صادق , مها بيطار :
اعتبر الاختلاف في شكل كتابة اسم الدولة السورية امرا بسيطا وبدون أهمية بشكله اللغوي المجرد , الا أنه من المألوف عالميا ان يكتب اسم الدولة بالألف الممدودة مثل فرنسا …أمريكا , روسيا , المانيا وغيرهم , يقول خبراء اللغة ان كتابة الاسم تجوز بالألف وتجوز بالتاء , أما اذا كانت الاشكالية سياسية , اي يراد من شكل كتابة الاسم التدليل على هوية الشعب السوري , فالتاء المربوطة عروبية , وبالتالي يجب أن تكون سوريا عربية الهوية , لما لذلك من أهمية مصيرية بالنسبة لحاضر ومستقبل سوريا , وأنه بدون العروبة ستذبل سوريا وتموت , وبدون العروبة سوف لن تكون هناك سوريا اطلاقا.
الألف الممدودة ليست عروبية ,فمن منظور الحزب السوري القومي الاجتماعي , الذي أسسه سعادة عام ١٩٣٢ , تعتبر سوريا دولة الأمة السورية , التي تشمل الهلال الخصيب , , مؤسس الحزب سعادة رأى انه لشعوب تلك المناطق تاريخا سوريا مشتركا , رفض سعادة عروبة سوريا ورفض التاء المربوطة التي تريد الدلالة على عروبة سوريا , لذلك يكتب الاسم كما تكتب اسماء معظم دول العالم بالألف الممدودة, ولا تتعارض هذه الكتابة مع قواعد اللغة .
من أجل التاء المربوطة وتأكيدا على ضرورة هذه التاء المربوطة وأحقيتها في كتابة الاسم , كانت هناك طروحات غريبة عجييبة , من اكثر الطروحات غرابة كان ما ادعاه المؤرخ وعالم الآثار عامر مبيض مروجا لعروبة سوريا وبالتالي للتاء المربوطة , اذ ادعى المذكور ان سورية تعني السيدة الأم السورية عشتار التي اكتشف صنمها عام ٢٠٠٦ في محافظة حلب , والصنم يعود الى ٨٧٠٠ سنة قبل الميلاد , لذا استحقت سورية لقب أم الدنيا وأبوها , والأم ككلمة عربية -عمورية وردت في نصوص اوغاريت , وهكذا اعتبر السيد المؤرخ ان الأمورين عرب واسم عشتار بالتالي عربي , هنا جهل المؤرخ قضية الزمن , فعمر صنم عشتار ٨٧٠٠ سنة , بينما ذكر التاريخ العموريين ٣٠٠٠ سنة قبل الميلاد , اي ان عمر الصنم أقدم من عمر العموريين بعدة آلاف السنين ,ثم أنه لاعلاقة بين لغة العموريين , التي تعتبر احدى اللغات السامية الشمالية الغربية وبين العربية , استوطن العموريون جزئيا في مملكة ايبلا وماري , للغة العمورية علاقة مع اللغة الكنعانية, كنعان تعني سوريا ولبنان وفلسطين واجزاء من الأردن ,لم يهاجر الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية كما ادعى خزعل الماجدي , فالمدن الكنعانية في فلسطين أقدم من الآثار الكنعانية في الجزيرة العربية , أريحا أقدم مدينة في التاريخ, فمن أجل عروبة التاء المربوطة يجب تزوير التاريخ كالعادة .
بدون شك هناك علاقة بين سوريا وبين العروبة , والأمر عاد الى احتلال عرب الجزيرة لسوريا لمدة الف عام تقريبا , معظم السوريون اختاروا بعد الحرب العالمية الأولى الهوية العربية , أملا بمستقبل افضل في ظل العروبة وتحت قيادتها , الا أن القرن الأخير برهن العكس من ذلك , وبرهن على أن العروبة والعروبية كانت كارثة الكوارث , لذلك بدؤا بالبحث عن هوية جديدة , والجديدة في سوريا كانت القديمة , التي ازدهرت سوريا في ظلها, والتي بلغت من العمر حوالي ٧٠٠٠ سنة , وفي ظل هذه الهوية كان هناك عمران وتقدم في كل المجالات , فالهوية السورية ليست عربية وليست رومانية وليست فارسية وليست عثمانية وليست فرنسية , انما سورية , وأين هو الخطأ في كون هوية الدولة السورية الرمزية هوية سورية كما هو حال كل دول العالم تقر يبا .
لم ينبض قلب سوريا الا عندما كان سوريا , وعندما حاول ان ينبض عروبيا مات وتوقف عن النبضان , بعد تجارب القرن الأخير توقفت القلوب العروبية في كل مجتمعات هذه المنطقة عن النبضان , من مراكش الى عمان بدون استثناء , لا يشك عاقل بموت القلوب العروبية, ماتت التاء المربوطة وماتت العروبة معها , والبعض لايريد حتى الترحم عليها …