بقلم: عزمي بشارة
نجح تنظيم الدولة الإسلامية في خلق هستيريا شعبية، وخوف جماهيري. وكما في كل هستيريا شعبية في عصرنا، اختلط الخيال المحلي وقصصه الشعبية بتكنولوجيا الاتصالات. وتشابكت الخرافة بتقنيات أفلام هوليوود التي تتباهى بعمليات ذبحٍ، يقوم بها أوباش الوحدات الخاصة الأميركية، عند اقتحامهم الأسطوري حصن أعداء بغيضين، وتحرير مخطوفة جميلة، بإغلاق فم الحرس بيد، وذبحهم، برشاقة بالسكين، باليد الأخرى. وتتبرع شبكات بث عربية بعرض هذه الروائع السينمائية التي غالباً ما يلعب فيها العربي دور العدو الكريه، الذي لا يثير ذبحه اشمئزاز أحد. ومن جرائم داعش الكثيرة أنه منح المجرمين في منطقتنا فرصة الظهور بمظهر المتحضرين، بعد أن التقت قوى عديدة على تركيز الشر في بؤرة واحدة، مع أن بعضهم لم يتورع عن ذبح الأطفال في الحولة وغيرها. وأصبح إظهار الاشمئزاز من أساليب داعش ملجأ لكل نذل، وهي مثيرة للاشمئزاز والغضب فعلاً، من دون الحاجة إلى هذه المساهمات.
عرفت الشعوب الغربية المقصلة باعتبارها من إنجازات الثورة الفرنسية في تطوير تقنية قطع الرؤوس، والتي كانت في أوروبا عصر النهضة، وفي الجزر البريطانية، تنفذ بالبلطة، ما عدا في حالة الكفر والسحر اللذين استحقا حرق المدان (أو المدانة) حيّاً. وقد نفذ قطع الرؤوس في ساحة عامة في مركز المدينة (كما كان حال الشنق في بعض الدول العربية، حتى مرحلة متأخرة). ولو وجد التلفزيون، في حينه، لنقل بالبث الحي والمباشر، عبرة لمن اعتبر.
|