لينين يقول ..أدونيس ثرثار !

بقلم :نبيهة حنا,سمير صادق

بعد أن لجأ أدونيس الى ترويج  العلمانية  من أجل جائزة نوبل ,  وبعد أن خاب أمله في نيل هذه الجائزة , عاد الشاعر الى قواعده  وعلويته   ,  لم تكن هذه العودة المباركة  نتيجة   لخيبة أمله في الجائزة , وانا  نتيجة خوفه على حياته  وامتيازاته , لقد  تحول أدونيس  معارض للنظام  , الى  منافق  ملفق للنظام , وأخيرا  الى  الهلوسة ,  أخيرا يرى أدونيس ان تغيير النظام أمرا ثانويا  مقارنة  بالتغيير الاجتماعي  , ويقول ..لقد تغيرت في  الأنظمة  في الجزائر ومصر   وليبيا والعراق , فما كانت النتيجة  ؟ لقد بقي كل شيئ على حاله , لا بل  ازدادت الأمور سوءا  , وهذا يعني بالاستناج  على ان أدونيس يرى  ان حماية النظام السوري ضرورية جدا  , وتحت مظلة النظام العائلي الأسدي  يجب   تغيير المجتمع  ويجب فصل الدين عن الدولة  ثم  الشروع في تغيير المجتمع علمانيا .

ليس بالجديد ماقاله أدونيس  ,  حتى قبل حوالي مئة عام  كان هناك من  يتحدث بنفس المنطق  , ولهؤلاء قال لينين  مايلي :” إن تصور إمكانية قيام ثورة اجتماعية… بدون هبّات ثورية يقوم بها قطاع من البرجوازية الصغيرة، بكل ما له من تحيزات، وبدون حركة من جانب جماهير البروليتاريا، وأشباه البروليتاريا، غير الواعين سياسياً، ضد قهر ملاكي الاراضي والكنيسة والمَلَكية، وضد القهر القومي.. الخ.، أقول إن تصور هذا كله يعني التخلي عن الثورة الاجتماعية. فالمتوقع هو أن تنتظم صفوف جيشٍ في مكان ما، ويقول :«نحن للدفاع عن الاشتراكية» وآخر تنتظم صفوفه في مكان ثان، ويقول «نحن للدفاع عن الامبريالية»… وهكذا تكون الثورة الاجتماعية…إن من يتوقع ثورة اجتماعية «محضة»، او «نقية»، لن يحيا أبدا حتى يراها. فمثل هذا الانسان يثرثر بكلمة الثورة، من دون أن يفهم معناها.»

 لنفترض  أن لينين هو الثرثار وليس أدونيس ,فأدونيس  طلب منا  التريث في اسقاط  النظام العائلي  الوراثي لأن  اسقاط  النظام أمر ثانوي   , طلب منا أيضا الانخراط  في تحقيق   ثورة  اجتماعية , لأنه لهذه الثورة  أوليتها ,  ثورة لتغيير المجتمع  السوري  وخلق مجتمع مدني   يفصل الدين عن الدولة , ولا  مأخذ نظري على طروحاته , لطالما تريد هذه الطروحات  اسقاط الأسد  وتطوير المجتمع , الا أنه على  الأستاذ   أدونيس أن يقول لنا كيف يمكن لذلك أن يتم , وكيف يمكن  لهذا التطور الاجتماعي أن يحصل  في ظل سلطة مطلقة  لاهدف لها الا  احداث  العكس من ذلك ,  واذا كانت وسيلة الديكتاتورية  هي التجهيل  الجماعي  وتحويل المجتمع الى قطيع مطيع  , فكيف يمكن لهذا القطيع أن  ينتقل بنفسه من حالة  التندب  والتجرح والتهمش  الى حالة  من الصحة النفسية والجسدية ؟ , فالديكتاتورية  تريد أن يرى الشعب بها  منقذا  لآلامه  واستلابه   مع العلم  أن الديكتاتورية هي  السبب في  الألم والاستلاب , والديكتاتورية  تحاول  أن يكون لها تأييد جماهيري  عن طريق  خلق وضع تناشزي  يسمى في علم النفس “الاحتماء الجمعي”  , والذي يعيد المجتمع  الى مرحلة الطفولة , هذا اضافة الى  كون المجتمع قدتحول الى قطيع   ,الرجوع بالمجتمع  حالة الطفولة  يقود بشكل  حتمي الى  خلق مجتمع “الأبوة”  , حيث  يقول الديكتاتور للشعب  , أنا الأب !!! اتبعوني  وأطيعوني ,  الشعب يصبح   في ظل  أبوية الديكتاتور تابعا  فاقد الاستقلالية   , المرشد هو الأب  والممول هو الأب  ومصدر القيم هو الأب  كما أن الأب   هو مصدر الاستقرار  والمال والسكن  والطعام واللباس  ..الخ  , الأب يبقى  ابا  للأبد  والطفل يبقى طفلا للأبد  , وهذا يعني خلق حالة من الركود والانغلاق  واستبدال السياسة بالطاعة العمياء لمصدر  الرزق  ومصدر الأمان  ومصدر  الحب والراحة  , الأب  اسمه   علوش  والابن حمودة , لذا يدعى   الابن حمودة علوش  , وها هي سوريا وقد أصبحت تسمى  سوريا الأسد .

 حالة الأبوة هي “نظام” بحد ذاته  أو بالأحرى نظامين  , احدهما قديم  تقليدي   تعرفه مجتمعات ماقبل الحداثة والآخر  هو الجديد  الغير تراثي    وبنفس الوقت  الغير حداثي  ,  وعندنا في الشرق هناك مزيج من الاثنين  مزيج بين ماض لم يأفل  وحاضر  لم يولد.

أهم مظاهر النظم “الأبوية” هي سيادة الروح  الشمولية السلطوية  المتمثلة  في  نهجية امتلاك  الحقيقة المطلقة  والغير قابلة للنقد أو النقاش  , والتفاعل  بين الأفراد والجماعات  في النظم الأبوية  لايهدف الى التوصل الى  تفاهم واتفاق , وانما الى  تأكيد انتصار    الحقيقة الواحدة الدوغماتيكية  على النظرات الأخرى  , الحقيقة الأسدية الواحدة  لاتستطيع تغيير موقفها لأنها   لاتستطيع  استيعاب  الا حقيقتها  , وبالتالي لامناص  لها  من فرض هذه الحقيقة  بالقسر والاجبار  والعنف  …..الأب حافظ قال  , وما عليكم الا  الطاعة  , وفي هذه الظروف يريد  أدونيس  أن يثور اجتماعيا .

ليس المقصود من  هيمنة “الأب”  تلك العلاقة  البيولوجية , وانما مايرمز للأب  من قيم  اجتماعية  وسياسية  وتصورات  انثروبيولوجية , الأب هو  المركز الذي  تنتظم  حوله  العائلة  , وفي سوريا العائلة  السورية   مدنيا وطبيعيا  ,  انها علاقة عمودية بين الحاكم والمحكوم  , علاقة بين  الارادة المطلقة واللاارادة  ,وللحفاظ على هذه الحالة  أو ” توازن الهيمنة” لابد من  وجود فاعليات  , وفي  سوريا هناك  تزاوج  بين  الفاعلية العسكرية   الصريحة  والفاعلية البوليسية   الخفية , حيث  تتحكم  السلطة الغير مرئية والخفية  بضبط  أمور حياة  الأبناء  الذين لاحقوق لهم  لأنهم حقيقة “سجناء” في البيت السوري الأسدي و يريدون الهروب  فالى أين ؟   فالهروب الى حاضر  لم يولد مستحيل  , لايبق  الا الهروب الى ماض لم يأفل , أليست الخلافة ومشتقاتها  رمز للهروب الى ماض  لم يافل لأن الحاضر الذي لم يولد  لم يتمكن من ازاحته والحلول مكانه …

ليس الهدف من هذه السطور هو بحث موضوع   النظم الأبوية واشكالياتها  , وانما  التأكيد على  نفاق  وجهل أدونيس  , الذي يريد ثورة اجتماعية  في ظل  الاسدية  وتحت اشرافها  , انه من سابع المستحيلات  حدوث ذلك , ذلك لأن  أول انجاز لثورة أدونيس الاجتماعية   يجب أن يكون   ازالة الأسدية عن بكرة أبيها  , وأدونيس العلوي لايريد ذلك , وموقفه لم يفاجئ أحد  الا الواهمين  ,  أبسط الأسئلة  كيف يمكن  اجراء القطيعة التامة بين الدين والسياسة  تحت  اشراف سلطة لاتريد الا  دمج الدين بالسياسة , وهل التأييد المطلق للأسد من قبل  ٩٥٪  من أفراد الطائفة  العلوية  هو تأييد  من منطلق سياسي  مدني  , لكن   بالمقابل أيضا   لايمكن  فهم معارضة ٩٥٪ من السنة  للأسد  الا من خلفيات مذهبية  , هؤلاء يريدون العلوي , وأولئك  يرفضون العلوي .

فأدونيس يؤكد على أن  النظم  التي حكمت البلدان العربية ومنها نظام الأسد  منذ حوالي نصف قرن  لم يتركوا ورائهم الا التفكك والفقر والمرض  والفساد  والتخلف ,  وهذا الأدونيس  صاحب  “الثابت والمتحول ” وصاحب  “المفرد بصيغة الجمع”  يريد   تحولا  بشكل ثورة اجتماعية  تحت سقف الأسد , الذي  ,استنتاجا,  لم يترك الا الخراب والدمار والفقر والمرض  والتأخر كغيره , فكيف  ؟ والأهم  لماذا  ؟ , لماذا يصر أدونيس  على  المحافظة على الأسد  ؟ , هل لأن الأسد علماني  ؟  وعندما  يكون الأسد علماني  وحكومته علمانية  , فلا حاجة لثورة أدونيس  الاجتماعية العلمانية  ,؟

خلاصة  الأمر  .. ادونيس والأسد وجهان لعملة واحدة , مع اختلاف اسلوب كل منهم في التعبير  , عملة  تتسم بالفحولية  والذاتية والمطلقة  , تنفي وتقصي الآخر  ,  فكل ثورة غير ثورة أدونيس الخيالية  ليست بثورة , الكل جهلة ماعدا أدونيس والأسد ..  منطقهم منطق المتعالي  , واذا كان الأسد متعالي  انفصاميا (مرضيا),  فلماذا تتعالى الذات الأدونيسية   بالشكل الأسدي ؟؟,  سيرة أدونيس  منذ أن القى القصيدة الأولى أمام أنطون سعادة  , الذي  أطلق على الشاعر المبيدئ اسم “أدونيس”  والى اليوم  هي سيرة المتسلق الانتهازي , لقد نجحت الثورة في تعرية العديد من المدعين  , ومن تعرى  وبشكل  فاضح كان الشاعر  , الذي  لوت الطائفية رقبته,  تعاليه لم يسمح له  برؤية أفضل , لقد ظن على  أن الانسان السوري  لايدرك  وجود الأقنعة  على وجهه  , كثيرون  الذين  ارتكبوا  نفس الخطأ   وعن وجوه الكثيرين سقطت الأقنعة  ..واحدا تلو الآخر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *