هل يتوهم بشار الأسد ؟

بقلم : نيسرين  عبود :

 كثرت في الآونة الأخيرة  زيارات  الصحافة الأجنبية الى  سوريا  لاجراء مقابلة مع السيد الرئيس ,الأسئلة تتكرر  والأجوبة  أيضا , عمليا لاشيئ جديد , والانطباع االشخصي الذي  سيتركه الأسدعند الصحفي البرتغالي (التلفيزيون البرتغالي) سوف  لن يكون  بالجديد  مقارنة  بالانطباعات  التي تركتها  مقابلات  سابقة لدى  الصحافيين , فبعد شكرهم للرئيس  و رحيلهم   قالوا على أن  سيادة الرئيس اما كاذب أو مجنون  ..ياللعار !   ا

كمؤيدلا أستطيع  تفهم  اهتمام  بشار الأسد  في الفترة الأخيرة بالصحافة العالمية   , كمعارض  يفرحني  نشر بشار الأسد لغسيله القذر   بعد كل مقابلة, فبعد كل مقابلة  يزداد الشك بقواه العقلية  ويزداد الانطباع بأن حل المشكلة السورية  معه غير ممكن , وحيث أنه كرر   في آخر  مقابلة  ماقاله في أول مقابلة ,لذا فان  قراءة نص المقابلة  أصبح مملا بعض الشيئ ..لاشيئ جديد  ..لغة خشبية وموقف  خشبي  وشعارات  وأجوبة  لايقبلها العقل, كل جواب هو عبارة عن  انحطاط في النظرة  والمحاكاة , وسوف لن أقوم  بالتعرض لكل اجاباته  , وانما سأقتصر على   جوابه بخصوص المعارضة  , حيث اعتبرت سانا   ذلك الجواب على أنه من أهم أجوبة الأسد , وذلك من خلال   ذكر هذا الجواب في  المقدمة لنشرها  للحوار  بين بشار الأسد وبين الصحفي البرتغالي ,  فسانا  منبهرة  جدا  بمقولة بشار الأسد على أن   المعارضة المعتدلة مجرد “وهم”, وكأنه  بمقدور  هذا الاعتبار تدمير المعارضة , وقد  توهم  من   اعتقد بذلك !

لقد قال  بشار الأسد  ذلك لصحفي أوروبي , وليس  لصحفي من كوريا الشمالية ,ولم يكن بمقدور بشار الأسد ادراك  أبعاد ماقاله  , وما قاله كان حقيقة برسم محاولات عديدة اليوم تبذل للنيل من المعارضة والحط من شأنها ومكانتها ومن جدوى بقائها والإساءة إليها، وبأنها عاجزة عن فعل التغيير، فلا ضرورة لوجودها إذن ,  ولم  يشرح بشار الأسد  حالة المعارضة المعتدلة “الوهمية”  بأكثر من  مفردة “وهم” , الاأنه قال على أن  مابقي  في سوريا من مناوئيه  هم فقط  النصرة وداعش  وبعض الصغار  وهم بالتالي  ارهايين  , والتحصيل الحاصل يقول منطقيا على أنه لاتوجد في سوريا  أي معارضة لحكمه , ومن يعارض هو ارهابي  أو متوهم  ,  أي  أنه لاتوجد شائبة في  ممارسته للسلطة المطلقة  ,انه على حق  ولم يخطئ في أي  خطوة قام بها ,   وكل الشعب ورائه  لذلك فهو باق .

الحل برأي بشار الأسد سياسي , الا أنه  يحارب بشراثة     ويدعو الغرباء أو كما تسميهم  الأسدية حلفاء  للمشاركة  في حروبه,  فالحل  “السياسي”  مع من ؟عندما لاتوجد معارضة, في البلاد توجد وجهة نظر واحدة وموقف واحد هو موقف الأسد , والأسد  يريد النصر لهذا الموقف سياسيا  عن طريق الحرب , اذ أن الحرب  هي استمرار للسياسة بطرق أخرى , قيل ذلك قديما والأسد يمارسه حديثا .

لايعترف بشار الأسد بوجود  سياسة معارضة لسياسته   بل بوجود  اجرام وارهاب  يعارض سياسته ويستحق بالتالي  الابادة  , وبذلك  وقع في مطب التنكر والتجاهل  , انه بذلك يؤكد ديكتاتوريته  , التي  لايمكن لها أن تكون علمانية , فالديكتاتورية  لاتعرف  المعارضة , ولا علمانية بدون معارضة  , انه بذلك يؤكد  بعده الشاسع عن  ابسط أشكال الديموقراطية , لأنه لاديموقراطية بدون تنافسية, انه بذلك  يؤكد نظرة  غرامشي الذي قال  في فترة صعود  الفاشية  في كل من ألمانيا وايطاليا  , بأن التغيير في حالة من هذا النوع  لايمكن أن يتم الا عن طريق الخارج..شرعنة التدخل الخارجي ! , ووجود جزء من  المعارضة السورية  في الخارج  ليس  الا نتيجة  لقمعية السلطة الأسدية  وليس رغبة من  المعارضة في التواجد خارجا ,والتواجد الخارجي  القسري  لاينقص من قيمة معارضته وانما يؤكد بشكل غير مباشر  ضرورة التخلص من نظامه  , انه بذلك يعترف  بسعيه للقضاء  على  القوى  الديموقراطية والتحررية   القادرة على  التغيير  والاصلاح  ,وبذلك  يؤكد  على استحالة اصلاح نظامه أو ترميم هذا النظام  , لأن  نجاحه في القضاء على هذه القوى  يجعل الاصلاح  فائضا  سياسيا  لاضرورة له ,  ولماذ  يجب على الأسد أن يتطور ويغير   عندما لاتكون هناك معارضة  تقف له بالمرصاد .

لقد اختار الأسد بتنكره لوجود معارضة  طريق الحرب الذي  لاعودة به , ولو  كانت هناك معارضة جديرة برقي  حكمه  لتمكن معها من ايجاد حل سياسي سلمي   للاشكالية المدمرة !, وكيف “معها” وهي غير موجودة  , ثم هل يمكن لبشار الأسد أن يربح الحرب؟على المدى المتوسط والبعيد ؟ وهو الآن تحت رحمة حزب الله والحرس الثوري ,  وهل يستطيع حزب الله  الاستمرار  في الحرب  الى جانب الحرس الثوري  وغيرهم  مثل جماعة أبو الفضل وكتائب زينب  والحسين وغيرهم   لسنين عدة ؟وفي حسابات بشار الأسد  الحربية  لاوجود  لغيره وغير نصر الله  والخامني  ,انه عمليا وحربيا  يتجاهل وجود أمريكا وتركيا والسعودية وفرنسا والمانيا  وكندا وأستراليا  والخليج  وكامل الغرب ومعظم دول العالم , ويبدو وكأن بشار الأسد صدق كذبته التي تقول بانتصاره في الحرب الكونية .

لقد بهدل البلاد بأجوبته القاصرة , وماذا سيقول  انسان على  قدر بسيط من التحضر  عند  تعرفه على مقولة الأسد ..”المعارضة المعتدلة  وهم “…ان الوهم  يتوهم !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *