نعم الشعب السوري هو الذي يحدد مستقبله , وتحديد المستقبل يتم عن طريق الافصاح عن هذه الارادة بشكل حر وخال من أي ضغوط , ولنا في الماضي خبرات مؤلمة عن امكانية الشعب السوري في تحديد مستقبله بدون تأثيرات قمعية على شخوصه , واذا بدأنا بما يسميه النظام السوري “ثورة الثامن من آذار المجيدة ” والتي قادت تطوراتها الى تدمير سوريا , وبحثنا في هذه الثورة عن آثار ارادة الشعب السوري , لانجد شيئا من هذا القبيل , انها انقلاب عسكري تعرف السوري عليه من خلال المذياع , لم يسأل الانقلابيون الشعب عن ارادته , وانما أرادوا له ما أرادوا واطلقوا على ذلك اسم ثورة باسم الشعب السوري والذي لم يختارهم ولم يتم سؤاله عنهم وعن مراكزهم ووظائفهم , وقد كان الثامن من آذار حلقة من حلقات اغتصاب الارادة وليس حلقة من حلقات تحقيق الارادة .
ثم سارت الأمور في طريق التزويرات وامتهان الكرامات وتعددت مناسبة الاستفتاء , وفي كل استفاء نال مغتصب الارادة أكثر من ٩٨٪ من الأصوات , وفي استفتاء أسطوري نال حافظ الأسد ١٠٠٪ من الأصوات كزميله صدام والزميل الآخر معمر , ولا حاجة هنا للتمحيص والتدقيق والتحليل , فمن ينال ١٠٠٪ من الأصوات هو مزور بامتياز ووقح اضافة الى ذلك ثم انه عديم الأخلاق …تصورو مزور وملفق يحكم دولة , وهل من الصعب هنا التنبؤ بنهاية هذه الدولة الافتراضية ؟
الحرص الشكلي من قبل ديكتاتوريات وأنظمة مذهبية كايران على احترام ارادة الشعب ليس بالأمر الغريب جدا , فالمومس لاتتحدث الا عن الشرف , وموضوع ارادة الشعب يحتكر مضمون أحاديث بشار الأسد , الذي نال في الاستفتاء أيضا حوالي ٩٨٪ من الأصوات وفي الانتخاب الأخير نال أكثر من عشرة ملايين صوت مؤيد مع العلم على أنه لايوجد في سوريا عشرة ملايين انسان فوق سن ال ١٨ , لقد بايعه الموجود من البشر السوري وكذلك من توفى ومن تم قتله في زنازينه وكذلك من سيولد في سوريا , لذلك فان بشار الأسد هو شرعي بفضل “ارادة الشعب” , وليس بفضل التزوير كما يدعي بعض المغرضين , وبشار الأسد مع الرئيس بالتناوب بوتين ومع الملالي يعتقدون بامكانية تكرار التهريجية الاستفتائية أو الانتخابية تحت اشراف المخابرات .
عام ٢٠١٤ تم انتخاب بشار الأسد , كما تم ذكره ,بعدد من الأصوات يفوق عدد أفراد الشعب السوري البالغ من العمر ١٨ سنة وما فوق , الا أن الأمر كان شكلي , وقد اعتدنا على تلفيقات الأنتخاب أو الاستفتاء , الا أن أمر ارادة الشعب بالنسبة لترشيح الأسد للرئاسة لم يستوف حتى الشكلية , الأسد قال على أن ترشيحه يخضع لارادة الشعب , اذا اراد الشعب منه أن يخوض غمار الانتخابات فسوف لن يتردد , خاض غمار الانتخابات وبالتالي حقق مايريده الشعب منه , لكن كيف عرف الأسد على أن الشعب يريد منه الترشيح ؟؟؟
لانعرف وسيلة للتعرف على ارادة الشعب الا التصويت وهذا لم يحدث , ولكن هذا لاينطبق على بشار الأسد , فبشار الأسد هو سوريا , وسوريا هي بشار الأسد أي أن بشار الأسد هو الشعب , والشعب هو بشار الأسد , الشعب قال له على أنه يريد ترشيحه لذلك ترشح ونجح وهو باق الى الأبد بارادة الشعب أين هو الخلل في هذا الأمر ؟؟
لاير بشار الأسد أي خلل في هذا الأمر وذلك بعكس أي حمار سوري , فالحمار السوري يعتقد , وهو على صواب , بأن ديباجة الاسد منكرة وتعتمد أساسا على استحمار الناس وعلى الدجل والكذب والتلفيق , خاصة النوع الوقح من التلفيق والكذبثم فقدان غريزة الخجل , عنده الجرأة بدون احمرار الوجه على النظر في عيون الصحفيين من مختلف أرجاء العالم وهو يكذب عينك عينك بدون حرج , ومؤخرا قال لصحفي هولاندي على أن تعذيب المساجين “حكاية” يسردها من يدفع له , وتقريبا في نفس اليوم نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا عن عشرات الألوف من موتى التعذيب في سجونه تحت شعار “لو تكلم الموتى ” …انها حكاية مدفوعة حيث تم الدفع لمنظمة هيومن رايتس ووتش لتنشر التقرير ..شيئ لايصدق !!
من يريد سؤال الشعب عن ارادته يجب عليه تأمين حرية هذا الشعب في التعبير عن ارادته , ولطالما توجد أجهزة قمع لاتوجد حرية , لذلك فان سؤال الشعب تحت القمع المخابراتي ليس الا تهريجية سقيمة مللنا منها ولم نعد نستطيع تحملها ..لا انتخابات تحت اشراف المخابرات ومن يرفض الماضي الأسود لايقوم بتصنيعه من جديد