تصفية الوطن …

سمير صادق

لا تعليق - جريدة الوطن     في سياق المحنة السورية ,ارتفعت شعارات وسقطت أخرى , من الشعارات التي سقطت , كان شعار حماية النظام للأقليات , أي أنه توجد في البلاد “أقليات”,ومن يجهل طبيعة مفهوم الأقليات والأكثريات عليه بالقاء نظرة عابرة على الوضع السوري , حيث يمكنه وبسرعة التعرف على ثقافة الأقليات والأكثريات واختلاطات هذه الثقافة .
لقد أفرز السقوط الحضاري السوري بنية اجتماعية سياسية , قوامها تمثيل الطوائف لمفهوم الأقليات والأكثريات السياسية , أي   أن   سوريا     أصبحت عمليا دولة دينية قوامها    السياسي طوائف عددية , هناك طائفة أكثر عددا من الأخرى , وطائفة أقل عددا من الأخرى ,لايمين ولا يسار ولا شيوعي أوقومي , انما طوائف   دينية !!!, تحول المجتمع من سياسي نسبيا الى مذهبي مطلق ,والوضع عاد الى أصله المذهبي العشائري  كما   بدا   في   السقيفة  , بعد    تحسن   طفيف  في عشرينات القرن الماضي, تفاقم الوضع بعد فشل الأسدية في تداول السلطة سياسيا , لذا جاء الحل “الراقي ” عن طريق التداول المذهبي للسلطة , عمليا كمن يبحث عن الحماية من الرمضاء بالنار !.
الأمر وما فيه وما عليه كان بالنتيجة الغاء دولة الوطن , وتحويله الى كيان طائفي بصيغة ماقبل الدولة ,كيف تمكن النظام من قولبة المجتمع والدولة بهذا الشكل ؟؟ وكيف تمكن النظام من “فرض ” البنية الطائفية على كامل المجتمع , وهل كان النظام وحيدا في مساعيه ؟ أو أن النظام لم يكن وحيدا في محاولته تطييف المجتمع وفي نجاح عملية التطيف …!
لايعقل أن تكون الأسدية هي الوحيدة التي قامت بعملية التطييف   المفجعة  , واذا كان هدف التطييف هوالهيمنة , لأنه    من  طبيعة الجماعات الطائفية  الغاء المساواة ,   اذ  لاتعتاش   الطوائف  الا    على    الهيمنة  , لذا يجب القول بأنه كان للأسدية مصلحة بذلك, وكان لها شركاء في المنافسة على الهيمنة , شركاء يظنون بأن الهيمنة من حقهم لامتلاكهم للقوة التي تصنع الحق , فبرأيهم البدائي, الذي تمتد جذوره حتى السقيفة, لهم الحق في الهيمنة ,وعندهم حق القوة     أي   القوة العددية!, لذا الى التطييف, الذي يبلور قوة كل طائفة كمقدمة للنزال الذي سيحسم الأمرحسب مفهوم الغلبة الغالبة !!
بعد أن مارست الأسدية ولسنين انكار الطائفية ومنع التطرق لها تحت طائلة العقاب , سقط قناع الانكار, بعد أن أصبحت الأسدية عضوا في محور الملالي   الايراني ,لم   يكن    للجهة   الأخرى    أصلا قناع   أو   حجاب  ,  كانت سافرة منذ البدء, معلنة انتمائها لمحور الاخوان وتمركزها في فضاء الاخوان , اكتملت تشكيلة المحاور باعطار المحاور روح وعقيدة ,  مثل   شعاار  لن تسبى زينب مرتين !, والويل الويل لمن يتعرض لعائشة أم المؤمنين , فالى السيف يامجاهدين ومن يقتل مجاهدا فله ثواب عند رب العالمين !.
تشتعل الحرب عندما يظن كل طرف من الأطراف بأنه سينتصر , وخلفية حسابات الانتصار عند الطوائف اعتمدت على العددية , اي   لكل   رجل   سيف  , الأصولية الاخونجية أكثر عددامن الأصولية الملالية , وكل من الأطراف المتعاركة بدأ بتعويض نواقصه  بطريقته الخاصة , الطرف الاخونجي وجد دعما من السعوديين والقطريين والأتراك ,والطرف الملالي وجد دعما من ايران وحزب الله والعراق , الذين ضمهم الأسد الى ملاكين لسوريا , فالأرض لمن يدافع عنها كما قال السيد الرئيس,!مؤكدا بذلك ضرورة استيراد شعبا جديدا لاصلاح الخلل في التشكيلة الطائفية   السورية  ,وكأنه    يحضر  لنسخة جديدة من كربلاء مع اختلاف   عن   نتائج تصفية حسابات كربلاء , النتائج  كانت مؤسفة ,اذ أن التصفية طالت بالدرجة الأولى سوريا كوطن ودولة ومجتمع وأرض وحتى وجود .
لاتنحصر المسؤولية عن التطييف بالأسدية الملالية , فالطرف الآخر الاخونجي ليس أقل مسؤولية عن التطييف من الطرف   الملالي , أظن بأن التاريخ سوف لن يرحم طرفا منهم ,بالرغم من كون من تصدر مواقف وممارسات طائفية من الطرفين كان حثالة هذه الأطراف ,   لذا  فالعتب كل العتب على المتنورين من الطرفين ,  اذ  أن    البعض  منهم انجر الى مواقف دونية انحطاطية لاتختلف عن مواقف الرعاع والحثالة , لقد تمت تصفية الوطن ,وما معنى اقلية أو أكثرية في وطن لم يعد له وجود .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *