سمير صادق:
للانسان السوري بشكل عام موقف عدائي من منظومة الدولة ولأسباب عديدة ,أهمها خبرته السيئة مع هذه المنظومة , التي مثلها الاستعمار لعدة قرون , ثم تمايز دولة الاستقلال عن انتظاراته وأحلامه وممارسة هذه الدولة المستقلة شكلا لقمعه واستغلاله واستبداده وتطييفه وعدم انصافه, من غير المجدي اعادة الحديث عن ماقبل الاستقلال ’, فالاستعمارالخارجي كان أجنبي تركي أو فرنسي او قريشي ,أما دولة الاستقلال فقد كانت سلطاتها المتعاقبة التي تشكل الأسدية الجزء الأكبر منها زمنيا سورية , وللأسف فقد كانت الأسدية سلطة استعمارية داخلية تغلبت في انحطاطها على السلطة الفرنسية الاستعمارية ووازت بالعديد من المعالم والخصائص السلطة العثمانية او القريشية البدوية .
ليس من الطبيعي والأخلاقي أن تكون سلطة الاستقلال أشد استعمارا للوطن من استعمار دولة أجنبية له , وسلطة دولة الاستقلال هي بشكل رئيس السلطة الأسدية التي يمكن ترتيبها من حيث ازمانها بعد السلطة العثمانية , أما من حيث توحشها فمستواها عثماني او قريشي ..لقد بلغت درجة تخريبها للبلاد حدا دفع الكثرين للتحسر على رحيل فرنسا , وللتحسر على النظم العائلية والعشائرية التي أتت مباشرة بعد الاستقلال, والتي بدأت بداية واعدة بالتطور نحو الأفضل , الى أن جاءت الأسدية وباشرت بتطوير البلاد نحو الانحطاط المطلق ,الى أن وصلت البلاد الى حد التدمير المطلق ..الى حد اندثار الدولة التي قضي عليها قبل أن تكتمل .
ليس من الغريب أن أن يكون البعض مؤيدا للسلطة الأسدية ومريدا الاستمرار لها , فالحياة بالنسبة للبعض امتيازات وفرص لممارسة الفساد , يستفيد هؤلاء المؤيون من سلطة الأسد أكثر من توقعات استفادتهم من سلطة ديموقراطية , لهؤلاء كامل الامتيازات , أحدهم يستطيع أخذ بيتك وطردك منه وأنت صامت لا تتجرأ على ابداء أي اعتراض , لهم الوظيفة الدسمة والبرطيل , ويستطيعون مخالفة قوانين البناء , وعلامات أولادهم في الفحوص المدرسية عالية بالتنقيل عينك عينك , ويعملون بكار الواسطة , وتراهم في هذه الأزمة الخانقة يبنون البنايات الضخمة ..وكله من راتب رسمي لايغطي مصاريف حياتهم ليوم واحد في الشهر ,قائمة المشجعات على الولاء لولي النعمة بشار الأسد طويلة جدا , وما ذكرته ليس سوى بعض الأمثلة .
ليس من الغريب أيضا أن ياجأ الأسد الى مجموعة تسمح لنفسها بالاعتداء على الوطن وعلى الآخر وعلى الأخلاق والاستقامة , لايتصف كل البشر بأخلاقيات عالية , هناك من يمارس أشنع الرزائل مقابل المال , وهؤلاء وجدوا في الأسد مرادهم , فالأسد البائس لايستطيع جذب الا من سقط أخلاقيا ومن انحط وجدانيا , وكيف يمكن للأسد أن يكون رجل ذو شعبية ؟؟؟ وما هو الجذاب به ؟ هل هو فكره ..فقارنوه بأنطون سعادة , هل هي اخلاقياته ..فقارنوه بشكري القوتلي !, هل هي نجاحاته اقتصاديا ..فقارنوه بمهاتير محمد من ماليزيا .. وعلى فكرة فقد كان اقتصاد ماليزيا عام ٢٠١٢ ثالث أكبر اقتصاديات جنوب شرق آسيا , وقبل نصف قرن تقدمت سوريا على ماليزيا اقتصاديا .. يبلغ دخل الفرد في ماليزيا سنويا ١٧٠٠٠دولار وبناء عليه فدخل اسرة مؤلفة من خمسة أشخاص يبلغ ٧٥٠٠٠ دولار أي شهريا حوالي ٧٠٠٠ دولار , والفرد ينتج في ماليزيا حوالي ١٥٠٠٠ دولار ,وأتوقع أن يغمى على الشحاد السوري عند تعرفه على هذه الأرقام , والتعرف على أرقام كوريا الجنوبية ليس أرحم وقعا على الانسان السوري عابر البحار والمحيطات سعيا وراء لقمة العيش وقليل من الحرية .
عودة الى شعبية الأسد المفقودة , هل يجذب الأسد الأتباع بسبب انتصاراته العسكرية وحنكته الميدانية ..فقارنوه بموشي دايان , وهل استطاع الأسد مكافحة المد الرجعي السلفي ؟؟؟لذا قارنوه بالملك المغربي محمد الخامس , وعن حنكته السياسية ورتابة أفكاره وتصريحاته فحدث ولا حرج … وهل الانفصامية خاصة تصنع الشعبية ؟… أخجل مما يتفوه الأسد به من تفاهات وشروحات يشعر الانسان بها وكأنه جالس على مقعد في الصف السادس اعدادي , اذن لايستطيع الأسد بناء شعبية الا بالبرطيل والطائفية وتخويف الطائفة من عواقب سقوطه .. أيضا ماذكرت ليس سوى بعض الأمثلة عن الأسد وطريقته في تجميع البعض حوله !.
ليس من الغريب أيضا أن يصاب المعارض السوري بالكثير من الخوف اذا أراد ممارسة حقوقه الدستورية في حرية الرأي أو حرية التظاهر او ممارسة واجب النقد , أو حتى أي ممارسة سياسية لاترضى القيادة الحكيمة عنها , لست مستعدا أن أموت في السجن تحت التعذيب لكي اسجل نقطة اعتراض على الأسدية , لقد قضيت معظم حياتي في مستنقع العذاب السوري, انها سجن كبير وبه آلاف السجون الأصغر , لم أكن لما يقارب الثلاثة عقود يوما ما حرا , ولم أنام يوما ما الا خائفا وقلقا , ولا أعرف أي تقدم في حياتي وحياة أسرتي اقتصاديا , بينما الجار السارق والمهرب والمؤيد للأسد يبني العمارات وزوجته تتغندر بالذهب والآلماس وتسير مزينة بالعقود والسناسل والخلائل كحصان السيرك , ولماذا اعرض حياتي لنهاية موجعة , فعبور المتوسط طلبا للرزق أسلم من الحياة في سوريا ,الاهتمام بالحياة الخاصة كتأمين مستقبل الأولاد وضمان الحد الأدنى من الحقوق الطبيعية كالحرية واجب , لا أقوى على تغيير أي شيئ في سوريا لأن الطاغوت مستعد لاحراق سوريا والسوريين من أجل بقائه , حتى لو بقي وحيدا , السوري يموت قبل ان يولد, والولادة في سوريا من أكبر الكوارث , التي يتعرض لها السوري لها , ..اسألوا السوريين عن مواقفهم ومشاعرهم وأوضاعهم وتأكدوا قبل ذلك من أن الجدران لاتسمع !.