ممدوح بيطار :
هناك من ينفجر عاطفيا بمجرد طرح موضوع يتضمن نقدا للعروبة والاسلام السياسي , بالنسبة لهؤلاء تمثل العروبة والاسلام جزءا مقدسا متعضيا في جسد ووجدان ونفس العربي , فأي نقد لهذا الثنائي أي العروبة والاسلام السياسي , الذي هو حقيقة واحد , لايمكن أن تكون له من دوافع الا الكره والحقد , والبعض طور هذه الفرضية بالتماهي بالمظلومية , بسبب عدم اعتراف من بقي على قيد الحياة من غير العروبيين الاسلاميين بالجميل العروبي الاسلامي , الفضل بتواجدك ياناكر الجميل على قيد الحياة يعود الى تسامح العروبة والاسلام , اذ ليس لك ياناكر الجميل حق بالحياة على أرضك وفي بلادك التي تحولت بحكم أعراف غنائم الحرب الى أرضنا وبلادنا , أصلا لاحق لك بشيئ , ووجودك هو نتيجة للمكرمات العروبية الاسلامية التي أمنت لك المأوى والماء والغذاء , وماذا تريد ياناكر الجميل أكثر من ذلك ؟؟
للعنف الفاشي الكلامي التعبيري خلفية اجتماعية -ثقافية , تجذير وترسيخ العنف الفاشي الكلامي نظريا وعمليا كان على يد العروبة المطلقة بصيغتها البعثية القومية العربية, فالمقصود بالفاشية التعبيرية هو العدوان العنيف على العامة واسترخاص حياتهم وحريتهم من حيث اعتبار هذه الحياة ملكا لهم , ومن شدة كرمهم وتسامحهم يهبون الحياة لمن يريدون … قتل الآخر هو الشيئ الطبيعي والمستقيم , والاستنكاف عن قتل الآخر هو الاستثناء والشواذ , وممارسة الاستنكاف عن القتل هي مؤشر لنوع من التكارم الغير مألوف في مجتمع المؤمنين , لابل يمثل نوعا من التخاذل في الحرص على مصالح الأمة …اطعمناكم وأيواناكم وأبقيناكم على قيد الحياة وهذا هو الخطأ بعينه , لو فعلنا ما علينا القيام به لكنتم الآن في القبر , و لارتحنا منكم ومن صليبيتكم وتآمركم .
العروبة ومن يمثلها من البعث والناصرية وغيرهم هي عقيدة مطلقة على مستوى الدولة والمجتمع والفرد , تقول ديباجة البعث من عام 1947 …. سوريا قطر عربي . ..سكانا وأرضا ودولة , فالدولة عربية والمجتمع عربي والفرد أيضا , وما عدا ذلك فهو مخصص للتعريب أو التهجير أو الاقصاء او القبول بمواطنة من الدرجة الثانية وما أسوء …. البعث يجيب على السؤال مالعمل مع غير العروبي ؟ , تقول المادة الحادية عشر ” يجلى عن الوطن العربي كل من دعا أو انضم الى تكتل عنصري , وكل من هاجر الى الوطن العربي لغاية استعمارية ” وما يخص الوطن العربي يخص الأفراد في هذا الوطن العربي , أما التحول الى عرب أو الالغاء من الوجود , هذه هي الخلفية التي لاتسمح للعروبي بتصور اي انتقاد للعروبة , فالعروبة اضافة الى كونها بمثابة دين مقدس تحولت الى جزء من عضوية الانسان الذي عليه أن يكون عربي , وعلى وجدانه أن يكون عربي أيضا , وحتى على أحلامه وقواعد تفكيره أن تكون عربية , ولا يمكن لمجانبة ذلك الا أن يكون ذلك دلالة على الحقد والكره والتنكر لمكارم العروبة التي تهب الحياة لمن تريد وتأخذ الحياة ممن تريد …. العروبة وحدانية … ولا اله الا هي !
يقوم تفكير العروبيين على مبدأ المجانسة القسرية , التي ترتكز على عامل التعريب النشيط كاضفاء صفة العروبة والعرب على كل مؤسسات الدولة وعلى الدولة بشكل عام ..الجمهورية العربية ..الجيش العربي ..النشيد العربي …اللغة العربية … الخ وعواقب رفض التعريب جسيمة قد تصل الى حد الاتهام بالخيانة وبالتالي التعليق على حبل المشنقة .
لاتعددية في ظل الوحدانية …… كلنا عرب وحتى الفينيقي عربي والكردي أيضا والسرياني ,والتاريخ بدأ بالعرب , وسوف يستمر عربيا , العرب سكان بلاد الشام قبل الغزو وبعد الغزو والى الأبد !!! , لم يتعرب انسان هذه البلاد قسرا , والتحول من اللغة الآرامية الى العربية كان طوعي , كتحول المسيحي الى الاسلام …تحول تأسس على يقين الناس بأن االلغة العربية أفضل من الآرامية , وعلى يقين الله بأن الاسلام أفضل من المسيحية , وهكذا تحولنا الى الأفضل بعد أن اخترنا الأفضل من لغة ودين وانتماء …
انظروا الى حالنا , ألسنا خير أمة !!!على العرق العربي-الاسلامي أن يسود وأن يحقق بسيادته التجانس القسري مع الآخرين , تجانسا فشلت حتى الطبيعة في تحقيقه ….التعددية والاختلاف هم من طبيعة البشر في كل انحاء العالم باستثناء هذه المنطقة التي يقال بأن من يسكنها بشرا أيضا !