علي الديك ورقصة الوحش الكيماوي السوري!
نيسرين عبود :
من بين قتلى الحرب العالمية الأولى كان هناك مليون قتيل تسمما بالغازات , ولما كان الغاز لايميز بين العدو والصديق , لذا صدر عام ١٩٢٥ مايسمى بروتوكول جينيف الذي يحرم استخدام الغازات في الحروب ,,ولا نعرف سببا لعدم توقيع سورياعلى هذه البروتوكولات , الا أن عدم التوقيع لايعني عدم العقوبة في حال استخدام هذه الأشلحة الكيماوية (الغاز).
لايوجد من يشكك في واقعة التسمم بالغازفي الغوطة عام 2013 ,ولايوجد من يشك بعدد الضحايا الذي يقدر بحوالي ١٤٢٢ قتيل منهم حوالي٥٠٠ طفل , الا أن النظام السوري نفى مسؤوليته عن الفاجعة , والمعارضة كذلك وكل منهم يتهم الآخر بالفعلة الشنيعة.
بعد الاعلان عن حادثة الموت الجماعي عام ٢٠١٣ ,عمت الأفراح حي المزة ٨٦ والورور وغيرهم , ووزعت الحلويات مثل القرمشلية والحلاوة الشوشية وللذوات مبرومة محشية , تشكلت حلقات الدبكة على أنغام علي الديك , وضجت السماء بالعيارات النارية , وحتى المدفعية الحكومية شاركت في الابتهاج , ولما سألنا عن سبب هذه الأفراح قيل لنا ..النصر ..انتصرنا في الغوطة الشرقية,
من ناحية أخرى قامت المستشارة بثينة شعبان بواجبها الاعلامي وأعلنت على الملأ ,على أن قتلى الغاز ينتمون الى أسر ساحلية , تم اختطافهم وجرجرتهم الى الغوطة بعد أن مروا بآلاف الحواجز دون أن يشعر مايسمى الدفاع الوطني حيث تم القضاء عليهم بالسم …, الخبر قاد الى بعض الفتور في الرقص , الذي سرعان ما استعاد نشاطه بعد أن انجلى أمر الخبر , فبثية بالغت في حجم كذبتها ولم يصدقها حتى المؤيدون , عاد الديك للصياح والفرحة استمرت حتى ساعات الصباح ,
بعد الاستفسار عن موضوع النصر تبين التالي , آلاف الجثث دون جروح أو رضوض ..انه الغاز السام الذي تسمم به آلاف البشر من أطفال ورجال ونساء وشيوخ ودواجن وابقار ومواشي وقطط وكلاب وذباب وكل من اشتنشقه في تلك الأيام الحارة , ثم سألناعن الفاعل لهذه الكارثة الممنوعة دوليا ,في البدء قيل لاتوجد كارثة ولايوجد تسمم أو غازات , بعد أيام أكدت الجهة الحكومية وجود الكارثة , مباشرة طلبت الأمم المتحدة من لجنة تحقيق دولية بالتوجه الى الغوطة … ممنوع ممنوع قالت السلطة !!وبعد خمسة أيام قيل مسموح !! أهلا وسهلا تفضلوا, بعض الألسنة الخبيثة قالت بأن المجرم تمكن في هذه الأيام الخمسة من ازالة معظم آثار الكيماوي وتم دفن ١٤٢٢ متسمما , لجنة التحقيق قالت ان عرقلة دخولها الى مكان الحادث لم يكن له من هدف الا التمويه .
بعد انفلات الوحش السوري لعدة أسابيع مدمرا قاتلا ومخربا , اتشرت صور موت جديد بدون دم أو رضوض أو كسور , لقد كان الكيماوي مجددا , وبتجدد الموت النظيف تجددت مواويل علي الديك وتجدد الرقص على الجثث وتجددت الأفراح والليلي الملاح , ولماذا لايرقص الوحش السوري في عرس الموت ؟؟ وهل هناك من أعراس في هذه البلاد سوى أعراس الموت واعراس التثكل والترمل …اعراس النزوح واللجوء والهروب , أعراس تحول القاتل المقتول الى شهيد بامتيازات مغرية في جنان الله .
عادت الاسئلة وعادت الاتهامات المتبادلة ,وكأن المجرم غير معروف , المجرم معروف جدا ,انه الوحش السوري الذي يطلق الصواريخ والسم ويميت البشر اختناقا وجوعا ومرضا , يقال عن الوحش السوري بأنه كائن سياسي وله موقف سياسي !!!! , وهل السياسة من طبائع الوحوش , وهل تحتاج المواقف السياسية الى الرصاص والغاز , بناء وطن حي لايحتاج الى الفتك بالأحياء, ولا يحتاج الى جهود الحيوانات الضارية والوحوش الكاسرة ,يبدو وكأن افتراس الأطفال على أنغام مواويل حاصودية الديك ملذ جدا , أطال الله عمرك , الوحوش يحبوك !