ممدوح بيطار :
تعبر المحاولات المستمية لاخضاع المرأة واذلالها ونبذها عن عدة اشكاليات , منهم اشكالية افتراضية استنتاجية هي الخوف من المرأة وليس الخوف على المرأة , قاد الخوف الافتراضي لولادة ممارسات تتضمن كل انواع الاجرام والسادية بحقها , ممارسات لم تقتصر على اعدام المرأة اجتماعيا او نبذها او حتى قتلها فيزيائيا اي الفتك بها , ناهيكم عن تشييئها وتحويلها الى فقاسة انجاب او الى خادمة نهارا وجارية ليلا , فالفكر العربي ـ الديني كان بمجمله في هذا الخصوص فكر قهر واخضاع واستعباد , لم يبق نظريا , انما كان مقرونا بممارسات أشد انحطاطا منه , ممارسات استعصت على المنطق في فهمها وتفهمها , وعلى الأخلاق في تقبلها وعلى العقل في ادراكها, وحتى على الارادة والقرارات الدولية , التي حاولت ارغام بعض المجتمعات والدول على حذف بعض القواانين والممارسات واستبدالها بقوانين وأحكام منسجمة مع وثيقة حقوق الانسان .
تتميز بعض الشعوب بنزعة او خصوصية معينة , تتجلى هذه النزعة او الخصوصية بالادمان على العداء , خاصة المذهبي , لكون هذه الشعوب مذهبية بشكل رئيسي ,وليست اجتماعية بشكل رئيسي ,أي لاتمارس التضامن والتكافل بين بعضها البعض , مما تجلى بالحروب التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة , اضافة الى العداء الداخلي كان هناك العداء الخارجي تجاه كل شعوب ومجتمعات الكون , التي كان عليها ان تتمذهب بمذهب هذه الشعوب …. الفتوحات ! ,على أساس تقسيم شعوب البشرية الى كفرة ومؤمنين , لطالما لم تهتد هذه الشعوب الى المذهب الحنيف , فهم كفرة وبالتالي أعداء ,كل الكون كافر وعدو زنديق ضال باستثناء خير أمة وباستثناء بدو الجزيرة وزعامتهم القريشية , الكون خطر على المؤمنين الذكوريين , وكون الأنثى مختلفة عن الذكر عضويا حولها الى خطر مرعب للمؤمنين الذكور , وبالتالي الى عدو للذكورية , ولو لم يكن أمر المرأة كذلك لما استفحلت محاولات اقصائها واذلالها ونبذها وحتى قتلها اجتماعيا حتى فيزيائيا بالذبح والرجم والجلد ومجموعة من التشريعات القاتلة لـسنة الانسان .
ذابح الشابة نيرة اشرف كان أحد أولئك المؤمنين الذكور , الذي اراد اقتناء انثى ضد ارادتها , اي تملكها كأي شيئ يمكن تملكه بالقوة والعنف كما فعل الأقدمون , لم يستوعب ذلك المؤمن التراثي بأنه للشابة ارادة ورغبة واستقلالية القرار وحرية التصرف بجسدها , الذي هو ملكها , كذلك كان أمر الشابة الأردنية القتيلة والمئات غيرهن , هؤلاء لم يذبحوا بالسكين ولم يقتلوا رميا بالرصاص لكونهم مجانين او مجرمين , فمن ذبح وأطلق الرصاص كان التراث الديني -الاجتماعي , الذي حدد طبيعة المقتولة بكونها ناقصة عقل ودين أي شيئ ما او بالأحرى لاشيئ , البرهان على كون العامل المؤثر على تصرفات الذبيح كان تراثي ديني كانت موجة التعاطف معه والتأييد له ,الذي تجلى بالألوف من التعليقات المؤيدة لذبح نيرة اشرف , أمر التعاضد وتأييد الذبيح تطور الى عملية جمع التبرعات لدفع الدية لاسقاط الادعاء الشخصي عن الذبيح , وبالتالي الى تقزيم العقوبة الىى سجن لمدة قصيرة , هنا يجب التنويه الى ان دية القتيلة تساوي نصف دية الذكر , ولو كانت الضحية من قوم الكفار لكانت ديتها نصف دية المؤمنة , اي حسابيا ربع دية الذكر المؤمن .
ثقافة الذبيح ومن التف حول فعلتة من مؤيدين ومؤمنين حوله الى بطل الأمة , بطل لأنه ازال شائبة سافرة , وما هي قيمة الأنثى بدون حجاب !! , بطل الأمة لأنه كرس مفهوم الحق البدوي المرتشح في العقيدة والممثل للخلفية الفكرية لهم , لاتسمح عقيدة الرجال قوامون على النساء باقامة علاقات خيارية طوعية متساوية ومتوازية بين الذكر والانثى , فالرغبة رغبة الذكر حصرا , وعلى الطرف الآخر ان يتموضع في مرتبة او حالة تحقيق رغبات الذكر , ومن عصيت استحقت الذبح بالسكين او القتل رميا بالرصاص , واين العجب من كل ذلك !,وقد مارست القدوات كل ذلك , واين هو الفرق بين شحن السبايا الى حرملك الخليفة وبين ذبح شابة المنصورة ؟ , وهل تورع موسى بن نصير عن ذبح الاسبانية او الأمازيغية العذراء , فيما لو تمنعت أو قاومت تصديرها الى حرملك الخليفة ؟, لاوجود في الأدبيات الدينية , سوى الاستحسان لثقافة ملك اليمين اي اختطاف السبايا ووضعهم في حظيرة النكاح ,هذا الاستحسان لايزال مستمرا الى هذا اليوم,
لايسمح التراث للمؤمنين باقامة علاقات شراكة خيارية , فالمرأة متاع وغنيمة حرب بعواقب واختلاطات منها تفجير الغنيمة في حالة استعصاء الحصول عليها , كأن ترفض ناقصة العقل والدين امتلاكها من قبل مؤمن , شابة المنصورة رفضت وشابة الأردن رفضت والنتيجة مقتلهما ذبحا ورميا بالرصاص, ولماذا لايقلد القتلة الذبيحة والقناصة في الاردن ومصر اجدادهم وما تعلموه في المدرسة عنهم وعن كونهم قدوة , هل هناك في ادبيات المرجعيات الدينية اي شجب او نقد لثقافة ملك اليمين او لثقافة اختطاف السبايا , وهل هناك اي رفض لثقافة امتلاك الفرج , وعند الضرورة معاقبة صاحبة الفرج او حتى اغتيالها عند تمنعها عن المضاجعة ؟ , ضربها هنا شرعي , وحتى الملائكة شاركت الذكر في ممارساته التربوية , ليس الملائكة فقط , انما الله , الذي لايريد في جنانة امراة متمنعة ورافضة ومتمردة على الاستهلاك الجنسي وحيد الجانب.
من يتصفح ماكتب عن ثقافة الاستحواذ يصطدم بفاجعة الاجرام من جهة , ومن جهة اخرى بفاجعة الكذب والرياء بخصوص تكريم المرأة اللامتناهي,وما تحظى به من مكانة مرموقة وحقوق مضمونة ومصانة , آلاف من الكتابات النمطية في التستر على الحقيقة وفي ممارسة التزوير, لاوجود في ادبيات المرجعيات نقدا لسبي النساء وخطف الجواري والاماء , كل القدوات امتلكوا جواري وسبايا في اطار حقهم الشرعي في الاغتصاب والاذلال ,حيث اعتبر ذلك جهادا في سبيل الله , كما أكد الشيخ الحويني في خططه للقيام بغزوتين سنويا لتجميع السبايا والتصرف بهم حسب الحاجة مثل بيعهم او اهدائهم او غير ذلك .
لم يسأل الحويني وغيره وأشباهه نفسه لأن السؤال ممنوع …لاتسألوا !ولو سألوا بشيئ من الضمير لاهتز ذلك اليقين الحيواني المدمر لقيمة الانسان وحرمته البشرية ولاقتربوا من الأنسنة , ولكنهم لايريدون سوى الحيونة وافتراس الغير , القادر على افتراسهم وعزلهم ونبذهم والقضاء عليهم , نشر أحد الأصدقاء على هذه الصفحة تسجيلا لخطبة واعية للشيخ عدنان ابراهيم , من المفيد سماعها !