السنة ملاعين وشياطين ووحوش ولكن العلويون رأس الأفعى تاريخياً وحاضراً

خالد  عمران :

   من كان متوقع أن سوريا ولبنان وبعمقهما الحضاري أن يتعرضا لهذا الدمار والحطام البشري والحجري ، من كان ليصدق أن الإسلام الشامي الليبرالي ممكن أن يعاني هذا النكوص ليفرز تلك الفصائل الإسلامية ، من كان ليصدق بأن لابن تيمية منفذ على الثقافة السورية ، في الحقيقة يستطيع أن يدرك ذلك أي شخص كان على معرفة بأبي عبد الله الخصيبي شيخ الطريقة النصيرية !!.

الجميع يعرف أن كل عدائيتي لا تمس خصوصية الأنسنة التي أؤكد عليها دائماً حتى بحق الأعداء ، وإنني عندما أصارح بفجاجة وسخط ، إنما غايتي هي الدفع القسري للأمام وحمل هذه الصخرة المسماة “الحاضر” ودفعها للأمام بإرهاق ، وإنني أؤكد على حق كل سوري بالمواطنة من دون أي تمييز ودون أي مفاضلة ايمانية او ديني او عرقية أو لغوية ، ولكن كيف لنا أن ننسى أن معايير المواطنة في سوريا الأسد انحطت لدرجة أن صارت لغة (القاف) نوع من الامتياز !.

العلويون الطارئون على الحضارة ، والوحوش الهارشة على مائدة السلطة ، والبسطاء السالبين لكل تراث البرجوازية والفكر البرجوازي ، هم ، وهم وحدهم ، من أوقفوا عملية الحضارة ، فليست رمزية الطاولة المهترئة والكرسي المكسور وكأس المتة في المؤسسات الحكومية إلا دلالة رمزية على انقطاع وإخصاء لحضارة سورية ضاربة في عمق التاريخ ، فلم تكن البطالة بهذا التجذر ، بل مازال معروف عن السوري أن ثقافة العمل هي نوع من العبادة والتعبد ، فلماذا هذا الخمول العقلي الذي ألحق بالجسد كسل وعضال لنشهد احتضاره في مطلع الألفية الثالثة ؟؟!!

لم يكن حافظ الأسد بالعبقري ، وإن وصمه بهذا اللقب يدل على دونية مخيفة بحق الذات السورية والوطن السوري ، سوريا التي أنجبت ملايين العظماء ، كيف لهذا الرحم أن يعيش مخاض بهذا الانمساخ ، كالمسخ حافظ الأسد ، الشيخ التقي والورع والذي قدس الله سره العظيم ، ولكن لا عتب على الرحم السوري ، فالاغتصاب حدث في ليلة دامسة ، ولا يمكن ممارسة الندب ، ولكن لابد من إدانة كل هذا السكوت على الأسدية والعلوية السياسية الملقحة بالإسلام السياسي الباطني ، وإن كان هذا السكوت سببه عته وبساطة ريفية أحدثت اختلال في القيم السورية وغباشة في الرؤية ، إلى أن صار يقين أن لا يمكن لمثل هؤلاء المعاتيه أن يكون لهم هذا المشروع الإجرامي بحق الوطن السوري !.

لقد قام العلويون بخطوة وحيدة لإخصاء الثقافة السورية ، وهي إقصاء وتهميش المسيحيين ، فقد عرف العلويون أس وأساس ثقافة المواطنة في سوريا هو الوجود المسيحي ، فمن دون المسيحين ماحاجة لثقافة المواطنة ، ولذلك عملت القيادات العلوية على استقطاب النخبويين المسيحين واستهلاك خطابهم ومطالبهم في ثقافة المواطنة ، وتمريق مشروع العلوية السياسية التي تقوم على الهيمنة على مختلف القطاعات ، ولابد أن النتيجة كانت كارثية ، فمن يستعرض حال سوريا في ظل العقود الأسدية ، يتساءل عن طبيعة الوحوش التي امتلكت مفاصيل الدولة ومراكز صنع القرار !!.

لم يكن للإسلام السوري أن يعتدي على مكون بهذه القسوة وخاصة بعد أن وقف المسيحي كتف إلى كتف مع المسلم في وجه كل من العثماني والفرنسي وبل أثبت المسيحي وطنيته التي لطالما انسحبت مسيحيته لأجل الوطن وخاصة في موقف فارس الخوري ، ولكن العلوي نكص الوعد وخلف بالعهد وانعتق عن العقد الاجتماعي السوري واستغل كل مخلفات الاستعمار في العصبية والقبلية والعششائرية والطائفية ليكون سيد الساحة ، فالعلوي يشرب العرق ، والعلوي يسمح باختلاط الرجال والنساء ، والعلوي مضطهد تاريخياً ، وينبغي على من التمس الظلم أن يحرمه على نفسه ، ولكن هي عقدة الاضطهاد التي رسخها أبي عبد الله الخصيبي ، عقدة ستعمم كلقاح لكل الشعب السوري عندما استلم العلوي مفاصل الحياة السياسية والثقافية والفكرية !!.

لم يكن للعقم الفكري أن يصل لهذا الحد في سوريا ، لولا تسرب قروية ريفية حاقدة على التمدن المستعصي على المعتقد ، فلم ينكص معتقد العلويون أمام جبروت التمدن ، بل باسم الباطنية والتبسم في الوجه والببصاق في الخفاء ، اندحرت المدنية أمام الترييف ، واندحرت القيم السورية أمام ثقافة النفاق في التقية الباطنية ، وانتحر الرمق الأخير من خلق المواطنة أمام التشبيح والمحسوبية ، هكذا انتهت الحكاية السورية باصطدام شياطين الجبال مع شياطين الصحراء كنتيجة حتمية لتشابه الأضداد !!!!!.

إن هذه العدائية من كون العلويين في كل ساح هم أصحاب التشتيت والمعمعة التي فيها يثبتون أهليتهم أو عضويتهم في المجتمع السوري الممزق ، فهم لا يرغبون بمشاركة أي أحد العيش ، يعيشون في قوقعة المعتقد الباطني ، ويمارسون الزهد في ثياب علي بن ابي طالب المرقعة ويعممون المثل الزهدية حتى على الاقتصاد ، فهل ظننتم التقشف ليس انعكاس لثقافة المثل الزهدية التي يتقمصها السارق في تبرير سرقته !!.

لم يكن للعلويون أي حضور تاريخي او حضاري في الثقافة السورية ، بل نجد أن حتى أفضل مفكريهم المعاصرين “أدونيس” سقط في أبسط اختبار ثقافي وفكري ، الاختبار الذي تسقط فيه كل الثقافة والفكر لأجل موقف أخلاقي إنساني ، ففوت أدونيس الفرصة ، وسقط في قرويته وعلويته ، ولم يعلن الولاء لثورة سورية تكاد تضاهي في قدسيتها كل ثورات العالم ، لكون الظلم والاستبداد الأسدي فاق كل العصور ولم يحدث تنافس بين الأب والابن على الإمعان في السفالة ، كما تنافس الأسد الأب والابن على لقب سفاح القرن !.

الغريب أن العلوية السياسية استطاعت استثمار المعتقد الباطني وتوظيفه بشكل متماسك في الولاية لنظام الاستبداد الأسدي ، فليس كل علوي منخرط في العلوية السياسية ، ولكن كل مؤمن بالمعتقد الباطني هو بوعي أو لا وعي منخرط مشروع الهيمنة ، ولابد أن تشريح المعتقد الباطني للعلويون سيوضح حجم العدائية لكل مكونات المجتمع السوري وحجم الكراهية للتمدن والتحضر ، فقد جاء أبناء الريف للمدينة من رغبة جامحة في التمدن ، فسقطوا في اختبار المدنية ولخصوها في الشرب والسفور ، وثم استقدموا المعتقد كسلاح في المواجهة معها ، فغادرت المدنية سوريا وغادر معها المسيحيين وطاب العيش للرجعية والأصولية التي تقوم على سيادة المعتقد على النفس والذات !!!.

خالد  عمران :syriano.net

رابط  المقال :https://syriano.net/2020/06

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *