نبيهة حنا :
اننا في عصر الدول , وهدف كل مجموعة بشرية الآن اقامة دولة , اقامة الدولة تحتاج الى مجتمع تضامني تكافلي , كيف يمكننا ذلك ؟ عمليا علينا تحليل تجارب الغير ومحاولة تقليدهم , الابتكار خرج من ايدينا , ويتوضع الآن بيد الغرب , ليس لنا الا النقل مهما كان صفات النقل سيئة .
لم يتمكن السوريون من اقامة المجتمع الضروري لتأسيس “الدولة” بمفهومها الجمهوري , تنكصت البلاد الى حالة ماقبل الدولة , بسبب هيمنة البدوية العشائرية عليها , لاسبيل للتقدم بدون عقد اجتماعي , ولا سبيل لاقامة عقد اجتماعي في ظل البدوية , فالبدوية ليست اجتماعية ,
بدلا من العقد الاجتماعي الضروري للديموقراطية , أقمنا العقد الأمني الضروري للديكتاتورية , والذي ساهم في تحجر المجتمع على مستوى الفرد اي الديكتاتور , سلامته وثباته على الكرسي , تقدم على ثبات وتقدم الوطن , لقد استعاض عن الوطن بنفسه , انه الوطن , بالنتيجة تحولت البلاد الى ماتحولت اليه .
لايمكن اقامة مجتمعا بعقد اجتماعي تكافلي تضامني , بدون اعطاء الأولية للشروط المعاشية الحياتية الحقيقية , التي لاعلاقة لها بالهوبرة الوطنية وبالزعيق الوطني وبالرومانسيات الوطنية من حب وتفاني وتضحية , مما يقود الى ولادة المواطن الفهلوي , ويؤسس الى وطن عدم المساواة , الدولة هي وطن المساواة بالحقوق والواجبات , وليست وطن التعاشقات , أكثر الناس تبجحا بحب الوطن هم أكثر الناس خيانة للوطن , اقامة وطن الحب والتفاني والتضحية …الخ هو بمثابة اقامة وطن اللامساواة , الوطن الصلب المتماسك هو الوطن المتمكن من الازدهار والتقدم بمجرد قيام المواطن بواجباته والحصول على حقوقه وليس بالمكرمات وكأننا في قبيلة ,
التعاشقات مع الوطن مؤهلة للتنكص والتحول الى دجل ومزايدة وادعاء مخاتل من قبل فئات همها استغلال الوطن وتحويله الى بقرة حلوب , يستخدمون اعلانات الحب للوطن والحرص عليه من أجل الجلوس فوق قانونه , عشاق الوطن هم عادة فئة من عشاق المكاسب ومن المستنكفين عن القيام بالواجبات ,.
لقد أصبح التطرف في استخدام وادعاء الوطنيات نوعا من التلفيق الفاجر , بدوره نسي الوطن ابنائه البررة , وتقبل تحويله الى بقرة ,مما قاد الى خيبة أمل البعض , والى انقلاب المفاهيم وتشوهها , خذلان الوطن من قبل طبقة الدجالين والجالسين فوق خط القانون هو أمر شبه حتمي , انكفاء المواطن الحق عن التفاعل مع الوطن ايجابيا هو النتيجة الحتمية لذلك , لا ازدهار لوطن البقرة الحلوب, . ولا ازدهار لوطن خيبة الأمل والمرارة , ولا ازدهار لوطن يجلس البعض فوق خط قانونه , ويجلس البعض الآخر تحت خط فقره.,
الوطن الذي يتمكن من تحقيق معظم الايجابيات التي ذكرت, وتجنب معظم السلبيات التي ذكرت هو وطن العلمانية , قارنوا بين أوطاننا المذهبية وبين أوطانهم العلمانية !
نبيهة حنا :syriano.net
رابط المقال :https://syriano.net/2020/04