سمير صادق :
الأمر ليس كما يظن البعض ومنهم الصديق المعصراني بالنسبة لانسانية عمر , فقد كان عمر الخليفة الذي ارسل عمرو ابن العاص لاحتلال مصر بالسيف , وبالتأكيد تم ذبح عشرات الألوف من البشر في سياق الاحتلال , وهل جهل ابن الخطاب معنى أحتلال مصر حربيا ؟؟؟ لا أظن , فابن الخطاب كان على دراية بأفعال قادة جيوشه , وكان بدون أي شك على المام كامل بما فعله عمرو , لذلك سأل عمرو كيف استعبدتم الناس , فالاستعباد كان واقع ادركه ابن الخطاب , الا أنه من الصعب تصور دجلا بهذا الشكل , يرسل جيوشه للاحتلال , ويعرف عواقب هذا الاحتلال, ثم يستهجن هذه العواقب … , يرسل البدو للسرقة والسلب والنهب , ثم يستنكر السلب والنهب, ياللعجب !!!
يوجد العديد من المشاهدات المروية من قبل المؤرخين المسلمين , حول أحداث وحالات, تبرهن عن ممارسة ابن الخطاب للدجل الأسطوري , لم يكن الغزو الاحتلالي العمري نزهة حربية نظيفة , بل كانت حرب استعمارية ولصوصية , أريقت الدماء من أجلها واستلبت فيها الشعوب وصودرت ارادتها في العيش والقرار والدين واللغة ,
من ناحية الآلية لافرق بين اسقاط الدولة الفارسية وبين اسقاط مصر , فبعد اسقاط الدولة الفارسة , تم فرض الجزية على الفرس والخراج على أرض الفرس , والفرس لم يعتدوا يوما ما على جزيرة البدوية , بدو الجزيرة هم من اعتدى على الفرس واسترق نسائهم وبناتهم وسباهم وسرق أموالهم وما يملكون , ألم تتضمن هذه العملية استعبادا للفرس , الذين ولدوا أحرارا كالمصريين ! , لقد نسي ابن الخطاب سؤال جيوش قادته , كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا , فالفرس وكذلك الهنود والسوريين وغيرهم ولدوا أحرارا أيضا , لم يسأل لأنه مغتصب دجال , لقد كان للفرس شرف الدفاع عن بلادهم , وكان للفاروق وجيوشه ذل وعار احتلال بلاد الغير , وتعفيش بيوتهم ثم استرقاق بناتهم ونسائهم .
إما المصريون فقد كان البيزنطيون يحتلون أرضهم , لذلك ساعدوا بدو الجزيرة على طرد اليزنطيين نكاية بالروم , وأملا في أن تتحرر البلاد من الاستعمار , أسهب المؤرخ المقريزي في توصيف المساعدات التي قدمها أهل مصر الى المحرر الجديد, , وبالرغم من ذلك ,كافأهم عمر وعمور بفرض جزية قاسية منهكة عليهم , حتى أنه كان على الأموات دفع الجزية .
نتيجة لكل هذه الاشكاليات ونتيجة لتدخل الأقباط , ترفق عمرو بهم بعض الشيئ , مما دفع عمر الى عزل عمرو وتعيين عبد الله بن ابي السرج مكانه ,وفي سياق معاتبة عمرو بسبب تقصيره في تجميع الأموال وتصدير السبايا الى عمر قال عمر ” ان اللقحة (الناقة) قد درت بأكثر من درها الأول ” , أي أن ريع البقرة الحلوب ازداد بعد تعيين بن ابي السرج , هنا أجاب عمرو عمر ..لأنكم أضررتم بالفصيل , أي أضررتم بولدها أي اعتديتم على حقوق أبنائها .
مافعله عمرو وعمر بالمصريين من تشنيع وتتقتيل وتجميع للسبايا فاق كل تصور , أهل مصر كانوا بالنسبة لهم ماشية وبقر حلوب (أرضها ذهب ونساؤها لعب ورجالها من غلب وأهلها تجمعهم الطبلة وتفرقهم العصا) , هكذا كانت نظرة عمر وعمرو للمصرييين …ثم يسأل عمر ابن الخطاب متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهمم أحرارا , ياليته تمكن من ادراك التلفيق في هذه المقولة .
يتطلب اجتياح الهند وبلاد الأمازيغ واسبانيا وبلاد الشام … وكل بقعة من الأمبراطورية العربية الاسلامية الى طرح السؤال الذي طرحه عمر , طرح السؤال , وكأنه لاعلاقة له بموضوع الأموال والسبايا وغنائم الحرب , ارسل عسكره لتحرير الناس وليس لاستعبادهم , انه فاعل خير وانساني عادل , وعهده المسماة عمرية تشهد على ذلك … العهدة العمرية حررت وحققت المساواة بين الفاتح والمفتوح ..يالك من مجرم دجال ياابن الخطاب !.
واقعة مصر ليست فريدة من نوعها , ومن أشباهها يوجد آلاف , الهدف من ذكر هذه الواقعة كان التدليل على مايجب الاعتذار عنه من وقائع تاريخية مذلة ومنحطة , وما يجب الابتعاد عنه حاضرا ومستقبلا , لايقتصر الضرر من اعتماد البربرية اسلوبا للتعامل مع الآخرين على الغير , ممارسة البربرية على الغير ضارة بالدرجة الأولى ذاتيا, البربرية تحولت الى طبع متعضي من طباع البربري , فبعد حلول مرحة العنانة الأمبراطورية وبعد اخصاء العرب عسكريا , التفت العرب الى الداخل وتحولوا الى استعمار داخلي يسرق وينهب ويسلب ويعفش , ليس بأحكام وأعراف خمس له واربعة أخماس للقطيع السارق الناهب , القاعدة انعكست فللخليفة حاضرا أربعة أخماس وللقطيع الخمس تقريبا .., هكذا نتطور وما أكثر الحاسدين !