حول جدلية الشرعية!

جورج بنا :

الحكم …

هل يمكن لذو عقل  أن يشك في موضوع “توريث” السلطة في سوريا  من الأب الى الأبن ؟ نعم هناك  من أتباع الأسد من يعتقد  على أن  صعود بشار الأسد الى الرئاسة  السورية كان  نتيجة لممارسة ديموقراطية , يعتقدون  أو على الأقل  يدعون على أنهم يعتقدون  على  أن  رئاسة حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار  هي رئاسة شرعية  , الشعب انتخبهم  بكامل حريته وبمنتهى الشفافية !!!!, ولا   أجد فرقا بين ادعاء ناتج عن قصور عقلي  , أو ادعاء يراد به الاستخفاف بعقول البشر أو  ادعاء ناتج عن جهل وعدم معرفة  , فمن أين لانسان ولد عام ١٩٦٣ أن يتعرف   على الديموقراطية  وهو الذي  لم يتعرف  على  أي شيئ في هذه الدنيا الا  تأليه القائد الخالد وترديد الشعارات الببغائية , انه في  أحسن الحالات ببغاء   الا أنها ببغاء غبية , انه في أحسن الحالات أيضا  بقرة  غير حلوبة   يأتيها العلف  وبالمقابل  تدافع بوسيلة العنف عن  رأس العصابة  , من ولد بعد عام ١٩٦٣  لم يتعرف  في حياته الا على القمامة  , لذلك تحول العديد  من أبناء الشعب السوري بعد  ثورة الثامن من  آذار “المجيدة”  الى دمى غبية  لاتمتلك القدرة على التفكير  , لأن التفكير في سوريا الأسد ممنوع …تبخر العقل وضمر  نتيجة تعطيله وعطالته   , وهكذا لم يفاجئني  توحش الانسان السوري  ان كان معارضا  أو مؤيدا  , ولم يفاجئني  عنف هذا الانسان بعد أن  بترت  أنسنته  وقطع لسانه  .. الانسان حيوان ناطق  !, وعندما  يتم  منع هذا الانسان من ممارسة غريزة الكلام  يتحول الى وحش  ,وها نحن   في الغابة  قطيع من الوحوش  يقودهم وحش راكب دبابة !

يسأل  أحد فدادين السلطة  عن مفهوم الانسان السوري  للتوريث , ثم يجيب  على سؤاله  بالقول  ان التوريث هو انتقال  للسلطة بشكل  أوتوماتيكي  للابن أو الأخ  أو غيرهم من الأقرباء  دون سؤال الشعب  , وقد أصاب  الفدان  بجوابه , نعم في المملكات  يجري التوريث كما تفضل  الفدان وقال  , الا ان سوريا ليست مملكة  , انما جمهورية  وفي  النظم الجمهورية  يتم  سؤال الشعب أو من ينوب عنه  , وسؤال الشعب أو ممثليه يجري  في انتخابات  , وليس في استفتاء  , هناك فرق كبير بين الاستفتاء والانتخاب  , الذي   يتطلب  وجود منافسين  , الاأن  الفدان لايعرف   شيئا عن الفرق بين الانتخاب والاستفتاء , والفدان  يريد من   أن  نؤمن بنزاهة هذا الاستفتاء  الذي نال به حافظ الأسد  في أحدى المهازل ١٠٠٪ من الأصوات  وفيما تبقى  نال لايقل عن ٩٩٪  من الأصوات والمحروس ابنه نال أيضا لايقل عن ٩٨ ٪ من الأصوات   وفي أول انتخاب شكلي نال المحروس  في  أوج الثورة عام ٢٠١٤  حوالي ٨٨٪ من الأصوات مع العلم على أن عدد الناخبين كما  أعلنته وزارة الداخلية  لايستقيم مع الواقع والحقيقة ..انها تزويرة  غليظةولا يوجد في سوريا تلك الأعداد من الناخبين على فرض  أن نسبة  السوريين تحت سن ال ١٨   أكثر من ٥٥٪ من عدد السكان,

هل يصدق العقل مهما كان ضامرا وواهيا ومريضا مهزلة ال ١٠٠٪  أو حتى  ال٨٨٪, وحتى لو ترشح نبي   للاستفتاء أو الانتخاب  لايمكن له  حصد كل   أصوات الشعب أو حتى ثلاثة أرباع  أصوات الشعب ,تجدر  بالذكر نتائج  زملاء الأسد في كار الديكتاتورية  والتزوير, فقد  نالوا في نفس الوقت  نسبا  أسطورية من الأصوات كنسب الأسد   , ومن منا لايتذكر  نتائج صدام حسين أو القذافي  ثم البشير  وعلي عبد الله صالح  , وهل  يمكن  التحدث عن شرعية   ديكتاتور  عندما   نثبت  على أنه زور نتائج الانتخاب  أو الاستفتاء ؟؟.

من  المعروف على أن توجهات الانسان تخضع لتوجهات مصالحه , والانسان  السوري  له  توجه يتبع مصلحته , وهل يمكن  أن تكون للانسان السوري مصلحة  في  التعذيب والسجون والديكتاتورية والفساد  والطائفية والمحسوبية ونهب البلاد وسرقة أموال الشعب ؟ ,  لا أنتخب كسوري  شخصا  أفقر الناس  وصادر الحريات  ومارس  اذلالهم  وقام  بارتكاب المجازر  , ولا أنتخب كمسيحي  شخصا  جعلني مواطنا من الدرجة الثالثة   ووضع على فمي كمامة  وحرم علي  ممارسة السياسة  وأرغمني على الهجرة (عدد المسيحيين تناقص   خلال نصف القرن الماضي الى حوالي ٣٪ من مجموع السكان ) , ولا يمكن  أن تستقيم كذبة ال ١٠٠٪ مع  استطلاع للرأي  قال على أن  فئة من يريد الأسد لاتتجاوز ٥٪  أي نصف  نسبة الطائفة العلوية  , وفي هذا الاستطلاع  كثير من المنطقية  , اذ  أن  الطائفة تضررت بشدة من حكم الأسود.

  لاشرعية  للحكم الأسدي  الذي  بدأ بانقلاب عسكري  أطلقوا عليه  أسم “الثورة المجيدة ” , وكيف  يمكن للانقلاب  أن  يكون “ثورة”  ومجيدة اضافة الى ذلك , ثم  انه  ليس من الضروري  بما يخص  عدم الشرعية  التحدث عن   عملية  تغيير  الدستور  خلال ثلاثة دقائق , ولا حاجة هنا  للتحدث عن  الفساد ولا عن  الاجرام  الذي  تحدث عنه  تقرير  المحققين الدوليين قبل أيام ولا عن  رأي لجنة حقوق الانسان  ولا عن  رأي  المؤسسات الدولية الأخرى  ولا عن رأي  مليون  سوري اعتقلهم الأسد في عام واحد  , ولا عن عدد المساجين الآن ولا عن عدد المخطوفين  ولا عن مصير هؤلاء  المخطوفين ولا عن  اللاجئين  والهاربين   ..تقرير  لجنة التحقيقات الدولية  قال على أن  الأسد قام بتصفية المعتقلين  بشكل ممنهج  … الرئاسة التي تمارس  أعمالا لاشرعية  هي رئاسة لاشرعية  سيان ان كانت قبل ذلك شرعية  أو لا شرعية,فالشرعية لاتستلزم “القبول” الأبدي  لأنها ليست مكسبا نهائيا  بل هي ديناميكية  تتغير  وتتجدد باستمرار  , وتتطلب من حاملها  صيانة وترميما  مستمرا  , واذا لم يتم ذلك لسبب من الأسباب  يسقط عقدها  وتنهار  شرعية السلطة التي أهملتها ولم تصونها .

