بقلم : أحمد عمران
***
طوال سنين وحتى الضربة الاسرائيلية ماقبل الأخيرة لم يكف نظام الأسد عن ترديد اسطوانة الرد المناسب بالشكل والوقت المناسب لحظة , بعد الضربة ماقبل الأخيرة اكتشف الأسود عقم هذا الشعار والتزموا الصمت مؤخرا واكتفوا بالشكوى في الأمم المتحدة , لقد شعروا على أنه لم تعد هناك أي فاعلية لهذه المقولة , فمن يريد الرد عليه أولا بتكوين المقدرة على الرد, وشعروا أيضا على أن الشعب قد شبع من ترديد هذا السفاف ,فالهوة بين مقدرة اسرائيل الحربية ومقدرة عصابة ورثت دولة تزداد كل يوم لصالح اسرائيل , لم يبق من سوريا ضمن اطار “الدولة” مايدل على وجود هذه الدولة , فسوريا أصبحت وللأسف دولة فاشلة مستباحة وممزقة جغرافيا وشعبيا وحياة السوري لاتتصف الا بالاستحالة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا , قل لنا بالله عليك يابشار الأسد بماذا سترد على اسرائيل بالوقت المناسب والشكل المناسب ؟
لقد سأل كاتب السيناريو فؤاد حميرة بشار الأسد عن موضوع الرد المناسب برسالة قائلا :
“ما الحكاية سيادة الرئيس؟ أما زلت مصرا على قيادة المقاومة والممانعة بشعب يتعرض للإذلال والإهانة والاعتقال والقتل على يد شبيحتك وأجهزة أمنك؟ أما زلت تريد الانتصار على إسرائيل ببلد أوصلته حكمتك إلى الدرك الأسفل الذي يعيشه الآن؟ حيث تنتشر الجثث والتفجيرات والكمائن وعمليات الخطف والسلب والنهب والحرق…حيث لا أمان لسوري حتى في بيته… هل تريد تحرير الجولان بشعب يعيش أقذر حالات الحرمان والإقصاء والإلغاء والبطالة والفوضى الأمنية والفلتان القانوني؟ أما زلت مصرا على قدرتك في القضاء على المؤامرة المزعومة باقتصاد منهار، وشعب على أبواب حرب أهلية بفضل عبقريتك؟ بثقافة الفساد واللصوصية؟
كلمة أخيرة سيادة الرئيس: شعب يريد الكرامة، هو فقط الشعب القادر على تحرير الجولان وقيادة المقاومة، أما الشعب الذي تريد له الذل كل ساعة، فلن يكون إلا عبئا ثقيلا على كاهلك..شعب تحرمه من الكهرباء…شعب يعيش في العتمة…شعب تحرمه من الغاز والوقود الشتوي…شعب تحرمه من العمل…تحرمه من الحرية…. لن ينتصر إلا عليك”
ماذا يمكن القول في توصيف مقولة الرد المناسب الا كون هذه المقولة كذب ودجل ؟ وماذا يمكن القول عما هو أعظم من هذه المقولة أي عن شعارات البعث الأسدي بما يخص الحرية والوحدة والاشتراكية ؟ أليس من واجب الفرد السوري ان يسأل عن الوحدة التي اراد الأسد تحقيقها كذبا والتي انتهت بالتجزأة والخراب , وعن الحرية التي تعد الأسدية بها منذ عقود , وماذا تم تحقيقه في مجال الحريات الا العكس من مدلول هذه الكلمة ؟ أماعن الاشتراكية فحدث ولا حرج …وماذا علق في رأس التلميذ السوري الذي ردد مكرها كل يوم ولسنين هتاف “وحدة حرية اشتراكية ” ؟ هل يمكن لهذا التلميذ الذي أصبح كهلا بعد نصف قرن من الحرب المستمرة على عقله ووجدانه القول على أن البعث الذي تأسد ليس الا مهزلة من مهازل الزمن ؟
ثم يأتينا دجال آخر اسمه حسن نصر الله ..حسن الضاحية ! , وحسن المحور , وحسن ولاية الفقيه , ويريد اطرابنا برده المناسب بالوقت والشكل المناسب , يريد مواجهة اسرائيل عسكريا , ذلك لأن اسرائيل قتلت في منطقة الجولان السورية عددا من أفراد حزبه ومنهم ابن عماد مغنية , والسؤال ماذا يفعل أتباع حزب الله في منطقة الجولان ؟وماذا يفعل العسكر الايراني هناك ؟وهل وجودهم هناك يمثل خطرا على اسرائيل ؟ أو أن وجودهم هناك يمثل خطرا على ماتبقى من سوريا ؟
غامر نصر الله عام ٢٠٠٦ بلبنان , خسر لبنان من أبنائه ١٢٠٠ لبناني وتدمر الجنوب اللبناني بكلفة تقريبية تعادل ٥٠ مليار دولار ووصلت اسرائيل الى مشارف الليطاني ووقع حزب الله على اتفاقية الهزيمة والتي لايوقع عليها الا المهزوم , وبالرغم من ذلك حول الدجال الهزيمةعلى الأرض الى نصر للدجل … لقد انتصر لأن اسرائيل احتاجت لحوالي أربعة أسابيع لسحقه ! بينما احتاجت الى أيام لتسحق عدة دول , لقد باع الهزيمةوكأنها نصرا ميمونا متنكرا لأبسط معارف الحروب والتي منها معارف حول الحرب المتناظرة والحرب الغير متناظرة , وكل عريف ركن في جيش يجب أن يعرف على أن حرب العصابات الغير منتاظرة أطول بكثير من الحرب بين جيوش , على القائد العام لعصابات حزب الله التفريق بين نوعية حروبه عن نوعية حروب أسده حافظ الأسد, واستدامة حرب نصر الله لأسابيع لاتعن على أنه أكثر حنكة ودراية وقوة وتفننا في الحروب من جنراله الراحل حافظ الأسد , الذي اعتبر نتائج حرب ١٩٦٧ نصر أسديا مبينا , أتعرفون لماذا ؟
لقد احتكر الأسد دجل الانتصار ليس لأنه احتل الجليل والقدس وليس لأن سوريا خسرت الجولان , وانما لأن نتائج هذه الحرب لم تؤثر على البعث ولم تمنع وزير دفاع البعث من أن يصبح رئيسا للجمهورية السورية البائسة التعيسة والتي أوصلتها الأسدية الى درجة الفناء والاندثار وحولتها الى أنقاض , واذا كان هدف اسرائيل تدمير سوريا فقد تدمرت , ومن دمرها كانت اسرائيل جزئيا والأسود كليا , وهل في ذلك مجانبة للحقيقة ؟
لقد دمرت اسرائيل سوريا جزئيا وأكمل الأسد عليها كليا , وهاهو دجال آخر يقوم بتدمير لبنان حيث أسس دولة ضمن دولة وفرق مقاتلة أقوى من جيش الدولة , وبذلك قضى على أحدى أهم معالم الدولة , لقد قضى على خاصة احتكار العنف من قبل جيش الدولة , وبذلك لم يعد في لبنان دولة وانما مجموعات مسلحة بقيادة مسلحين , فالدولة تعريفا هي المنظومة التي تسيطر على جغرافيا البلاد واحتكار الدولة “للعنف” ليس الا ضمانا لفاعلية سلطة تنفيذية , وبالرغم من ذلك يعتبر نصر الله نفسه على أنه حامي الدولة وبدونه لاتوجد دولة, ولا مؤاخذة على فهمه للموضوع بهذا الشكل المنحط ..فرجل ولاية الفقيه لايستطيع استيعاب أكثر من ذلك . ,
هل تتمنى اسرائيل من حزب الله أن يرد على استفزازاتها أو أن يمارس الصمت عسكريا , وله في ممارسة الضوضاء والضجيج والعجيج الدعائي ما يريد ؟.
اسرائيل تريد من حزب الله أن يرد على استفزازاتها عسكريا , لأنها بذلك تضمن نوعا من الرضا الدولي عن احتلالها لجزء من الاراضي السورية أو اللبنانية , وما يخص سوريا فقد لمحت اسرائيل في العديد من المناسبات عن حاجتها لعمق حوالي ١٥ كم في الأراضي السورية , وما على نصر الله الا أن يبدأ بالرد على اسرائيل من الأراضي السورية حيث نتمكن بعد أيام من التكلم عن العدوان الاسرائيلي الاستعماري الغاشم الناهب لأرض الوطن, ثم نقدم شكوى الى الأمم المتحدة وبعدها يتم توقيع هدنة تتم حراستها من قبل الأمم المتحدة أو من قبل جهة أخرى … هذه هي المنهجية التهريجية التي نعرفها بعد كل الحروب مع اسرائيل , ونصر الله سوف لن يكون الا أسدا آخر….
انه الداء الأسدي المدمر, ومن يشك بذلك فلينظر الى حالة سوريا بعد أن عالجها الأسد نصف قرن من الزمن , هل بقي فيها الا الأموات ؟ وهل انتصر بها الا الموت ؟
*** علي فرزات
——————-