرفيا للوجود والكون والإنسان وان الإنسان مسير بالقدر الإلهي حيث الحاضر والمستقبل كلها مقدرة ومكتوبة بأمر الله، فالحياة والموت، الغنى والفقر، النجاح والفشل، العمل والبطالة، الزواج والعزوبة، الإنجاب والعقم، الصحة والمرض، الراحة والمشاكل، الستر والفضيحة الخ كلهاقدر….إن شاء الله، بقوة الله، بحيل الله، إذا قدر الله، إذا أراد الله، لا سامح الله، ما يصيبنا إلا نصيبنا، ما بين المغرب والعشاء يفعل الله ما يشاء، قسمة ربك، رزق ربك، كتبة الله وهذا التفسير المعرفي ينفي نظريا مسؤولية الفرد وإرادته تجاه الحياة والواقع، ويتناقض مع وجود جزاء قائم على مسؤولية الفرد تجاه أفعاله والضوابط المقررة عليه، فإذا كان الخير والشر والمستقبل مكتوب مسبقا عندها ينتفي حتى وجود مستقبل بل ماضي يتكرر ويصبح الزمن حلقة وليس مستقيم، هذا التفسير هو من يحرض الفرد على سحب مسؤوليته وإرادته من الحياة وتكريسها للآخرة للخلاص، فلأن العدل والظلم، والخير والشر، والحرب والسلم، والغنى والفقر، والمرض والجهل، هي أشياء يقررها الله فلا داعي للنضال والكفاح والمطالبة بالحقوق, هنا يصبح الدين عامل تخدير وتبرير للوضع القائم، فالمسلم يعتبر الحياة شر وفساد ويعتبر الزهد بها من صفات الإيمان لأنها إشباع رغبات وحب المال والنساء وهي أشياء تلهي عن ذكر الله، لكن هناك في الإسلام فروض تحرض على التغيير كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب تطبيق أحكام الله التي يراها المسلمون عادلة، وان الساكت عن قول الحق شيطان اخرس، وان أسمى درجات التضحية قول كلمة الحق في وجه حاكم جائر وهي نصوص موثقة اختصرتها إنشائيا، وهو كما سبق وقلت يحث على العمل والحياة والزواج والتكاثر وهكذا يوجد الإسلام تناشز معرفي ما بين القبول بقسمة الله والثورة ضد الوضع القائم، ما بين التخدير والتبرير وما بين التثوير والتغيير، من هنا كانت الانتقائية في تفسير النصوص والوقائع التاريخية بين الجماعات المتناحرة مع السلطة أو ضدها وتاريخيا استخدمت السلطة والمعارضة الإسلام في محاربة الآخر مثلما الصراع بين الخوارج والإسماعيلية والزيدية والقرامطة وبين السلطة الحاكمة.
    فوائد الأخوة الدينية ومضارها
    كلما زادت الأخوة الدينية زاد انعزالها عن الجماعاتالأخرى وتم تكريس نشوء جماعة عنصرية تستفز غيرها للتطرف والعنصرية المضادة فينغلق المجتمع ويتوقف عن الانفتاح والتطور والتلاقح مع الثقافات الأخرى ما يهدد بزواله، فالشعور بالإخوة بالوقت الذي يضمن تماسك الجماعة يهدد بإضعافها أو حتى اندثارها إذا تضخم هذا الحب، وهذا ما يواجه المجتمع العربي الإسلامي بالوقت الحاضر حيث أصبحت مجتمعات منغلقة يسود فيها الفكر السلفي والأصولي والتكفيري والأفكار الرجعية يعم فيها الفقر والتخلف والفساد السياسي والإداري والاجتماعي ما جعلهم دول ضعيفة منقسمة خاضعة لاستغلال ونفوذ الغرب والدول الإقليمية.
    الإسلام الحقيقي؟
    نظرية وجود أسلامين واحد “الحقيقي” والثاني “محرف” نظرية اساءة للإسلام كثيرا رغم أن مدعيها كانوا بقصد الدفاع عنه، فهي فتحت الباب لكل الفرق ادعاء أنها الإسلام الحقيقي وغيرها منحرف فدخلوا في حرب تكفير ,ويجب إبدالها بالسؤال لماذا انقسم الإسلام إلى اتجاهات سياسية وعقائدية متطرفة متخاصمة؟ نبذت الاتجاهات المعتدلة؟. وكثيرا ما يتردد على أسماعنا جملة (الإسلام الحقيقي) في مواجهة الاتجاهات السلفية التي يعتبرها المتحدث انحرافا عن الدين, وأننا لو طبقنا هذا الإسلام لما حدث كل هذا الانحراف، والتأمل في هذه الأجوبة نفسيا يعطينا ملاحظات مهمة, فما البديل الذي يقدمه هذا الإسلام الحقيقي؟ انه الإسلام المذهبي المطروح من كل الطوائف الإسلامية الأخرى على انه الحق الوحيد! ثم أليست هذه دعوى السلفية ذاتها؟ عن إسلام السلف الصالح الذي هو الحقيقي الوحيد في تصورها! بالتالي فعبارة الإسلام الحقيقي هي دعوى السلفية ذاتها، وحتى الشيعة حين ينتقدون السلفية حينما يتخذون من الجهاد وسيلة لإقامة الخلافة، أليست دولة الإمام المنتظر هي دولة يجب أن تتحقق بالجهاد العالمي والقضاء على بقية الأديان وإجبار البشرية على التشيع والانضواء قسرا تحت ظل دولة الإمامة الشيعية؟.
    الأزمة الاجتماعية للإسلام المعاصر
    القرآن في المجتمع المعاصر كتاب صعب القراءة بسبب قدم أسلوبه التعبيري (الآيات المتباينة تعبيريا وزمنيا ومكانيا (مكة والمدينة) المرصوفة لبعضها) كذلك قدم إملائه عن كل باقي الكتابات العربية، ولا يقرأ القرآن إلا للأجر والاستخارة والثواب ولا يقرأ للفهم أو التأمل، كذلك إن القرآن كتاب كبير وسميك ينفر الشباب من قرآته ويحتاج إلى تفسير يجعل من حجمه مضاعفا ومتعبا، هذا عدا اختلاف التفاسير بحسب المذهب، وحتى الإسلام لم يبقى منه سوى أطلال وتاريخ إمبراطورية اندثرت فلم يبقى للعربي إلا التغني والتباكي عليها ومحاولة إعادتها بشكل حركات أصولية سلفية ينفر منها كل العالم اجمع ولا يقبلها حتى المجتمع العربي نفسه، ولا شيء يقدم في الحاضر للإنسان العربي سوى محاولة إعادة عقارب الساعة للوراء لبعث الأمجاد فترى كل أشكال القسر والاستبداد التي تمارسها الدول الإسلامية لبعث الدولة الإسلامية، فلم يبقى أمام العربي إلا أن يكون الدين خلاص بعد الموت بعدما عجز عن تقديم أي شيء له بالدنيا سوى وعود وشعارات لن تتحقق، ولم يعطي الإسلام للعربي في حياته إلا أوهام الأفضلية العنصرية والجنس المتفوق المقرب من الله الذي سيكافئ بالجنة بعد يوم الحساب، والذي يحاربه الآخرون ويغارون منه ويحيكون له المؤامرات لكونه الأفضل والأخطر عليهم، فهم الذين سرقوا علومهم أجداده ومن أسرار كتابه المقدس فأصبحوا متقدمين عليه!! لذلك من الطبيعي أن نرى الدول الإسلامية دول متخلفة بائسة ترتفع بها نسبة الفقر أو البطالة أو الفساد أو الاستبداد السياسي والتعسف والقمع والأمراض الخ والعربي يعتقد أن الإسلام الحقيقي لم يطبق إلى الآن، دون أن يحمل صورة واضحة عن هذا الإسلام المفترض سوى البديل المذهبي أو إسلام شخصي، وهو يعتقد أن مخالفته لبعض التشريعات ليس بسبب كونها خاطئة أو غير ملائمة لزمانه بل لقصور فيه لكونه غير قادر على الالتزام بها كتحريم الغناء الاختلاط بين الجنسين والعاب التسلية (الشطرنج، الدومينو، البوكر) والفوائد من رأس المال (الربا) الخ وجميع نماذج الدولة الإسلامية المعاصرة هي أما إسلام خاطئ أو لقصور فيه يمنعه من العيش فيها وليس هناك نموذج ناجح عنده إلا الدولة الإسلامية التي كانت بالماضي في الكتب والتاريخ!.
    هل من الصحيح مهاجمة الإسلام بهذا الوقت الحرج الذي تبتلع به داعش العرب قبل أن تشكل أي خطر على الغرب المستعمر الذي يحتقرنا ويستغل ضعفنا؟ أليس هو الشامت والمستفيد الأول من تشويه الإسلام ومهاجمته؟ أليس تعديل صورة الإسلام ونقدها وتقويمها هو الحل الأفضل والأجدى؟ أليس هناك قيم كونية وأخلاقية ايجابية بالإسلام نستطيع فصلها عن سلبياته؟ إن داعش يجب أن تكون رجه للمسلمين لمراجعة خطابهم السلفي وإعادة النظر بتخوين الإسلام المعتدل، وإذا كانت القاعدة لم تكهرب قلب المسلمين المتوقف عن النبض فان داعش هي الفرصة الأخيرة لمراجعة نقدية للإسلام وإلا سنقرأ عليه السلام.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *