عثمان لي :
لو انقلب عسكر دولة يوم ٨ آذار , ولو انهزمت دولة عام ٦٧ وفقدت مساحة كبيرة من أراضيها, ولو اعلن وزير داخلية دولة على أن رئيس هذه الدولة نال ١٠٠٪ من الأصوات , ولو قام رئيس دولة بحركة “تصحيحية” مضمونها ادخال بعض الى الضباط الى السجن ….الى آخر الانجازات , ولو كانت تلك الدولة على سبيل المثال فرنسا , لما بقي الرئيس والبعث والمشايخ والعائلة وماهر وبشار وبشرى ورفعت وجميل ونجيب ومخلوف وغيرم ساعة واحدة خارج السجن.
الخلل في ادراك هذا الشعب لحقوقه وللاجحاف بها وبمصالحه وبحياته مزمن , انه الشعب ألذي لم يحرك ساكنا ولم يثور ولم ينتفض خلال ٤٠٠ سنة عثمانية , وخلال ١٠٠٠ سنة بدوية قريشية , لم يدرك الشعب هول وفداحة تلك الأحداث , لم يدرك تلك الفداحة حتى بعد مئات السنين من المعاناة , اخيرا ادرك الهول , ثار وانهار مع ثورته بعد أشهر على يد الفصائل الأصولية بالدرجة الأولى , لقد كان ثائرا كسيحا ,ولا عجب من تعثره وسقوطه ,ليحل محله كسيح ومعاق آخر يحمل بندقية , انه ابو بندقية الذي يتعارك لحد الآن مع رجل الغابة راكب الدبابة , من انجازاتهم كان تهديم البلاد وارغام نصف الشعب السوري على الهروب واللجوء والنزوح , ثم مقتل مئات الألوف واختفاء مئات الألوف في غياهب السجون وبالتالي فشل الدولة وتحولها الى مستعمرة من النوع الذي لايرغب أي مستعمر باستعماره , حتى كمستعمرة أصبحت سوريا مرفوضة .
عاش النشاط الثوري السلمي لأشهر ومات لضعف في الثقافة , وحل محله تعارك الجهل المطلق والعنف المطلق المتمثل بأبو بندقية وأبو دبابة وزادوا على خراب البلاد خرابا اضافيا , البعض قال أن اندلاع الثورة الكسيحة تأخر جدا , وجورج طرابيشي قال قبل وفاته بأن اندلاعها كان مبكرا جدا , من باب الثقة بطرابيسشي أظن على أنه اجتهد وأصاب , والبرهان على ذلك هومانراه اليوم , فحيث لاتوجد ثقافة لايوجد وعي ولا يوجد وضوح في الأفق ولا تنجح ثورة , هذه بلاد جاهلة , وعليه لايمكن أن يحكمها سوى الجهل , وهل من الممكن تصور نهاية أخرى لبلاد جاهلة ويحكمها الجهل ؟؟؟
هناك بعض المثقفين بدون شك , الا أنه وبدون أي شك لا وجود لثقافة معممة شعبية , كيف يمكن تثقيف الناس عندما يمارس ١٪ منهم القراءة , وهل هناك مايستحق القراءة في بلاد الممنوعات والمحجوبات والمحذوفات , هل تستحق جريدة جريدة البعث أو الثورة القراءة ؟؟ وهل تصفح البعث أو الثورة أو تشرين مكرس للثقافة أو مكرس للجهل ؟ , ومن قال على أن السلطة تريد تثقيف الشعب ,شأنها كشأن الاستعمار العثماني الذي اقفل المدارس وحارب تشغيل العقل , انما تشغيل المعدة بتقنية التقنين التي تسمى “جوع وتجويع أو مجاعة “.
ممارسة الحياة كانت منقوصة والهدف الأكبر للأحياء كان البقاء العضوي على قيد الحياة , الفكر والعقل والمعرفة والثقافة أصبحوا كماليات مرفوضة في زمن المقاومة والممانعة , الممانعة تتطلب التخلي عن كل شيئ باستثناء الولاء للقائد, أغمض عينيك وسر خلف القائد فستصل الى الهدف المنشود , يقال القائد اعاد للشعب كرامته واستقلاله الذي سمي الاستقلال الثالث , وعن الديموقراطية والحرية فقد وعد القائد بها , ولكن بعد تحرير فلسطين , أنه لظروف المعركة مع العدو متطلباتها , والقيادة اكتشفت العدو في الداخل, لذلك كان على الرصاص أن يلعلع في الداخل انطلاقا من الحكمة التي تقول لاصوت يعلو على صوت الرصاص , فالعرب كما تعلمون “أمة صوتية” , أمة مفتتنة بالضوضاء والضجيج والتأذين والتكبير …خير أمة أخرجت للناس !