الدين , الثقافة والسياسة ..السيادة ..
كانت العروبة اصلا ثقافة تسيست , لظنها بأن التسيس مفيد لها , الدين أصلا هو رؤية غيبية وايمان ,اراد التسيس لكي يستقيم وضعه مع شعار الدين هو الحل أي دين ودولة ,تقييم وضع الدين ووضع الثقافة بعد التسيس , أظهر اضرار كبيرة لحقت بالثقافة من جراء التسيس , وأضرارا كبيرة لحقت بالدين بسبب التسيس , ثم اضرارا كبيرة لحقت بالسياسة من خلال دمجها مع العروبة ومع الدين .
فصلت معظم مجتمعات العالم بين الدين والسياسة ,وبين الثقافة والسياسة , لم يتم الخلط بين السياسة وكل من الثقافة والدين نتيجية لطموح أو رغبة علمانية , الأمر تم على يد الثقافة وعلى يد الدين والسياسة , فكل منهم انتظر فوائد كبيرة من خلال هذا المزج , أظن بأن السياسة , بالرغم من الأضرار التي لحقت بها من خلال الدمج , كان لها مكاسب فاقت كل الأضرار ,أما الدين والثقافة فكانوا من الخاسرين ,هناك تقييمات أخرى بخصوص المكاسب والخسائر بنتائج أخرى ومعاكسة أحيانا لما استنتجته .
ألعروبة ثقافة وليست سياسة, فشلت سياسيا كما هومتوقع , وبالتالي ثقافيا أيضا , انها كالدين الذي هو عقيدة غيبية , الا أنه أراد كالعروبة ممارسة السياسة , وكالعروبة فشل الدين سياسيا ايضا ,وبدلا من أن يكون حلا للمشاكل , تحول الى منبع غزير للمشاكل .
معالم الفشل موضوعية مرئية وملموسة , لاعلاقة لها بمشاعر القومي العربي المتكابر المتفاخر والمتكاذب بخصوص الثقافة العروبية التي سيسها , ولا علاقة لها بانتفاخ وغرور وعنف وتاخرية الاخونج السياسي ,فالشعوب التي تأثرت بالثقافة المسيسة أي العروبة المسيسة ,أو تأثرت بالدين السياسي (الدين المسيس ) , أو كلاهمهما ,تتزاحم الآن في قاع الانحطاط بدون منازع ,وتمثل في هذا العصر التأخر والفقر والمرض والأمية والجهل , الاخونج السياسي المتفاخر والمتكابر والمتجاهل يمارس الكذب على نفسه ويصدق أكاذيبه, نقول له أنت جاهل ومتأخر لكونك لاتزال في مرحلة الطنبر,وعليك أن تجد وتجتهد لتنهض, هنا ينفجرهذا المخلوق الديني وينادي زغلول النجار , الذي يسعفه بكتاب الاعجازات , فالنجار الذي لايقوى على كسر الجرة , شطر الذرة قبل ١٤٠٠ سنة على الأقل , الا أنه لم يصنع القنبلة, لربما التزاما من أكبر دجالين العصر بالأخلاق والانسانية , انه مؤمن خلوق ويملك ٦ مليارات من الدولارات من ريع كتاب الاعجاز , أثرى كتنبجي في العالم !!
ليس من السهل تعريف العروبة , لأنها ثقافة ,وللثقافة على الأقل ٢٠٠ تعريفا , واذا اعتبرنا الثقافة ممثلة للحيز الغير مادي من حضارة شعب , أي من مجمل ما أنتجه هذا الشعب خارج المادية , لأصبح من المؤسف القول بأن الثقافة العربية اي العروبة فقيرة جدا , فقبل الدعوة المحمدية كانت ثقافة العرب بما يخص الفكر والمعرفة صفرا كبيرا, لم يكتبوا كتابا واحدا قبل الدعوة , والقرآن كان أول كتبهم , ثم أن حياة البداوة لم تمت للحياة الثقافية باي صلة ,انما كانت ممثلة للانحدار والانحطاط …غزوات سرقة ثأر الخ , أين هم من الثقافة الهيلينية الاغريقية الرومانية البيزنطية وحتى الفارسية أو الفرعونية أو حتى الأمازيغيةاو ثقافة مابين النهرين وليس بين الفخذين ؟معظم نشاطهم الثقافي بين القرن الثامن والخامس عشر انحصر في قراءة بعض الفلسفات الأخرى, ابن سينا وكتاب ماوراء الطبيعة لأرسطو الخ , لا أود التوسع في هذا المجال ,فالسبي والجزية والطورقة والفتوحات والعهدة العمرية ليسوا ثقافة , وكرخانة الرشيد(٣٠٠٠ جارية وسبية ) ليست ثقافة , وموضوع البكر عند جواري عبد الملك ليس ثقافة , وسيف ابن الوليد اجرام وتوحش , وبتر راس بن نويرة لايمت للثقافة بصلة , أمر صفية ليس ثقافة وليس اخلاق ,وأمر عائشة ايضا , وابادة بني قريظة ليس حضارة او ثقافة,واغتصاب ام تميم ليس ثقافة , ثم شق ام قرفة أيضا ,منع التبني من أجل سيقان زينب بنت جحش ليس من الابتكارات الثقافية والتجديدات في ثقافة الأسرة,دعونا من الحديث المفصل عن كل ذلك وغيره , اذ نحتاج الى مجلدات دون فائدة او جدوى .
لاثقافة بدون فلسفة , أي لاعروبة بدون فلسفة ,هكذا وضع الغزالي للثقافة نهاية , لأنه وضع نهاية للفلسفة , ولو لم يكن الجو العام في تلك الأيام مؤهلا ومتقبلا لتأبين الفلسفة , لما تمكن الغزالي من اقتراف ما أقترفت يداه , هذا الجو العام اللافلسفي لايزال مسيطرا حتى هذه اللحظة , فحتى هذه اللحظة من الممنوع تدريس مادة الفلسفة في مدارس بعض الدول العربية , أحد معالم نكبة الثقافة كانت نكبة العروبة , ولو لم تكن العروبة منكوبة , لما تمكنت الديكتاتوريات وقطعان الجنرالات من التلاعب بها كما تلاعبوا ,كانت طبلا فارغا وجد من يقرعه , قرعوه وطوشونا بضجيجه , ولا يزال العروبيون يقرعون مطووشون الى هذه اللحظة , فشلت كل مشاريعهم , التي تحولت الى حمار ركبه حمير العسكر ,ولا يزالون على ظهره .
القصد من هذا الكلام المختصر هو تبرير رفض سيادة العروبة ,الذي يروج العروبيون لها ,الذين لم يدركوا لحد الآن موت العروبة ,التي ارادت ممارسة السياسة والسيادة بدون كفاءة , على من ؟ وكيف ؟ ولماذا ؟, مع العلم بأنه لاسيادة في الوطن الا للشعب ,ومع العلم بأن مفهوم سيادة فئة على أخرى أو مفهوم سيادة شخص على آخر أو ثقافة على أخرى , هو مفهوم انحطاطي خاطئ , انه حالة مرضية تقود في كل الحالات الى التأخر والاندثار المبكر ,ألم يقتلنا مفهوم البعث السيادي كقائد للدولة والمجتمع الى الأبد ,وماذا حققت المادة الثامنة للعروبيين ولغير العروبيين ؟؟ , سوى التردي والتأخر والفشل .