الاخصاء اللغوي واستيلاء الشتيمة على اللسان !

 

سمير  صادق , سيريانو  :

    لايمكن  توصيف  الحوار مع   أكثرية  الاخوان    الأ  بمفردة  “تعارك”,وفي هذا التعارك  تستخدم    مختلف   ألأسلحة   , من  بينها  ثقافة السب والشتم  والدونية الكلامية, ومن يبحث  عن  السبب  يجده متمثلا   بالعديد من  الأوجه  ,احد هذه الأوجه المهمة هو  الاعتقاد  بامتلاك الحقيقة المطلقة  , فامتلاك الحقيقة المطلقة لايسمح  لمدعي  مالكها الا  بامتلاكه للحق  المطلق  , والحق المطلق هو المسبب  للأفق الضيق  , الذي لايتسع الا  لفكرة واحدة واتجاه واحد , الأفق الضيق لايسمح  بتعدد الاحتمالات  , الأفق الضيق  الذي يحتضن المقدس من الثوابت غير مؤهل  للتطوير  أو التغيير  , وطرحه في سياق حوار   أو نقاش لايخدم الا  مهمة “الاعلام”   به   أو  الاملاء  ومحاولة فرضه على الآخر بشكل من الأشكال .

تمرد الطرف الآخر على عملية “الاملاء” هو  زندقة  وحقد    , اذ كيف يتمرد  هذا  المخلوق على  من  يمثل  خالقه  , وبغض النظر  عن مضمون  رأي هذا المخلوق  ,يكفي  أن يكون مجانبا   للنص والعقيدة حسب  ادراك المحاور, وما على الاخونجي  في هذه الحوار   الا تأنيب   المحاور  وشتمه  لمجانبته للنصوص  , الاخونجي   لايرى هنا  المطروح وانما الطارح  الكافر  الزنديق  الذي يستحق التوبيخ  والشتم بأقسى الكلمات , هذا فضلا عن كون السب والشتيمة  حلال   تيمنا   بالسنة النبوية  التي   تذخر بالسباب  والشتم  وذلك بتعابير   يعف اللسان المهذب عن التلفظ بها,في  مايقال على  أنه دفاعا عن الدين لايوجد ماهو مستهجن  من المفردات النابية والتحقيرات  المقززة للنفس,  الشتيمة  استولت  على  اللسان  والحالة  ليست  الا تعبيرا  عن  اخصاء  لغوي,

النص المقدس  ملزم   بموقف جامد  , انه وجهة النظر  وليس وجهة نظر ,  اضافة الى   المقدس المعرقل  للابتكار  والتفكير  هنك تأثيرات لادينية على  عقل المحاور  الشاتم  , فالاخونجي   يعتمد  في  تثقيفه لنفسه  على السمع   أكثر من اعتماده على القراءة , ثقافته  “شفهية” !,ومن  المعلوم عن الثقافة الشفهية  اقتصارها على نقل رأي واحد  يمثل المرجعية  الشفهية  , لقد تأخر  التداول المعرفي  عبر  الاتصال الكتابي  والثقافة المطبعية  الى نهاية القرن السادس عشر وكان  في بدايته   عرضة  للمنع   , فطباعة المصاحف  كانت محرمة  والسلطان سليم  اراد انزال عقوبة الاعدام  بمن يمارس الطباعة , لقد كانت البلاد  ثقافيا  كما  قال  مارتن لوثر عن الكنيسة   دار فم  ولم   تكن دار قلم .

التلقين الشفهي  لايزال  ساريا حتى اليوم ,مواعظ   وخطب  وارشادات  وأوامر   ثم  ترهيب  وترغيب  , خطبة واحدة من على منبر الجامع تكفي  لاعطاء  المؤمن  كل حاجته من المعرفة  والثقافة   يقولون عندنا  الكتاب  من ٦٠٠ صفحة  ولسنا بحاجة الى هيجل  وجان لوك واسبينوزا  وروسو  وغيرهم  ,  ثم  أن  الديكتاتوريات لاتستسيغ  الكتب ولا   الثقافة  أو  الفكر  ,  مقارنة  عدد الكتب  التي تطبع في اسرائيل  بعدد الكتب التي تطبع في العالم العربي مثير للدهشة والاستغراب   ومسبب   للألم  .

انتشار الفضائيات  بالشكل  الوبائي  الذي نسمعه  ونراه   في  حاضرنا ليس الا دلالة على  احتكار الشفهي   لممارسة مهمة التثقيف   وتفوق  ثقافة  الشفهي  على   ثقافة  المكتوب  ,كل  ذلك يقود الى   تآكل  استقلالية الانسان  الفكرية   والى نشأة الفكر    القطيعي   ,القطيع   يتنصت  لما يقوله الشيخ  وليس  لما  يقدمه الكتاب  , الكتاب يفكر   وخطبة الجمعة تأمر .

الثقافة الشفهية  مضافة الى  الثقافة التقديسية الدينة تشكل   الخلفية  المناسبة  لتحويل  اي حوار الى  جدل عقيم  ومشاجرة , يتم بها  التفريغ العاطفي الأرعن  الدوني  الانحطاطي   المتمثل بالشتيمة  والمماحكة, كلما ضاق الأفق  اتسع فضاء  الشتيمة والانتقاص والسباب,  ولا  مبالغة  في  القول بأن مشكلة  شعوب  المنطقة   مع  الثقافة  ومع  الحوار  وتعدد  الأفكار   من   أهم  المشاكل ,  الزنا    ياناس      فكري  قبل  أن  يكون  جنسي !

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *