في سياق مهمة غير معلنة تواجد على ماتبقى سوريا من أرض الجولان العديد من عساكر الرتب الرفيعة , يقال على أنهم أجانب ! , الا أنهم بالرغم من ذلك بمثابة رب المنزل , وعمليا يمكن القول على اننا أصبحنا كسوريين ضيوفا عندهم على أرضنا , هكذا يمكن للمعاعيير أن تتغير وللأسماء أن تتبدل , اننا في أحسن الاحوال نزلاء عندهم , اننا الآن المحافظة الايرانية الخامسة والثلاثين , اننا الآن أيضا في مرحلة ” الادراك ومحاولة فهم ” وضع شاذ أصبح به السوري ضيفا في بلاده , وليس انقلاب أعراف الضيافة هو الأمر الوحيد الذي علينا تقبله ثم هضمه وابتلاعه , وانما يتوجب على السوري الذي أصبح ضيفا أن يخضع الى دقة القبان والمازورة لقياس مواطنيته ومواقفه ثم مزاجه ونوعية أفكاره ,فليس من المستحب لدى المضيفين من المحوريين ان كانو ايرانيين أو لبنانيين أن يمقتهم الضيف السوري , كأن يستهجن السوري وجودهم في بلاده أو يبدي أي اشارة عن عدم تقبله لوجودهم كأسياد , فعلة من هذا النوع تحول السوري في بلاده الى خائن لها ..الى عميل للاستعمار الى متأسلم بغيض ..الى حليف لاسرائيل وغير ذلك من التهم التي تعاقبها محاكم الارهاب السورية بالموت خنقا أو شنقا أو تعذيبا ….. يا للهول !!.
ان فعلت ذلك أيها السوري وتجرأت على القول على أن بلادك أستبيحت وأصبحت مستعمرة ايرانية , فويل لك وويل على مصيرك , لانك عندذلك تصبح شريكا للصهاينة في تدمير بلاد كانت لك واصبحت لغيرك , انك متهم عندئذ بتدمير الدولة السورية حتى عندما لاتوجد “دولة” سورية , متهم بتدمير كيان لاوجود له, وهدم بناية هدمها غيرك ,فالادعاء بوجود دولة سورية لايستقيم مع مانراه الآن على الأرض السورية , لقد فشل الكيان في الاستمرار كدولة وتحول الى مستنقع تسبح به الطحالب والطفيليات وتفتك به الميليشيات …. يا للأسف !!!!
من افظع المواقف التي يمكن للسوري نظريا أن يقفها هو موقف التساؤل عن معنى ومغزى والهدف من وجود جنرالات ولاية الفقيه وولاية نصر الله على أرض الجولان , ولنكن جديين ! انهم بدون شك هناك ليس للاستجمام والاستراحة , وجود العسكر يعني وجود مهمة عسكرية , وهل يمكن لأن تكون المهمة العسكرية الا تحرير فلسطين انطلاقا من الجولان , هكذايدعي نصر الله ويدعي المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية , ومن كل قلبي أتمنى لو استطاعوا .
ما أعرفه عن موازين القوى في الوقت الحاضر يوحي بأنهم سوف لن يستطيعون , وبالنتيجة أو بعد التوريطة ستحتل اسرائيل مزيدا من الأرض السورية, وسيقلب نصر الله الهزيمة المروعة المتوقعة الى نصر مبين , حيث سيقول على سبيل المثال على أن اسرائيل فشلت في مساعيها ذلك لأن حسن الضاحية لايزال في الضاحية حيا يرزق , كما فشلت اسرائيل عام ١٩٦٧لأن البعث لم يتزحزح عن الحكم , فبقاء البعث أهم من بقاء الجولان , وبعد ستة أيام تحقق لاسرائيل ماتريد وللأسد مايريد فبقي وزيرا للدفاع وترقى بعد انتصاره المذهل على اسرائيل الى رتبة أعلى بكثير , لقد أصبح رئيسا للجمهورية وبيده الحل والربط من الألف الى ألياء ..هكذا تكون الانتصارات أيها السادة والسادات … ياحسرتي على بلادي من الأوباش !
البعض من قطيع المؤيدين يرى الأمر معكوسا أو بشكل أكروباتيكي , اذ يقول على ان ماقامت به اسرائيل عدة مرات منذ عام ٢٠١١ من ضرب وتهديم وقصف في الداخل السوري وتحليق لطائراتها فوق غرفة نوم القائد للأبد ليس فعلا وانما انفعالا, انه الرد الاسرائيلي على الضربات التي الحقها الرئيس وبواسله بها , والضربات الاسرائيلية كانت” ردا ” بالشكل والوقت الذي يناسب اسرائيل , وعند السؤال على ماذا ترد اسرائيل ؟ يقال عندها اسرائيل ترد على الضربات التي وجهها الأسد لها , هنا يصاب غبي مثلي بالدهشة ويسأل أين كانت تلك الضربات التي وجهها الأسد لاسرائيل , عندها يتلون وجه الجهبوذ الأسدي بالأحمر والأزرق ويجيب منفعلا .. اسرائيل ترد على انتصارات الأسد المبهرة .. ألم يحرر الأسد حقول الشعار ؟ ألم يحرر الأسد قرى في ادلب , ألم يزور الشامخ بشار بابا عمرو بعد تحريره وعلى رأسه قبوعة النصر ؟ ألم يأكل الخبز والملح مع بواسله في جوبر ؟ كل ذلك يمثل ضربات موجعة لاسرائيل , لذلك ترد اسرائيل على هذه الضربات بقصفها المستودعات والمطارات والسيارات , ولو كانت اسرائيل بوضع عسكري أفضل لمارست الرد على الانتصارات الأسدية يوميا , اسرائيل لاتريد أن تتورط في معمعة حربية مع الأسد وبواسله …خائفة وترتعد من الهلع ..فبيد الأسد زمام المبادرة …خلال نصف ساعة من تفقيس ازراره وانطلاق صواريخه سيترحم العالم على اسرائيل التي خسفت ثم بادت ..كل ذلك في ثواني ..فك الأسد لأزرار بنطاله للتبويل يستغرق من الوقت أكثر مما تستغرقه ابادة اسرائيل ..لله درك يابشار ! ممانع ومقاوم صنديد يرأس شعبا من العبيد نصفه جائع وثلثه لاجئ , فكيف لو شبع العبيد وعاد اللاجئ السعيد الى حضن الأسد العتيد , عندها … وفقط عندها يستطيع القائد للأبد “سوا” مع شعبه الصامد احتلال العالم , حيث يصبح , كما قال أحد أعضاء مجلس الشعب , رئيسا للأمم شرق وغربا شمالا وجنوبا , فمن ينتصر على ١٥٠ دولة في العالم ومنهم دول عظمى يستطيع الانتصار على ثلاثين أخرى , ارفع رأسك أيها السوري وتبختر فرئيسك لا رأس له .. المعذرة اردت القول لايعلو راسه رأس .. فطوله طول النخلة أما عقله فهو عقل سخلة .
ليس لدي أدنى شك على أن جولة حربية اسرائيلية على الجولان ضد الأسد وحزب الله وايران ستضعف الأسد كثيرا , وقد تكون نهايته أو سقوطه الذي اتمناه , الا أن مواجهة كهذه سوف تقود الى احتلال اسرائيل للمزيد من الأرض السورية , وهذا أصلا مايهم اسرائيل , أما وجود الأسد أو عدم وجوده فهذا أمر ثانوي بالنسبة لها , اسرائيل تريد لسوريا الضعف والانحلال وعدم المقدرة , ثم انها تريد لحدودها حارسا أمينا , وقد حقق الأسد بتخريبه سوريا لاسرائيل ماتريد , اضافة الى ممارسته الحرص الزائد على هدوء الحدود مع اسرائيل , وما يناسب اسرائيل أكثر من كل ذلك هو ممانعة ومقاومة سيادة الرئيس ,ولأنه ممانع ومقاوم من النوعية القمعية لشعبه , يرفض الحلول أو انصافها أو ارباعها متصلفا متعجرفا ,وقد سبق للراحل والده أن رفض اعادة الجولان رفضا قاطعا لأن اسرائيل أرادت الاحتفاظ بخمسة أمتار مربعة منها , والآن بعد الاستيطان واقامة المشاريع تتقارب الاعادة من الاستحالة , وتبقى بالتالي قضية الجولان اضافة الى قضية فلسطين مادة كانت جيدة للتشدق والاتجار ولم تعد لها أي جودة , لقد أصبحت مادة للزعبرة والكذب والنصب , فمن يريد أن يقاوم عليه ببناء القوة اللازمة لذلك , أين هي قوة دولة تفككت وتهدمت وجاعت وتقسمت وأصبحت مزرعة يتقاسم ريعها الرعاع .
لامصلحة لسوريا , التي لم يبق منها كدولة الا الاسم, أن تقارع الآن اسرائيل عسكريا وحتى في المستقبل المتوسط والبعيد لاثمرة من هذه المنازلة , المنازلة سوف لن تجلب الا الهزيمة , وبالتالي التنازل عن املاك الشعب لاسرائيل التي ستملي شروطها كمنتصرة , والأرجح على أنها ستحافظ على الأسد مقابل مكاسب على الأرض , وهي تعرف على أن الأسد يدفع أي ثمن من أجل بقائه على الكرسي..يحرق البلد من أجل الكرسي …
على الرغم من نفوري من لغة وثقافة التخوين , اريد القول لمن خون غيره بسبب تقاعس الغير في التضامن مع العسكر الأجنبي على الجولان , على أن الخائن هو من يسبب الضرر لبلاده , الخائن هو من يسمح للغير بالتلاعب بمصالح بلاده , هو الصامت أزاء تحويل الجولان الى منطقة حرب ساخنىة ستقود بلاده الى الهزيمة … الخائن هو من دمرمعظم سوريا , والآن يريد من اسرائيل تدمير مابقي منها…كل ذلك ولا يزال هناك من يؤيد الابادة !