بقلم :ربا منصور
*
هناك فرق بين “الدخل” الشهري وبين ” الاستحقاق” الشهري , فالدخل هو كل مايدخل الى جيبة المعني بالأمر وبأي طريقة كانت ..راتب اضافة الى سرقة وابتزاز وتزوير ولصوصية ..الخ , ولا أظن على أن موظفا أو مستخدما في سوريا يستطيع الاكتفاء بالراتب الرسمي , الذي لايكفيه لأكثر من ثلاثة أيام في الشهر , أما الاستحقاق فهو مايستحقه الانسان من تعويض مادي لقاء جهده ان كان موظفا أو عاملا أو مستخدما , وذلك كنعويض عن قيامه بالعمل الذي عليه القيام به , ولا يوجد الآن في سوريا الا ذوات “الدخل” أما الاستحقاق فهو ملغي عمليا . وذلك لأن السلطة لاتفكر بالاستحقاق وترتيبه بشكل يمنع السرقات , راتب رئيس مجلس الوزراء حوالي ٨٥ ألف ليرة سورية , أي مايعادل ٤٠٠ دولار , فكيف له أن يغطي مصاريفه بدون الاعتماد على فساد الدخل ؟.
تنحصر الوظائف الجديدة في سوريا في مجال الحرب ,من جهة السلطة هناك وظائف في مجال الدفاع الوطني أو التطوع في الجيش .. وحسب صفحة”دمشق الآن” فان راتب العامل في تشكيلة هجومية قتالية هو ٣٠ ألف ليرة سورية , ومن يعمل في تشكيلة دفاعية ينال ٢٠ ألف ليرة سورية , أما من يعمل في اطار الدفاع الذاتي فلا ينال أي راتب , وحتى هذه الرواتب لايمكنها تغطيةمصاريف عائلة سورية لأكثر من ثلاثة أيام في الشهر
بمناسبة زيارة وفد له من محافظة طرطوس تطرق الرئيس بشار الأسد الى نقطة الدخل , الوفد طالب الرئيس بزيادة تعويض قتلى أبناء الطائفة من مئة ألف ليرة سورية , أي مايعادل ٥٠٠ دولار الى ٢٠٠ ألف ليرة سورية , , ذلك لأن مبلغ ١٠٠ ألف ليرة سورية لايكفي لشراء عنزة , وقضية العنزة ليست مجازية وانما واقعية تماما , ففي حوران أعطى الرئيس رأسا من الماعز كتعويض عن مقتل الابن او الزوج أو الأب, وحول المطالبة بزيادة التعويضات أجاب الرئيس كعادته على هذا الطلب بكل صراحة ووضوح , حيث قال بما معناه على أن البقية الباقية من ابناء الطائفة يدههم طويلة وطائلة , فهم حسب زعمه يأخذون مايريدون من ممتلكات الشعب السوري والسلطة تعرف ذلك وتغض النظر عن هذه العمليات وذلك في الجيش والدفاع الوطني وغير ذلك , وبذلك يكون لهم “دخل” محترم , كل حسب نشاطه ومقدرته اللصوصية أو التعفيشية .
يقال على أن ٥٠٪ من الشباب العلوي أصبح في عداد شهداء الوطن , أي شهداء الأسد , لأن الوطن هو الأسد , ولايزال الكثير منهم يندفع الى الموت في سبيل الأسد , فهل يستحق الأسد أو غير الأسد كل هذه التضحيات , اذ لايقتصر الموت على شباب الطائفة وانما يحصد الموت كل حياة… الطفل والكهل والشاب والمرأة والعنزة والبقرة وكل مايتحرك ليصبح بعد هجمة بالبراميل جثة متفحمة , وعدد الجثث قارب في سوريا النصف مليون أو أكثر بكثير (لقد أظهرت دراسة قام بها الأمريكان في العراق وفيتنام على ان الاعلان عن قتيل واحد يعني مقتل ١٠ , وتطبيق هذه القاعدة على الوضع السوري يعني على أن عدد القتلى في سوريا بلغ المليونين , وليس فقط ٢٠٠ ألف كما تقول الاحصائيات الشبه رسمية ), لقد قتل الملايين وتشرد الملايين وجاع الملايين وتدمر الوطن وتخربت العلاقات الاجتماعية وزادت ضراوة الديكتاتورية واندلع الكره الطائفي ومات الناس في السجون تحت التعذيب وانهار الاقتصاد ..كل ذلك من أجل “صرماية” الأسد .
ليس من الغرابة بمكان عندما يقال على أن الأسد الحق بالطائفة العلوية أضرارا جسيمة ,اذ قبل تقتيل الشباب العلوي , كنس الأسد المدارس والحق ابناء الطائفة بوظائف لامستقبل لها ..لامستقبل لوظيفة قطاع الطرق , لقد جاء بهم الى مراكز المخابرات والأمن والجمارك , وبذلك الحق بمستقبلهم اضرارا تعادل الاعدام , ما هو العمل “الانتاجي” الذي يستطيع الشبيح ممارسته لكسب لقمة العيش حلالا ؟؟ وذلك بعد أن تتغير الأحوال وتصبح سوريا دولة كباقي دول العالم , أو يظن البعض على أن الفساد والأسد الى الأبد , ومن يظن ذلك فهو ناقص العقل !.
وعن اجرام الأسد بحق الطائفة العلوية التي أمرضها بمرض الخوف من الآخر وبعصاب الهيمنة على الآخر وبداء كره الآخر والعداء له ,فقد تم التنويه الى من قتل منهم زورا , اما تعليق الأسد بخصوص الأحياء منهم فهو سابقة لامثيل لها في الانحطاط فغض النظلر عن سرقاتهم ليس الا تشجيعا على السرقة , منهم من مات ومنهم من تحول الى لص ,هناك من مات عضويا وهناك من مات أخلاقيا والفرق بين الموت العضوي والموت الاخلاقي ليس بالشاسع ,فرحمة الله على من مات عضويا , أما من مات أخلاقيا فلعنة الله عليه ..الطائفة ميتة اجمالا , وهل يمكن للتضرر أن يكون أعظم ؟.
فداحة الموت العضوي وكارثة الموت الأخلاقي ليس كل ماينتظر طائفة ضلت وضللها الأسد , فبدلا من تختار الطائفة كقسم من الشعب القسم الآخر من الشعب , اختارت الطائفة الأسد وظنت على الأسد هو الشعب وهو من يضمن للطائفة استمرار الحال كما كان , وتجاهلت الطائفة ما تعلمناه في الاعدادية على أن الحاكم بائد والشعب باق , تجاهلت الطائفة أمرا جوهريا وهو ان المساواة هي التي تضمن حقوق الجميع , وأن الديكتاتورية ليست ضمان الا للديكتاتور , ولا يعرف التاريخ ديكتاتورا الا وأصابته الابادة , ولماذا سيكون الأسد شيئا آخر ؟ فما هو مستقبل أقلية ركبت زورقا سيغرق , وهل من التعقل أن تغرق الطائفة مع الأسد ؟ ولماذا ؟ .
أعجب من قصر نظر البعض , ولا أعرف تفسيرا لنزعة افناء الذات عند هؤلاء , وكيف يظن هؤلاء على أنهم فائض بشري يجب التخلص منه , ومن قال ذلك ..ارادوا تدمير الآخر , فدمروا أنفسهم ,واذا كانت هذه هي غايتهم فانها بدون شك ليست غاية الآخرين
* لوحة الفنان علاء بشير . العراق
=================
من يريد التعرف أكثر على نزعة افناء الذات أو أو غريزة تدمير الذات عليه التعرف على كتابات فرويد وايريك فروم وعليه بالاضافة الى ذلك مشاهدة الشريط المرفق
وعليه التمعن بما قاله خطيب هذه الجمعة اللواء محمد خضور