ولما التقزز من ارتماء أدونيس في مطب المذهبية ؟ , فقد تحول كامل المجتمع الى المذهبية , فالبعض السني ليس أقل سنية من علوية البعض العلوي , وحتى البعض من البقية المسيحية طوروا انفسهم باتجاه الانغلاق الذي أصاب الفئات الاخرى , البعض أراد منهم أن يصبحوا طائفة متراصة كباقي الطوائف , ارادوا منهم أن يحاربوا كما يحارب الآخرون ,,وقد قطعوا في هذا المجال الضال باشراف رجال الدين أشواطا مهمة ,,وهم في طريقهم الى التحول الى مايشبه غيرهم , من حسن الحظ أن هجرتهم عاكست هذا التطور ,اذ لم يبق منهم ما يستحق يذكر .
دعونا نفترض وضعا آخر , وضعا يتسم بالتوجه السياسي وليس التوجه المذهبي عموما , فهل كان من الممكن لادونيس أن ينحدر مذهبيا ؟ والجواب على ذلك قطعي , لو كان الجو مدنيا لما تنكص أدونيس وغير أدونيس بهذا الشكل المريع .
للمذهبية العديد من الأسباب منها استمرارية التراث المذهبي القديم , ثم الغاء السياسة حديثا , فمن يلغي السياسة ويعاقب من يتداولها بأشد العقوبات يرغم الناس على الوقوع في مطب التمذهب , الذي كرسته السلطة بالشراكة مع الفصائل , ولا نعرف ان كان ذلك التكريس عمدا وعن سابق اصرار وتصميم , أو ان الجميع انزلقوا لاشعوريا في الدوامة المذهبية , بالنسبة للاسدية فقد أرادت التأبيد , ومن يريد التأبيد عليه بالنبوة , لذا اصبح الأسد نبيا من حيث يريد أو لايريد!!!!!
وقع أدونيس في الوحل مرارا , الا أن الوقعة الكبرى تمثلت باحجامه عن التوقيع على العديد من البيانات الشجاعة وذات الحس الانساني ,والتي توالت في فترة السنة الأولى أي عام 2011, وقد وقع على هذه البيانات آلاف السوريين باستثناء أدونيس , في هذه البيانات امتزجت مواقف تأييد الإنتفاضة مع مشاعر إدانة النظام وشجب ممارساته اللاأخلاقية لم يوقّع أدونيس على أيّ من هذه البيانات،لكن السؤال المنطقي اللاحق هو التالي: هل يعقل أنه…..وهو الذي يتمتع بدرجة عالية من الذكاء ويحسن تقدير المواقف، وانتهاز الفرصة المناسبة في التوقيت المناسب ـ لم يدرك الحاجة الأخلاقية والسياسية الحياتية لموقف البيانات الانساني والأخلاقي ؟؟
السؤال عن الوحل الآخر , الذي تمثل بالنص الاستعطافي لرسالته الى “الرئيس المنتخَب”، ألم يدرك “الثعلب” أدونيس بأن مقامرته هذه خاسرة لامحالة, لم يتمكن من ادراك حجم الضرر الأخلاقي الذي سيلحق بسمعته كشاعر له صيت حسن في أوساط عالمية لا يجمعها جامع مع الإستبداد والمستبدين؟ قال المغوط عن أدونيس ..بدو نوبل !! فمن يريد نوبل لايتصرف كما تصرف أدونيس لاحقا وسابقا ,لجنة نوبل العليا على معرفة تامة بأشعار مديح الملالي وخاصة الامام الخميني عام 1979 , وعلى معرفة تامة بكتاب “الشيخ الامام محمد بن عبد الوهاب ” الذي جمع نصوصه مع زوجته خالدة سعيد , يبدو وكأن موقفه الهلامي والبايخ المايع من الأسد هو استمرار لمولقفه السابقة من الخميني ومن عبد الوهاب , بالرغم من كل ذلك , اشك في قابلية أدونيس على التحول الى شاعر بلاط أي بالعامية “بلطجي”,
بالرغم من كل ذلك أجد أن أدونيس الانسان الغير معصوم عن الخطأ قد تجنب عموما الوقوع في تفكير السماء بالمعنى الديني المقدس , الا أنه سقط ولو جزئيا , وله هفواته, ولا أنكر تقاربه بعض الشيئ من الأديب السياسي السلطاني , , فأدونيس لم يهرب من السماء ولم يسقط على الأرض كاسرا أضلاعه , الشاعر كان متواجدا دائما على الأرض , والدليل على ذلك تطرقه العنيد لكل أمور هذه الأرض !. هذا هو مثقفف غرامشي العضوي !.