سمير صادق, مها بيطار :
حتى صراخ اغلبية الزعماء العرب أجل فلسطين خفت , وتحول الادعاء بأن القضية هي أم القضايا الى عكسه , وأن القضية من ثوابت سياسة هذا القائد أو ذاك , وحتى ايران فقدت الحماسة لحماس , قبل عشرات السنين ذاب الثلج وبان المرج ,وتبين على انه لم تكن فلسطين تساوي عند هؤلاء الزعماء شيئا على الاطلاق , تاجروا بفلسطين وباعوها في بقاليتاهم ,جندوا اللاجئين الفلسطينيين في خدمتهم واستخدموهم في نزاعاتهم , ولو يحصد الفلسطيني من ثواب الا المرارة ,تركوه يقتل في ايلول الأسود في الأردن , وساعدوا على قتله في تل الزعتر , ودعموا نزوحه من بيروت الى تونس ,والآن حرضوه على غزوة اسرائيل , وتركوه وحيدا تحت القنابل ,ليس من الضروري تعداد كل الخيانات العربية للقضية الفلسطينية , الا أنه يوجد من استفحل في الاتجار هذه القضية أكثر بكثير من غيره وحتى يومنا هذا .
كانت علاقة حماس وفتح مع السلطة السورية ومع بقية الأنظمة العربية متقلبة بين جفاء وعداء وصداقة وارتياب , عموما تدعي السلطة الدفاع عن الفلسطينيين ودعمهم ,تارة أخرى تحارب الكيان الفلسطيني في الضفة الغربية , وتارة تعادي حماس او تتحالف مع حماس وتساعد حماس , بالرغم من انتساب حماس رسميا للاخونج , وبالرغم من أن عقوبة الانتساب الى منظومة الاخونج في سوريا هي الشنق حتى الموت(المادة ٤٩ من قانون العقوبات السوري ) , تطورت الأمور , والآن بعد احتضان حماس من قبل الملالي , حل نوع مخفف من الود والوئام بين حماس والنظام السوري المحتضن اصلا من قبل الملالي .
بقيت حماس بعيدة عن فتح , استقلت في غزة , وأصبحت غزة بمثابة حامستان ,مارست الجنون السياسي , وقضت على مفهوم الانتخاب , الذي جاء بها الى السلطة ,كل ذلك كان بمباركة السلطة السورية , شعرت حماس بالغربة داخل جوقة الملالي , الذي كانت له لواحق وأذناب توضعت في مناطق أخرى مثل الدوحة أوالقاهرة أودمشق أوصنعاء , ابتعدت عن الجوقة ثم اقتربت مؤخرا من الجوقة , اغلب الظن على مضض ,ما لوحظ طوال نلك السنين الماضية كان ترافق الجفاء بين حماس والنظام السوري مع تقارب حماس من فتح , وترافق القرب من النظام السوري مع تباعد حماس عن فتح , ماذا يمكن للأمي المراقب أن يفهم من ذلك ؟؟
الأمي يفهم من ذلك مايلي : ولنقولها بصراحة , لقد كرست السلطة السورية الانشقاق بين الفلسطينيين وتشرذمهم ,أي أن دور السلطة السورية لم يكن داعما للحركة والمقاومة الفلسطينية , وانما ضارا بهذه الحركة وبوحدتها .
عموما كان موضوع الوحدة والتحالفات او العداوات العربية تهريجي , فالبعث انخرط في الوحدة السورية-المصرية , وعندما لاحظ بعض البعثيون قلة المكاسب من هذه الوحدة , فرط البعث الوحدة وحدث الانفصال , ثم جاء الخداع الأكبر يوم 8-آذار , حيث انقلب العسكر , وسموا انقلابهم “ثورة” ضد الانفصاليين , ومن يومها لم نر الا زيادة العداوات بين الدول العربية وزيادة الانشقاقات , التي ارتشحت, بفضل البعث والعائلة في الجسد السوري, فالشعب السوري اليوم منقسم طائفيا , ولم يعد “متنوع” سياسيا , حيث أن العائلة قضت تحت راية البعث على أهم المعارف اللازمة لتكوين دولة , الا وهي المعارف “السياسية “ .
الآن هناك مواجهة قاسية بعد غزوة حماس يوم ٧-١٠ , حيث قتلت حماس أكثر من ١٠٠٠ اسرائيلي , واختطفت عدة مئات من الاسرائيليين وغيرهم من جنسيات مختلفة , بذلك كانت حماس البادئة في اشعال نار معركة من حرب مستمرة بين اسرائيل والفلسطينيين , لا أعرف كيف فكرت حماس بهذا الخصوص ,أو بالأحرى لم تفكر بالعواقب , على كل حال هناك الكثير من التشابه بين ٧-١٠ وبين ١١-٩ , الأخير قاد الى احتلال افغانستان , أما ٧-١٠فقد قاد لحد الآن الى شبه تدمير كامل لغزة وتحويل غزة الى مكان غير صالح للسكن والعيش , وبذلك قضي على حماس عمليا , اذ لاقيمة لحماس بدون غزة , بينما كانت هناك قيمة لغزة بدون حماس .
أملا من النظام السوري ومن حزب الله بالنجاة من مصير مشابه للمصير الغزاوي -الحمساوي , نراهم وقد تحولوا الى ودعاء جدا بما يخص الجبهة الشمالية ,هنا قرر مجلس الشعب السوري مؤخرا عدم الرد على استفزازات اسرائيل , وكأنه بامكان مجلس الشعب أن يقرر , الأسد هو من قرر وليس مجلس الشعب,مؤخرا انضم الحوثيون الى جماعات الانتحاريين من الأعراب , قرصنوا !والنتيجة كانت قيام مشروع القضاء عليهم بما يسقط من السماء , لم يستفيد عبد الملك الحوثي من خنجره المعد لحماية خصيتيه , اذ سوف سوف لن يبق منه ومن خنجره وخصيتية سوى جثة هامدة !.
المعضلة ستكون بالنسبة للسلطة السورية , هي ايجاد بديل لورقة حماس وورقة التستر بالقضية الفلسطينية , فورقة المقاومة والممانعة أفلست نهائيا , أظن بأن النظام السوري سيلغي نقطة المقاومة والممانعة رسميا , وسيوقع على أي اتفاقية تمليها اسرائيل بعد القضاء على حماس , وحزب الله سيفعل نفس الشيئ ,وايران ستمارس النأي بالنفس , الذي تمارسه هذه الأيام , وذلك بعد أن أوقعت الجميع في مطب الحرب والخراب !.