يدعي  ذيلي  أسدي  بأننا لانخجل عندما  نطالب بالشفافية  والديموقراطية وعندما نعتبر  انتقال السلطة من الأب الى الأبن  عملا توريثيا في جمهورية  , ولا أعرف سببا للخجل عندما نطالب بكل ذلك وبالمزيد  أيضا  , الذي فقد خاصة الخجل  هو الذي يمارس  الفساد والانقلابية  ويطلق على  المهازل  اسم “ثورة مجيدة  أو “حركة تصحيحية”, شرعية  سلطة أو رئاسةلاتتعلق فقط بعدد  مفبرك  من الأوراق في صندوق اقتراع, وانما لها مصادر عدة  أخرى , منها  الهوية الوطنية  وسيادة القانون  والانجاز , وموضوع الهوية الوطنية هو  أمر مهم  , فعندما يقف  نوري المالكي ويقول على  أنه شيعي  أولا , وعندما تتحول طائفة الأسدفي استقطابها وهيمنتها واقصائها  للآخر  الى استعمار داخلي , عندها يفقد المالكي هويته الوطنية والأسد  كذلك لأنه مستعمر داخلي  وليس للاستعمار هوية وطنية.

عندما  يقسم الأسد المجتمع الى  سوريين بدرجات مختلفة , العلوي درجة  أولى والمسيحي أو السني درجة ثالثة …هناك  جماعة الحسين السورية والعراقية  والايرانية واللبنانية  التي  تحارب من أجل الأسد , والأسد ملكها البلاد  التي يفترض الأسد ان الجماعة تدافع عنها  ,   فماذا سيكون ارتكاس الآخرين , وهل  لهؤلاء  من خيار غير  التحول الى يزيديين سنة , وبذلك تحول المجتمع الى شطرين  , شطر حسيني وشطر يزيدي  , لقد تجددت ظروف  حرب بدأت قبل ١٤٠٠ سنة وهذا يعني  ايقاظ المحاربين  واستمرار هذه الحرب التي ليست من مصلحة أحد باستثناء  الجشع والمريض بشار الأسد   , لم يعد انسان هذه الأرض سوري  , وانما أصبح يزيدي أو حسيني  وهويته الصغرى  تمركزت فوق هويته الكبرى , وبالتالي فقد المجتمع  خواصه الجمعية  وفشل في صناعة “حدث ” الشأن العام ,وفي هذه الحالة يصبح طريق الاقتتال ممهدا  والاقتتال  حتميا  , وهذا هو الحاصل في بلدنا .

لايقتصر  أمر لاشرعية الأسد على تفخيخ نتائج الاستفتاء والانتخاب  وعلى فقدان الأسد للهوية الوطنية , وانما يتعدى كل ذلك  ويشمل  اعتداء الأسد على القانون والدستور الذي فصله  خصيصا على مقاسه  ,والذي منحه كل  الحقوق   وكامل المناعة ضد  الادعاء عليه  وقلص  واجباته  الى الصفر  , يحكم البلاد  بشكل ديكتاتوري  مطلق,  ولا يعرف العالم  رئيسا له صلاحيات الاسد  باستثناء القيصر بوكاسا  والطاغوط الكوري الشمالي , انه مسؤول عن  ممارسة كار  الفساد  وعن سرقة البلاد  , الا أنه ليس مسؤول عن  شرذمة  البلاد وعن تقسيمها  وهروب  أبنائها   واشتعال نار الحرب في ديارها … كل  ذلك  هو مسؤولية  محور الشر  الأمريكي- الصهيوني -الوهابي ..له كامل الحقرق  شخصيا  وليس عليه  واجب صيانة البلاد وحمايتها من  الاندثار  والفشل , مسؤوليته  تقتصر على اعطاء الامتيازات الى زبانيته  وأبناء طائفته  ثم  تأسيس  فرق الأمن  التي بلغ عدد رجالها   أكثر من ٢٥٠  ألف مخابراتي , وليس لهؤلاء مهمة  حماية البلاد  ضد اعتداء الخارج  , وانما حماية الأسد من  شرور  “خونة ” الداخل , فالكل في الداخل  خونة  الى   أن يثبت العكس  , واثبات العكس يقتصر على اثبات الولاء  للأسد , ومن   لايفعل ذلك هو عميل  وخائن   فالى السجن  أو  الى الخارج  هروبا  , لقد بلغ الرجل درجة من تلف  المشاعر  وفقدان الضمير  , بحيث لم تقتدر  كارثة البلاد العملاقة  على  تقليل جلافته ولم تتمكن الكارثة  من دفعه  لياقة  على  اظهار  أي حسرة أو تأثر  أو جزع على مصير  الشعب , انهم حسب  رأي زبانيته (نبيل صالح  ونضال نعيسة ) خونة ويستحقون الغرق في المتوسط .

لاتكف زبانية الأسد  عن الترويج لبقائه  عن طريق امتداحه  وبأنه صانع سوريا الحديثة  وصانع الاستقلال الثالث  بعد أن صنع والده الاستقلال الثاني ,وهم لايرون  أو أنهم يتجاهلون الخراب الكامل والشامل  , ولا يعتبرون الرئاسة مسؤولة  عن ذلك , الخراب سقط من المريخ  أو من صنع  المؤامرة اللعينة , الرئيس خال من الأخطاء وكامل الأوصاف  ولولاه  لما كانت هناك سوريا  الصامدة والمقاومة  والممانعة , لايدركون  على أنه لم تعد هناك سوريا  ولايدركون  فراغ المقاومة والممانعة من  أي مضمون تحريري …فقر ونزوح ولجوء  وتدمير  لأكبر  نسبة  من شعب ومن أرض يعرفها التاريخ  , الا أنهم  يصرون على بقائه  , لماذا  ؟.

الانجاز هو مصدر من مصادر الشرعية  اضافة الى  الصناديق  والى الهوية الوطنية , وكما نرى الآن  الأسدية لم  تنجز  هذه الأسدية ماهو ايجابي بالنسبة للوطن   بشكل عام  , لذلك   أراد معظم الشعب  التخلص منها  , الا أنها   أنجزت  بالنسبة لعائلة الأسد وتوابعها وروافدها  والأقرباء  والحاشية والأزلام  ماديا  ومعنويا  الكثير  , يسيطرون على البلاد  , واقتصاد البلاد  أصبح في جيوبهم  , لذلك  فانجازاته بالنسبة لهم ايجابية  ومن حقهم  الدفاع عن  هذه  الامتيازات كما  أنه من حق الآخرين الدفاع عن مصالحهم , وبذلك وقع الأسد   في مطب التناقض  مع مصالح  معظم الشعب  , وأوقع الزبانية ومعظم الطائفة  في ذات المطب ,المشكلة  تكمن هنا  في  استحالة  اقناعهم  على أن سوريا دولة واحدة والشعب السوري شعب واحد   ,والشعب الواحد يتقاسم  الفقر والغنى ..المجد والانحطاط  ..القوة والضعف  بشكل  يحترم مبدأ المساواة , وهم لايريدون المساواة  وانما الهيمنة والاستغلال  , ومن هنا  أصبح طريق  الاقتتال  ممهدا  والحرب حتمية , ومن يوصل البلاد الى  حالة  التناقضات  اللاشرعية  , هو لاشرعي  بالرغم من نتائج مزورة  لانتخاب أو استفتاء   … الا تخجلون عند نشركم  لنتائج استفتاء  تقول على أن  الأسد أو مرشح ما في هذا العالم  نال ١٠٠٪ من الأصوات ….

بما  أن الحرب الأهلية ومقتل مئات الألوف من  السوريين  وتدمير البلاد  وتحويلها الى مشاع  يتدخل به  الشارد والوارد هم من  أكبر الكوارث التي  يمكن لبلاد  أن تبتلي بها , لذا فان مهمة  الرئاسة  يجب  أن  تستهدف تجنب  تجاوز التداول السلمي  للاشكاليات التي   تتعرض لها  أي بلاد , أما  أن  تكون الرئاسة  هي المحرضة والممارسة  لتجاوز التداول السلمي  وهي الممارسة للعسكرة  وهي  المحبذة للتعسكر  ولممارسة العنف  , وهي اضافة الى ذلك  المستجدية  لتدخل  الغير والمرحبة بقدوم  استعمار  روسي  أو ايراني  أو  لبناني , فهذا  أمر لايستقيم مع  شرعية هذه الرئاسة  , انه أمر  لايستقيم مع  الهوية الوطنية لهذه الرئاسة  , يتهمون نوري السعيد  ثم  مشايخ الخليج وغيرهم  بجلب الاستعمار  الى البلاد  , وماذا جلب الأسد ؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *