بهلول , ميرا البيطار :
قرن كامل أنقضى , وبالناهية لاوجود الا للأنقاض , قرن كامل لادارة مشتركة ومتشابكة بين العروبة والاسلاموية , انتهت الى صناعة مخلوطة بين العروبة والاسلام , عن هذه المخلوطة عبر ميشيل عفلق يقوله ان الاسلام عروبة والعروبة اسلام , وبذلك انتهت العروبة المجردة سياسيا , وانتهى الاسلام السياسي المجرد دينيا .
رفض العروبة الاسلامية ليس ولادي بالتوريث , انه مكتسب بالخبرة والمعاناة , لا علاقة له بالحب أو الكره , فمعظم أمم وشعوب الأرض تغير من يحكمها ليس بعد ١٠٠ سنة وانما بعد حوالي خمس سنوات , كان أوباما وجاء ترامب وهل من قاسم مشترك بينهما ؟ , لم يتيقن الشعب الأمريكي من سياسة أوباما لذا كان ترامب, الذي لم يحقق انتظارات الشعب الأمريكي , لذلك ذهب وأتى بايدن .
اما في هذه البلاد فهناك استعصاء او استصعاب للرحيل , الحاكم يبقى لطالما تواجد على قيد الحياة , والنظم تبقى لطالما بقي حجر على حجر في البلاد , هناك استصعاب للتغيير الى حد الاستحالة , فبالرغم من فشل النظم نحاول الحفاظ عليها لأسباب عدة ,منها مفاهيم الثوابت أو القدرية أو المؤامرة أو الاتكالية أو الشللية , البدوية لاتستسيغ التغيير والتجديد.
داهمت العالم العربي في القرن الماضي موجات من البحث عن الهوية , التي كان عليها تحديد الطريق الى الهدف , موجة الهوية العربية ولدت في اعقاب الحرب العالمية الأولى , وتكثفت بعد الحرب العالمية الثانية , وفشلت في عام ١٩٦٧ فشلا نهائيا ومريرا , بعدها أتت موجة الأممية الاسلامية في النصف الثاني من القرن المنصرم , بعد فقدان الثقة بالعروبة , كانت هناك الصحوة الاسلامية , التي حاولت التملص من سمعتها السيئة عن طريق انتحال الصفة المدنية للدولة , لكن سرعان ما انكشف الأمر , بعد ان ضمت الصحوة مفهوم المرجعية الاسلامية الى مفهوم الدولة المدنية , وبذلك عدنا الى حيث كنا مع حسن البنا وسيد قطب ومع الدولة الدينية, وعاد الجهاد والارهاب والتفجيرات والدهس والرفس والسكاكين .
الشعوب كانت أزاء تجربة من طورين وموجتين كلاهما فاشل , بحثت الشعوب في أوائل القرن العشرين عن هوية , واعتقدت بأنها وجدتها في القومية العربية , والبعض اعتقد بأنه اكتشف هوية جديدة في النصف الثاني من القرن العشرين بعد فشل القومية العربية , الاكتشاف كان الأممية الاسلامية المتمثلة بالخلافة العثمانية , التي لم تنجح الا في تعجيل التخريب والخراب وفي القضاء على مشاريع بناء الدول .
الفشل يعني عدم جدوى الانتماء السابق القومي العربي والأممي الاسلامي , والعاقل لايعطي للأممية الاسلامية فرصا أكثر من الفرص التي أتيحت لها , ولايعطي للقومية العربية مزيدا من الفرص , بعد أن أعطيت فرصة العمر , ولا يعقل اعطاء القومية العربية والأممية الاسلامية قرنا اضافيا , لذلك ولدت في سوريا بداية بحث جديدة وبداية تبلور انتماء جديد -قديم هو الانتماءالسوري , الذي لايعني الشكلية والرمزية فقط وانما العملية , الانتماء السوري كهوية يعني وضع سوريا فوق الجميع ومصلحة سوريا فوق مصلحة الجميع واعتبار سوريا فهما وادراكا وارادة وطنا نهائيا , والسوريين شعبا مستقلا , يريد التحول الى مجتمع تمثل تعدديته وحدته , وذلك لبناء دولة حديثة حرة ديموقراطية علمانية .