الخلافة وولاية الفقيه ..نجوم في فضاء ديني !!

 عثمان لي :

   يمكن القول  مجازا  أن هذه   المنطقة  تعرف  العديد من وجوه   الخلافة ,  وتعرف أيضا العديد من التوجهات الخلافية , ومن  وجوه الخلافة  ماهو  صريح وواضح   كالبغدادي والجولاني   , منهم  من  يدعي  أنه علماني   وهو في واقع الأمر خليفة  ,  لابل من  فصيلة الخلفاء الغير راشدين  , خليفة  بالتوريث  , حيث أن   أول أربعة خلفاء      لم  يورثوا ,  هنا  تبرز عدة   أسماء  منهم  صدام وبشار ومعمر , منهم  من  التزم  بمبدأ الخلافة فكريا  مع وقف التنفيذ  أو تأجيل التنفيذ  بسبب التباين بين  البرنامج الفكري والبرنامج السياسي أو  الوضع  السياسي الخاص  بالدولة كلبنان   كحزب الله  وأمينه العام نصر الله .

ولنبدأ بالأخير فقد  جاء في بيان صادر عن حزب الله  في ١٦-٢-١٩٨٥  التالي ” الحزب ملتزم  بأوامر قيادة حكيمة  وعادلة تتجسد  في ولاية الفقيه  وتتجسد  في روح  الله  آية  الله  الموسوي الخميني  مفجر ثورة  المسلمين  وباعث   نهضتهم  المجيدة “, والنظام الداخلي  للحزب  يقول  على أن  أعضاء الحزب مرتبطون  مذهبيا  بمرشد  الثورة  الايرانية علي خامني  , ويعتبر حسن نصر الله  الوكيل الشرعي  لعلي خامني في لبنان , وهذا مايبرر   الدعم السريع والفوري  للحزب في لبنان,  حزب الله يميز  في تحركاته السياسية  بين الفكر والبرنامج    السياسي  ,  اذ  يرى أن الفكرة   السياسية   لا     تسقط   الا إذا كان الواقع السياسي غير موات لتطبيقها, كما هو الحال بالنسبة لفكرة إقامة دولةالخلافة  في لبنان.

 يقول الأمين  العام حسن  نصر الله “نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة  الطالبان  في أفغانستان , ففكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي, أما على مستوى البرنامج السياسي, فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا يساعد على تحقيق هذه الفكرة, فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من  إرادة شعبية عارمة, ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها   إلى حماية “

لايوجد  تطابق  كلي بين كل  ماذكر من الخلفاء ,ولكن   هناك    العديد  من  أوجه التشابه ,  هناك  منهم  من يريد  اقامة دولة   دينية   بالمدفع  والبندقية, وهناك  من ينتظر  لكي    يتم له       تطبيق  الفكر    السياسي  بواسطة برنامج سياسي  قابل    للنجاح  ,هناك    من  يريد اقامة مملكة  أفريقيا  , هاهو معمر القذافي  ينصب نفسه ملكا لملوك أفريقيا   , أما صدام  وحافظ   البعث  فهم  من مروجي  أمرا   آخر,  انه   أمر   الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة  ,  بالنسبة    لأهداف الثنائي حافظ وصدام  يمكن اعتبارهم أشد فشلا من نصر الله ومن البغدادي  , وما يخص الحرية    والوحدة حدة والاشتراكية ,  فقد   توصل البعث   الأصولي   ومؤخرا البعث الطائفي العائلي  ببرنامجه  السياسي  الى العكس تماما  من  الفكر السياسي  البعثي   . 

  عموما  هناك  تنظيم اسمه داعش , ظهر بشكله  الأخير  كامتداد  لتنظيم القاعدة الأم  الذي ظهر في   ثمانينات   القرن الماضي , وأمام    اسمه “حزب الله”  الذي ظهر أيضا عام ١٩٨٢ ,  كل   منهم   يمثل مذهبا ,  ويقتتل مع الآخر من  أجل    الهيمنة    ,  كلهم     بجذور   عمرها   ١٤٠٠   سنة,    هدفهم  كان  ولا   يزال  هيمنة  الخطاب الديني المذهبي على الخطاب السياسي , لافرق      أساسي    بين      “الخلافة ”  سنيا  ودولة “الفقيه ” شيعيا    ,  كلاهما ينتمي الى  الفضاء  الديني  ويتبنى  فكرا تكفيريا   طائفيا  , كلاهما  يعتبر نفسه  حلا  لحالة  سياسية  واجتماعية   واحدة   تنوء الشعوب  في هذه المنطقة   تحتها , وما  ينتظر من الملالي  والاخوان   ليس   سوى  تزايد  التردي والتأخر والعنف ,

لاشك بوجود تباينات  شكلية  بين خلافة   البغدادي  وولاية  الفقيه   الحاكمة في ايران  منذ عام ١٩٧٩    ,مثلت ولاية الفقيه   بشكل عام  دولة دينية  تننتظر عودة الامام المهدي  الغائب   منذ ١٢٠٠ عام , والامامة التي هي  موضوع  خلافة النبوة  التي عليها حراسة  الدين  والدنيا   لها شيعيا  “عصمة”الامام  , فالامام  لايخطئ , أما الخلافة  سنيا  فأمرها أكثر دنيوية   , الخلافة  السنية   لاتنتظر  قدوم أحد الخلفاء الراشدين , وانما تنتظر عودة ” نموذج ”   ابي بكر وعمر في قيادة الدولة , وهذا مايشكل بعض الفروق  الثانوية  بين  الخلافة   السنية   وولاية الفقيه .

بالرغم من  كون مفهوم الخلافة السنية ومفهوم ولاية الفقيه مفاهيم ميتة  سريريا ,    الا    أن نشوتها الحالية ليست الا  نتيجة   لعملية   انعاش مكثفة,  يبقى هناك الكثير  من الحيرة   والاندهاش من ظهور   هذه   الحركات   المخالفة     لكل منطق سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي  ,حركات  تتحدى  فكر  الحداثة والموضوعية , الا أنها  موجودة  وتهدد  ولو مرحليا  وجود  العديد من   الدول .

  لم  يكن لهذه الحركات     اللاتاريخية     أن  تترعرع  دون  بيئة  ملائمة , بيئة تمتاز  بفراغ  سياسي  وغياب  “للدولة” بمفهومها النظري والعملي ,  فما يطلق عليه اسم “دولة” في سوريا مثلا  لايمتاز   بأي من مزايا الدولة , التي  تعرف القانون  والقضاء والعدالة الاجتماعية  وتعرف السياسة  وممارساتها  , تعرف    التعددية وتحترمها ,   هذه    المسماة  دولا   ليست   سوى  سلطات  “دينية ”    متسربلة  بالسياسة   ,  التي    الغتها  عمليا    ,وبغياب        السياسة    حصل   الفراغ   ,  الذي   جذب ماهب ودب  من المستحاثات  مثل   الفكر الديني  ومن يمثله ,    ظهور داعش وحزب الله وغيرهم من  فئات مشابهة , ليس  سوى  أمر حتمي ومنطقي   في   غياب  السياسة  القادرة والمسؤولة  .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *