من أين ينزف الأسد؟

عبدو قطريب:

لاعجب في ضمور وتآكل  كتائب الأسد لأنها تنزف بشدة , ولهذا النزيف  أشكال عدة  , هناك  من يموت في الحرب !  ,وعددهم ليس بالقليل, كما  ان لهم اشكالية  خاصة , فمن يتصفح  قوائم القتلى من أفراد كتائب الأسد   يتوصل  الى  حقيقة  استقطاب مؤلمة ,  القتلى هم بنسبة ٩٩٪  من منطقة الساحل وخاصة من محافظة طرطوس , كلهم علويون   الا ماندر ,  ويتميز القتلى  بخاصة ذات دلالة ,  أكثرهم  ذو رتب عالية في الجيش ..عميد ..لواء .. عقيد  الخ  ومن النادر   التعرف على جندي قتيل   من منطقة الساحل  , وعن  الطيارين  الذين يقصفون المدن   نلاحظ  أيضا على أن  أكثريتهم المطلقة من  ذوات الرتب العالية  ..عميد ..لواء .. عقيد  , مع العلم على أن  جيوش الدول الأخرى  لاتعرف  تلك النسبة العالية من الجنرالات  الذين يقودون الدبابة والطائرة  والمصفحة أو السيارة , ففي  حرب العراق لم يقتل جنرالا   غربيا واحدا  , وظيفة الجنرال  أو العميد أو اللواء  ليس  حمل البندقية  واطلاق النار  ,  اذ  يكون هؤلاء عادة   في عمر لايسمح لهم  بممارسة الحرب  على الأرض, هنا يسأل الانسان نفسه , أين هم الجنود ؟؟

بنية  كتائب الأسد تخضع  الى تركيبة   خاصة  , التجنيد الزامي  لذلك  تبعا لذلك ستكون نسبة الجنود  بالأكثرية ليست علوية  , اما  الضباط  فأمرهم آخر  حيث يتم انتقائهم  وتسليمهم  مهمات خاصة  , وهؤلاء   حسب  التطيف السوري   في أكثريتهم المطلقة  من علويين الساحل  , الا ماندر جدا  , واذا  وجد ضابط مسيحي أو  سني  فسيكون مركزه  هامشي  ولا حول له ولا قوة ,

عودة الى جنود الالزامي   , فأين هم  ؟  الجواب  يمكن الحصول عليه من قوائم قراصنة الثورة  السورية ,  لقد نشر  القراصنة قوائم بالجنود  المنشقين , وقد تعرفت على آخر قائمة نشرها موقع زمان الزصل  , والقائمة   تعطي معلومات عن الاسم  والسكن والتولد  والمرتبة العسكرية  وكذلك اسم الوالدة  , القائمة الأخيرة تضمنت اسماء  ١٥٠٠٠  عسكري بين مجندوعريف  ورقيب  , اي من المرتبات الدنيا  , ومن بين ١٥٠٠٠ مجند  وجدت مجندا واحدا من القرداحة  , وما بقي   كان من الداخل السوري , القائمة لاتتضمن مجندا واحدا من محافظة طرطوس  , وذلك بعكس  قتلى الجيش من  الرتب العالية فكلهم  من الساحل  ومن طرطوس   حصرا ,

زمان الوصل نشر  قبل فترة قصيرة قائمة أخرى بأسماء ورتب  وتولد   ٦٥٠٠ عسكري بين رقيب وعريف ومجند , كلهم بدون استثناء من الداخل , وليس بينهم واحدا من الساحل , وهؤلاء انشقوا عن كتائب الأسد  ومن  المؤكد على أنهم انضموا الى المعارضة المسلحة, وجمعا يكون  عدد المجندين  في جيش الأسد قد تتناقص  بحوالي ٢١٥٠٠٠ جندي  و وهذا الرقم لايشمل كل من انشق  ,فلكثير منهم  غير معروف  واذا افترضنا على ان  عدد المعروفين يساوي عدد الغير معروفين   نصل الى رقم ٤٣٠٠٠ مجند ,  وهذا الرقم  يخص الفترة الأخيرة  فقط  , اذأني لم اتابع  قضية المنشقين من الجنود الا في  الأسابيع الأخيرة فقط .

يمكن تعداد  مصادر النزف باختصار بالشكل التالي , قسم قتل , قسم   لم ينشقمن الساحل  انما هرب ولم يلتحق  بالخدمة , قسم  ابناء  الذوات  من الذين لايريدون الموت في سبيل  الأسد , انما على الغير أن يموت في سبيله ,  قسم لايمكن تجنبيده  لأنه لايقع تحت سلطة الأسد  و قسم انشق  وينتمي الى الداخل  ,  وتحصيل حاصل  لم يبق للأسد الكثير ممن يمكن ارسالهم الى الموت , لذلك  أتى بحزب الله وبالحرس الثوري الايراني  وغيرهم من المرتزقة الأفغانية والباكسالتية والعراقية واليمنية واللبنانية  والصينية , ومعظم  هؤلاء يحاربون  لقاء  أجر وليس لوجه الله , والأسد الآن ليس بتلك البحبوحة المادية  كما أن ايران  مفلسة  وبوتين أيضا …حاله في الويل !

ولا عجب عندئذ في   ممارسة  مختلف السبل  من أجل تأمين وقودا بشريا للحرب , الشبيحة  تبحث  بدون انقطاع عن الشباب  وتلتقط سيئ الحظ  لكي يتم ارساله فورا الى  جبهات الحروب ,  لايعرف القسر وارغام  الناس على الموت    له شبيها  حتى    أيام الاستعمار العثماني   وأيام   التجنيد القسري المعروف  بعبارة”سفر برلك”, فمن تم ارساله الى سفر برلك لم يعد , ومن  لملمته الشبيحة  من الطرقات والمقاهي  وأرسلته الى جبهات القتل سوف لن يعد الا جثة هامدة وذلك بعد أن  حول العديد غيره أيضا الى جثث هامدة  , ليس من المعقول  أن يكون قتل الشعب تحريرا له !

لاتسقط الطائفية من السماء  وانما  يتم صنعها على الأرض  , , ومن المنطقي  أن يكون الجواب  على  احتكار معين  احتكار   مقابل , لقد احتكر الأسد  من منطلق مذهبي  مراتب الضباط في الجيش , لذلك فانه من المنطقي والمتوقع حدوث  استقطاب ارتكاسي معاكس ومن منطلق مذهبي أيضا ,  وبذلك تحققت  كل مستلزمات  الصراع بعد الاستقطاب , والصراع منطقيا أصبح  سني -علوي , وكل من يريد تلطيف الوضع  باستخدام  تعريفات  أخرى انما هو بالدجال  والملفق , الوضع  هو كما هو  طائفي  عفن , وسيان ان  أزعجني ذلك أو لم يزعجني ..انها الحقيقة المرة !.

لايمكن  التفكير  بالحلول , لأن  السيد أوباما  والآخر بوتين  لايسألوننا عن رأينا , والذنب أصلا  ذنبنا  لأننا نحن من  عولم القضية(سلطة ومعارضة)ووضعها في  يد الأغراب  , لذا علينا الآن  التفرج وانتظار قرارهم من  الخارج … انهم الخامني  وسلمان  وعبد الله واوباما وبوتين  والكثير غيرهم , أما نحن  فلسنا  من يتخذ القرار  وينفذه  , ولا أهمية لرغباتنا وارادتنا .

لقد انعكست قضية  الاستعمار  , حاربنا الاستعمار  الذي  رحل أخيرا , واليوم نريد منهم  ونتوسل لهم أن يستعمروننا من جديد, الاستعمار الجديد هو تحقيق  لحاجتنا وتغطية  لنواقصنا لأسباب عدة لم نتمكن من ادارة  شؤوننا بأنفسنا , فشلنا  فشلا  اسطوريا  , ومن  يريد أن ينتفخ ويتبجح ويزايد ويخاتل ويكذب ويلفق ويدجل فهو مصاب بالجنون , ولا جنون  يرقى الى جنون  رئيسنا   أدامه الله وأطال من عمره !.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *