ماذا عندما يصبح الاغتصاب شرعي ….؟
ممدوح بيطار :
المجتمع الأبوي المتمثل بالعائلة والأب والمنحدر من النظم البدوية الرعوية لايدرك مدى الاجرام الذي يمارسه بحق الفتاة أو الطفلة ,التي يتم تزويجها مبكرا , والتي يمثل اللعب مع صديقاتها وأصدقائها الفضاء الطبيعي لها , اضافة الى المدرسة , أما الرجال الذين يجدون متعتهم في اغتصاب الطفلات فلهم أيضا فضائهم الطبيعي في مشافي الأمراض النفسية أو بالاصح في السجن , هؤلاء يمثلون خطرا محدقا بالبشر ولسلامة البشرية يجب حجرهم لاتقاء شرورهم .
لايزال الفقه الجامد والتقليد البدوي منصبا على المرأة كطفل أيضا , على جسدها وعقلها , كل ذلك أمور لايستطيع العقل الفقهي أو الذكوري التقليدي البدوي التخلي عنها طوعا , انها الامتيازات الذكورية الحيوانية التي لم تتغير بالرغم من تغير الزمن والمستحضرة من عقلية غنائم الحرب البدوية الرعوية , كل مايحصل عليه البدوي قنصا أو سرقة أو ابتزازا بالسيف أو بالتحايل هو حق مكتسب له , وتلك الطفلة التي دفع ثمنها أو حجزها له لكونها ابنة عمه أو قريبته هي حق له انها بمثابة غنيمة حرب !
لا أملك احصائيات دقيقة حول زواج القاصرات في سوريا , لكن الانطلاق من تشابه الوضع السوري مع الوضع العراقي, يقود الى نتائج مؤلمة , ففي العراق قدمت الباحثة الاجتماعية سجى عبد الرضا احصائيات تقول بأن ٣٠٪ من الزيجات في العراق هي زيجات مع قاصرات , لذا فزواج القاصرات ذو أهمية كبرى بالنسبة لمن يعارضه وبالنسبة لمن يؤيده , لقد فشل من يعارضه في الحد منه , ونجح من يؤيده في ازدياده .. للأسف ! ازدياد عدد حالات زواج القاصرات في العصر الحالي يدل على وجود ظروف اقتصادية واجتماعية ومادية ترسخ هذه الممارسة , اضافة الى وجود وعي قاصر عند البعض بما يخص هذه الزيجات .
تنامي ظاهرة زواج القاصرات يطرح اسئلة منها سؤال عن الظروف التي تسمح وتشجع على الزواج من القاصرات , والسؤال عن عواقب هذه الزيجات , ثم السؤال عن طرق معالجة هذه الظاهرة , هل الظروف اقتصادية بالدرجة الأولى , وما هو دور الدين في التوجه الى زيجات القاصرات , هل للامر علاقة مع القدوة عائشة ؟؟ وعن العواقب.. هل هناك ايجابية في ممارسة الزواج من قاصرة أو أن الأمر بمجمله سلبي !, وعن العلاج يجدر السؤال هل هناك أصلا علاج في ظل قانون يسمح بذلك وظروف قاهرة تفرض هذا النوع من الزيجات , من يعارض منع زواج القاصرات ولماذا؟ ومن يؤيد زيجات القاصرات ولماذا !
عبر الشيخ حسن نصر الله عن رأي المنظومة الدينية الشيعية حول زواج القاصرات , حيث روج لهذا الأمر , أظن بأن المنظومة السنية على توافق مع شيعة نصر الله بما يخص الزواج المبكر , فنصر الله يرى بأن الزواج المبكر هو الطريق السليم لتأمين الاستقرار الجنسي والنفسي للمرأة والرجل مما سيحافظ على المجتمع ويساهم في بناء الأسرة المثالية .
هذه الأسرة “المثالية ” هي طريق الانتصار في أي مجتمع ديني , فالكثرة العددية تؤمن العنصر البشري الضروري لاستحقاق عسكري سابقا , عندما ارتبط أمر الانتصار في الحرب بالكثرة العددية , والمفارقة تكمن اليوم في بطلان اهمية الكثرة العددية للانتصار في الحروب , الكثرة العددية ضرورية لاستحقاق انتخابي!, الا أن منطق هذه الكثرة العددية مرتبط بفرضية خاطئة , الكثرة العددية ضرورية في مجتمع قبلي , عندها يرث الأبناء الموقف السياسي -المذهبي , اذ لابد للسيطرة على الصندوق من أكثرية عددية على الطائفة تأمينها , ولتحقيق ذلك لابد من المرور عبر الرحم , فالحل بما يخص الحروب والصندوق يتطلب تهجين المرأة وحجرها ضمن حظيرة الانجاب لتأمين العدد المطلوب كذخيرة في الحروب , وكعامل مسيطر على الصناديق في الانتخابات,مع العلم بأنه لاوجود لانتخابات في تنلك المجتمعات القبلية العشائرية الكهفية .
لاشك بأن العديد من الشابات يحلمون بزواج الهنا المبكر للعديد من الأسباب , منها جنسية أو اقتصادية أو اجتماعية , وهذا ما يلاحظ عليهن في سن مبكرة , حيث تعرض الفتاة للزواج كما تعرض البضاعة للمبيع وبتشجيع من الأهل والأقرباء والبيئة الاجتماعية التي تعيش الفتاة بها,موؤودات تقتلهن التقاليد والجهل والفقر , هربنى من الحرب ووقعنى في المطب !
هدف اعلان أ العالم يوم 11-10 من كل عام على أنه ,اليوم العالمي للطفلة , وهدف التذكير بالطفلة هو منع أو الحد من زواج القاصرات , الذي يعتبره علم الاجتماع بشكل عام , على أنه كارثة رديفة لكارثة الفقر , فالحافز الاقتصادي هو المحفز لزواج القاصرات , واليوم العالمي للطفلة يستخدم مفردة ،الطفلة، لتوصيف كل فتاة لم تبلغ الثامنة عشر من العمر , واليوم العالمي للطفلة يعتبر هذه الزيجات ممارسة للاتجار بالأطفال كالاتجار بالأعضاء .
لابد هنا من التنويه الى أمر الخوف من العنوسة , مركب هذا الخوف معقد ويتضمن الوضع الاقتصادي للمرأة والمجتمع بشكل عام , لايتم تأهيل المرأة للعديد من الأسباب للعمل ,ولا يتم تشجيعها بشكل كاف على ممارسة عمل يدر عليها ماتحتاجه ماديا , لذلك لاتستطيع المرأة أن تكون ضمانا ماديا لنفسها , مما يرغمها على بيع ماتملك , ولا تملك الا جسدها , لذلك يمكن القول بأن الخلفية الفكرية لبعض نواحي اشكالية العانسات تم لتجارة الرق بصلة أكيدة ..
من يريد هذا التزويج ؟هل ارادة الله وقراره ؟ هل العريس أو العروس ….أو ..لاعلاقة لله بهذه الفاحشة , ولا علاقة لارادة العروس التعيسة بها , هنا يجب اتهام العريس بأنه الشخص مرتكب الجريمة ,وقبل الشخص يجب اتهام حيونته التي تستميت في الدفاع عن فحولته المستهلكة للامتيازات الجنسية والممارسة لاغتصاب الطفلات , يجب اتهام المجتمع الذكوري الذي شرعن الاغتصاب وكرس الاستبداد ومفهوم الرق والسبية ,
استحق الأجداد اللعنة لأنهم كانوا يبيعون ويشترون بعضهم البعض كالبهائم في أسواق النخاسة, اللعنة محقة بالرغم من السياق التاريخي الذي سمح بتلك المممارسات , اللعنة ضرورية ليس برسم جلد الذات , وانما برسم الوقاية من تكرار ذلك في الزمن الحاضر , اللعنة هي بمثابة تعهد أخلاقي بعدم الزواج من الابنة أو الاخوة أو لملمة السبايا او اقتناء النساء كسلعة مثنى وثلاث وعشار ..وذلك لأقصى ماتستطيع أن تملك ايمانهم , أي لأقصى ماتستطيع الساعد الأيمن من الامساك به من عنائم الحرب البشرية , وذلك بغض النظر عن وسيلة القبض أو القنص ان كانت السيف أو الشراء بالمال من سوق الخاسة أو سوق الرق والعبيد , لم يشعر الأجداد بأي حرج في عرض الأطفال والصبايا والفتيات ..سبايا الحرب عرايا في الأسواق للبيع والشراء لمن يدفع أكثر من الزبائن , هنا تتجسد أهمية اللعنة أي الرفض في الحاضر فلولا هذا الرفض المؤسس على أخلاقية عصرية لايمكن استنكار مافعلته داعش مع كل من عارضها أو اختلف عنها ايمانا واعتقادا .
الرفض واللعنة ضرورية لهذا العصر بالدرجة الأولى , الأجداد لم يروا عيبا أخلاقيا في الفحش والعهر والدعارة التي كانت منتشرة تحت كل خيمة , ولم يجد الأجداد عيبا في اكرام الضيف بوضع جارية تحت تصرفه أو اهدائه جارية التي ملكت يمينه العديد منهم , وحتى في هذا العصر يتكلم بعض المشايخ عن المسلكية الشرعية في أمر السبايا …. تجميعهم ضروري اذا لايعرف المضيف من يحل عليه من ضيوف , لذلك يمكن وضع سبية تحت تصرفه لكي يتسلى بها , وشيخ آخر يريد تنظيم حملات في أوروبا بمعدل أربع حملات سنويا لاستجلاب الشقراوات الحديث كان عام 2018 وليس قبل 1400 سنة , يا للخزي والعار !
زواج القاصرات , ليس زواجا , بل هو اغتصاب مشرعن وعلني وافتخاري , حقيقة يجب على الناس الكف عن استخدم مفردة “زواج” للدلالة على ذلك الجرم الكبير والانحطاط الذي لاقاع له .