الزنى الفكري بين الشفهي والمكتوب…

ممدوح  بيطار   :

-يتميز  الحوار  مع معظم  الاسلاميين  بكونه   أقرب  الى   “التعارك  والمشاجرة ”, وفي هذه المشاجرة تستعمل أساليب عدة ,من أهمها  السب والشتم والدونية الكلامية ,هناك  لذلك  اسبابا  من   أهمها  الاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة , فامتلاك الحقيقة المطلقة لايسمح لمدعي مالكها الا بامتلاكه   للحق  المطلق , والحق المطلق هو المسبب للأفق الضيق , الذي لايتسع الا       لفكرة واحدة واتجاه واحد , الأفق   الضيق لايسمح بتعدد الاحتمالات , الأفق الضيق,الذي يحتضن المقدس غير مؤهل للتطوير أو التغيير ,لذلك فانه من غير  الممكن    أن يفرز   الحوار  مع  الاسلامين  أفكار جديدة    انهم في حواراتهم ” الشكلية” يمارسون الهداية  القسرية   بكرباج  الشتيمة والشخصنة.
-تمرد الطرف الآخر على عملية “الاملاء”  او الهداية القسرية  هو كفر وزندقة , اذ كيف يتمرد هذا  المخلوق على الخالق الذي  يمثلونه , وبغض النظر عن مضمون رأي هذا المخلوق ..يكفي أن يكون مجانبا للنص حسب ادراكهم  , وما على  الاسلامي  في هذه الحالة الا تأنيب المحاور وشتمه   لمجانبته   النصوص ,الاسلامي  لايهتم  بالمطروح  بقدر اهتمامه  بالطارح الكافر الزنديق الذي يستحق التوبيخ والشتم بأقسى الكلمات  وحتى   الذبح  , ولماذا العجب فالسب والشتيمة حلال والسنة النبوية تذخر بالسباب والشتم من قبل  الجميع بما  فيهم  الصحابة, وذلك بتعابير يعف اللسان   المهذب عن التلفظ بها, في سياق  دفاعهم ” الضار” عن الاسلام , لا  وجود لماهو مستهجن من المفردات النابية والتحقيرات المقززة للنفس, يتصدر   الاتهام  بالحقد  كل    الاتهامات  الأخرى !
-اضافة الى  الظن  بامتلاك  الحقيقة  المطلقة   والمقدس المعرقل للابتكار والتفكير,هناك  تأثير الثقافة  الشفهية   على عقل الاسلامي  الشاتم , فالاسلامي يعتمد في تثقيفه لنفسه على السمع أكثر من اعتماده على القراءة , ومن المعلوم عن الثقافة الشفهية اقتصارها على نقل رأي واحد يمثل   المرجعية الشفهية , لقد تأخر التداول المعرفي في هذه البلاد عبر الاتصال الكتابي والثقافة المطبعية الى نهاية القرن السادس عشر, وكان في بدايته هدفا للمنع والقمع , فطباعة القرآن كانت محرمة, والسلطان سليم اراد انزال عقوبة الاعدام بمن يمارس الطباعة , لقد كانت البلاد ثقافيا كما قال مارتن لوثر عن الكنيسة “دار فم ولم تكن دار قلم “,.مواعظ وخطب وارشادات … خطبة واحدة من على منبر الجامع تكفي لاعطاء المؤمن كل حاجته من المعرفة والثقافة …يقولون عندنا القرآن ولسنا بحاجة الى هيجل وجان لوك واسبينوزا وروسو وغيرهم   .

-مقارنة عدد الكتب التي تطبع في اسرائيل بعدد الكتب التي تطبع في العالم العربي مثير للدهشة والاستغراب والاحباط , كما أن انتشار الفضائيات بالشكل الذي نراه هذه الأيام   في   العالم   العربي  ليس الا دلالة على احتكار الشفهي لممارسة مهمة التثقيف , ثقافة الشفهي متفوقة  في   انتشارها   على  ثقافة المكتوب ..كل ذلك   قاد  الى تآكل استقلالية الانسان الفكرية والى ولادة  مفاهيم  القطيع… الذي يتنصت لما يقدمه الشيخ وليس لما يقدمه الكتاب , الكتاب يفكر وخطبة الجمعة تأمر!!!
-تشكل الثقافة الشفهية مضافة الى الثقافة التقديسية الديينة   الخلفية المناسبة لتحويل اي حوار الى جدل عقيم ومشاجرة يتم بها التفريغ العاطفي      الأرعن الدوني الانحطاطي المتمثل بالشتيمة والممماحكة, ,كلما ضاق الأفق اتسع فضاء الشتيمة والانتقاص والسباب, فالزنى لغوي فكري قبل أن يكون جنسي !.
لامبالغة في القول بأن مشكلة   الثقافة و 
ثقافة الحوار وتعدد الأفكار من أهم  مشاكل   شعوب   المنطقة , الثقافة مصابة بخلل المقدس والشفهي , حيث يولد العجز والسطحية والاستسلامية للمقدس الديني و للديكتاتور المقدس وأقواله  , بممارسة الشتم  والانتقاص  والردح والتحقير ….ألخ ينتحر   الاسلامي  فكريا!

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *