ديناميكية التوحش السوري ..

نيسرين  عبود:

   لايمثل  اي توحش  نوعية جديدة في حالة التأزم السورية , التي تحولت الى حرب أهلية , ففي الحرب الأهلية لاتوجد حدود أو قوانين يلتزم بها جميع الأطراف , وقد كان من الممكن نظريا تسمية هذه الحرب باسم الحرب الغير متناظرة , التي تفترض وجود جهة تلتزم بقانون ما , وجهة لا تلتزم بأي قانون أو عرف , أطراف الحرب الأهلية السورية لايلتزمون بشيئ اطلاقا , ولا يفكرون بالآخر اطلاقا , والوطن هو آخر اهتمامهم وهمومهم ,  عصابات  تتقاتل مع بعضها البعض  , وتقتل الوطن .

الحالة السورية تحتقن منذ نصف قرن , وبشكل متزايد يجري حقنها بما توفر من السموم ..تحتقن بالفساد الأسطوري ..تحتقن بالتسلط العائلي ..بتزايد الفقر ..بانعدام القضاء ..بانعدام تساوي الفرص ..بالمحسوبية ..بالعنف والسجن والتعذيب …بالاضطهاد والتفرقة العنصرية ..ان كانت دينية أو قومية , باحتكار وسرقة رزق البشر ..بسرقة حتى الجنسية والهوية …بالاقصاء بأشكاله المختلفة,  حتى  من  التوظيف  كمعلم  أو  زبال  !.

ما هو البعثي ؟؟هل هو العقائدي الشريف الذي لايرتشي ولا يسترزق عن طريق الاستزلام ؟؟؟ هل هو المواطن السوري الذي يقبل أن يكون متساويا مع المواطن الآخر حقوقا ووجباتا ؟؟؟ لقد دستر التفاوت والعنصرية والتسلط عن طريق المادة الثامنة والثالثة , ودستر الظلم عن طريق المادة ٢٨٥ , ودستر التجهيل والدجل عن طريق قانون الاعلام , ودستر الردة الأصولية عن طريق قانون الاحوال الشخصية ..الخ,فكل احتقان سينتهي بالانفجار , والاحتقان السوري انفجر متأخرا جدا , انفجر بشكل حركة رفض واحتجاج أو ثورة أو حراك ,  انفجر  ايضا   بسبب  الاحتقان  الجهادي  الفصائلي  الاسلامي الممتهن  للاجرام  المجرد  ,  الذي  لايهدف  سوى  لممارسة   الاجرام   ,  فالجهاديون    يريدون    الموت  لغيرهم   ولنفسهم  طمعا   بالصعود  السريع  الى  السماء   ,  هناك   تنتظرهم    الحوريات  وينتظرهم  الغلمان ,  أي  تنتظرهم  اجواء كرخانية  بامتياز,   لايمكن  القول  بأن  الظلم والاستعباد  والفساد   سيكون   أخف   لو   حل  الاسلاميون  محل   الأسديين    , أغلب  الظن   سيكون  الوضع  أسوء من   الوضع  الحالي  …بشكل  عام    لايمثل   الاسلاميون    حلم الانسان  السوري ,  ولا يمثل  الأسديون حلم  الانسان السوري    ,  كلاهما  مرفوض , ولا  يمكن  العيش  والتقدم  مع  اي  منهما . 

من  يرفض  الاسلاميين   عليه  رفض  الأسديين  ,  ومن  يرفض  الأسديين  عليه  رفض  الاسلاميين….  أي  بالنتيجة  يمكن  القول   بأن   المجتمع  السوري  بأكثريته  يرفضهم    جميعا    ,  هنا  لايبقى  سوى  سؤال  ثانوي   عن  اولية   المواجهة الرافضة   ..مواجهىة  مع  الاسلاميين  أولا   أو  مع  الطرف  الآخر   أولا,  عموما   داخليا  وخارجيا  , هناك  شبه  توافق   الآن  على  أولوية  المواجهة  مع   الاسلاميين   ,  انهم   الخطر  الأعظم   بين  قطيع  من  وحوش  الغابة ,  انهم   حقا  في  الصدارة .

للرفض   انواع  وأشكال ,هناك رفض مدني , ورفض علماني ,والصمت رفض , ورفض مسلح ,   كلهم  مرتزقة   ويجندون  مرتزقة   ,  وكل  منهم  له   مصادر    لتجنيد   المرتزقة   ,   الاسلاميون  يجندون  من  الطائفة  السنية   والأسديون   يجندون  من  الطائفة  العلوية  , وهذا لايعني ان الباب كان مغلق بوجه المرتزقة من الطوائف الأخرى  أو  الفئات   الأخرى  .. السلطة ترحب بكل مرتزق  والفصائل  ايضا ..بين المرتزقة توجد مراتب ومراكز وخطوط حمراء ونقط سوداء وامتيازات خاصة وأمور عائلية وعشائرية ..انها حبكة  معقدة من العلاقات التي تهدف من أولها الى آخرها الى بقاء   الهيمنة  الطائفية  التي  في سبيلها   يهون الغالي والرخيص, وحتى وجود سوريا بالكامل .
الاحتقان الذي انفجر وفجر الوضع   كانت  له حركية   او  ديناميكية ذاتية , ونماذج هذه الحركية الذاتية نعرفها من التاريخ , بشكل عام يتدنى مستوى التداول باضطراد الى جهة الوحشية والتوحش ,  والاتجاه الى جهة التوحش يتسارع طرديا مع انعدام الوسيلة التي تخفف أو تزيل الاحتقان , وما حدث  منذ  سنوات  لايتضمن أي وسيلة لتخفيف الاحتقان , انما تضمن كل مايرفع من درجة هذا الاحتقان , الذي انفجر  بغوغائية  ووحشية  متوقعة … من ظن على أن أشكال افرازات الانفجار سوف لن تتغير , ليس من هذا العالم …الشكل الجديد هو الشكل الانتحاري , الذي مارسته منطقيا الجهة التي  تظن  بأنها  تستفيد منه .

أحد  أهداف  هذا  المقال   هو  حض  الادارة  على  وضع  حد  لحرب   اشرطة   التشهير  بالآخر   ,  لاحاجة لبراهين  اضافية  بخصوص  حالة  التوحش  السورية ,  على  الادارة  منع  نشر  اي  شريط  بدون  منشور  مفصل  عن   موضوع  الشريط  ,  الثقافة  الشفحية  ضارة ,والثقافية   البصرية  كذلك (اشرطة  مسجلة  )  لابد  من  الثقافة  الكتابية  التحليلية ,

نيسرين  عبود  :syriano.netرابط  المقال : https://syriano.net/2020/11

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *