خمسة سيناريوهات تنتظر سوريا

بقلم:سمير سعيفان

تقف سوريا اليوم على أعتاب احد السيناريوهات الخمسة التالية، والتي يتحدد كل منها ويرجح بحسب تحقق شروطه، والتي يلعب فيها السوريون دوراً ثانوياً.
سيناريو الحل السياسي التوافقي عبر جنيف: ويتحقق هذا السيناريو إذا ما تم ارغام النظام وداعميه الايرانيين والروس على قبول الحل السياسي وهذا يتم فقط عندما يقتنعون أن النظام قارب على السقوط حرباً.
هذا الإرغام يتطلب ويتحقق في حال تنسيق سياسات الدول الداعمة للمعارضة وتقديم دعم عسكري قوي بما فيه الأسلحة النوعية، وخاصة الأسلحة المضادة للطيران التي ستحيد سلاح الطيران وتفقد النظام ميزته الجوية، وهذا يتطلب تغير في الموقف الأمريكي باتجاه التصميم على إسقاط النظام، ثم تكوين جيش وطني حر يضم معظم فصائل المعارضة المسلحة ليعمل كجيش بقيادة مركزية، ووجود قوي للحكومة المؤقته على الأرض في الداخل السوري، مقدمة مثال جيد عن النظام السياسي الجديد لسورية الجديدة، وتحسن نوعي في عمل الائتلاف وأدائه السياسي وامتلاكه لرؤية تقنع العالم بأن المعارضة قادرة على قيادة سوريا ما بعد الأسد وستمنع أن تتحول سوريا إلى دولة فاشلة وموئل للإرهاب. كل هذا بما يؤدي لتحول واضح على الأرض لصالح المعارضة مما سيجبر النظام أخيراً للموافقة على جنيف وتنحي الأسد والاتفاق على المرحلة الانتقالية التي تنتهي بانتخابات برلمانية حرة.
هذا الحل يشرك جميع السوريين في النظام الجديد ويحافظ على سوريا وعلى مؤسسات الدولة بما فيها مؤسستا الأمن والجيش ويمنع الانتقام وينظم عودة المهجرين ويطلق عملية مصالحة وطنية، وسيمنع تحول سوريا إلى دولة ملحقة بولاية الفقيه وسيضعف المشروع القومي الإيراني في المنطقة كما يضعف حزب الله ويجبره على تفاهمات لبنانية ويضعف اتجاهات التطرف الشيعي في العراق ويجبرها على تفاهمات عراقية. مع هذا الحل سترفع العقوبات عن سوريا وستحصل سوريا على دعم كبير لإعادة الإعمار وسينمو الاستثمار بوتائر عالية، وستنطلق عملية إعادة إعمار على نحو واسع.

سيناريو انتصار المعارضة: يتحقق هذا السيناريو في حال تحققت نفس شروط السيناريو السابق ولكن النظام يستمر برفض أي حل سياسي، ما يدفع بالمعارضة لاستمرار قتاله حتى إسقاطه. وستكون نتائج هذا السيناريو مشابهة للسيناريو الأول، ولكن يتوقع أن يشهد عمليات انتقام واسعة نسبياً، وستجد النظام الجديد نفسه مضطراً لمواجهة بعض المجموعات المسلحة التي ترفض إلقاء السلاح وتبقى متحكمة ببعض المناطق. ولكن سيكون الجيش الوطني السوري بالتضامن مع الأهالي في كل منطقة والتنسيق العربي والدولي سيكون قادراً على القضاء على هذه المظاهر. ستكون نتائج هذا السيناريو أكثر سلبية على إيران وحزب الله وقوى التطرف الشيعي العراقية، وستكون ذاتها تقريباً فيما يخص حصول سوريا على الدعم وإعادة الإعمار.

سيناريو سقوط النظام حرباً: (السيناريو الليبي) يتحقق هذا السيناريو عندما تفشل الدول الداعمة للثورة السورية في تنسيق سياساتها ودعمها، ولكن تقدم دعماً عسكرياً كبيراً بما فيه الأسلحة النوعية وتصميم أمريكي على إسقاط النظام دون تفاهم مع الأمريكان، ولكن يفشل مشروع إقامة الجيش الحر الوطني وتبقى المجموعات المقاتلة مشتتة، وتبقى المجموعات المتطرفة قوية، ولا تحصل الحكومة المؤقتة على دعم كاف ولا تستطيع تقديم نموذج للنظام البديل، ويبقى أداء الائتلاف كما هو ساحة لصراعات لا تنتهي، وبنفس الوقت يرفض النظام أي حل سياسي، ما يؤدي لاستمرار القتال حتى سقوط النظام وهرب قياداته واستيلاء المعارضة على السلطة. هذا السيناريو يقطع الطريق على المشروع الإيراني ويضع نهاية لحزب الله ويضعف السلطة المذهبية في العراق، ولكنه يهدد بتحول سوريا إلى ما يشبه الوضع في ليبيا، سلطة مركزية ضعيفة، ومجموعات مسلحة كثيرة وقوية ترفض إلقاء السلاح، وقيام الأكراد بفرض حكم كردي في مناطقهم، مما سيعرقل إعاد سوريا لحياتها الطبيعية سنوات ويعيق عودة المهجرين وسيطلق مارد الانتقام من قمقمه وستشهد سوريا مجازر ذات طابع مذهبي، ولن تحصل سوريا على دعم كاف لإعادة الإعمار، ولن تكون قادرة على جذب الاستثمار وستبقى العقوبات مفروضة على سوريا، وستعاني سوريا لسنوات طويلة قبل أن تنتهي من هذا الكابوس.

سيناريو انتصار النظام حرباً: (السيناريو العراقي) يتحقق هذا السيناريو عندما يستمر الوضع على حاله ويستمر دعم المعارضة المحدود وتبقى المعارضة السياسية والمسلحة على تشرذمها، وتستمر المظاهر السلبية الحالية من ممارسات منفرة ويفقد مقاتلوا المعارضة الأمل بالنصر فتدب بهم روح التخاذل والهروب بينما يحصل النظام على دعم أكبر من روسيا وحزب الله والعراق وإيران، ويحقق تقدم مستمر على الأرض يؤدي في النهاية لانتصاره. تحقق هذا السيناريو يعني انتصار المشروع الإيراني الذي سيندفع بقوة أكبر في المنطقة وخاصة في واجهته الخليجية وسيزداد تصلب حزب الله في لبنان. وفي سوريا ستندفع خلايا متطرفة كثيرة للنزول تحت الأرض والقيام بعمليات انتحارية محولة سوريا إلى ما يشبه العراق. ستستمر العقوبات على سوريا، ستكون المساعدات محدودة، وستكون قدرة سوريا على إعادة المهجرين محدودة، وستبقى معاناة السوريين المهجرين ومعاناة الدول التي تستضيفهم طويلة، وستبقى سوريا تعاني أزمة اقتصادية خانقة، وربما تحولت إلى دولة فاشلة.

سيناريو الفوضى والتقسيم (السيناريو الصومالي): يتحقق هذا السيناريو عندما يستمر دعم كل طرف من قبل داعميه، وبقاء موقف دول العالم من الصراع دون تغيير يذكر ويستمر الصراع دون أن يستطيع أي طرف حسمه عسكرياً لصالحه. بينما يرسخ كل طرف وجوده في المنطقة التي يسيطر عليها وينظفها من أي وجود للطرف الآخر، وتخلق خطوط تماس هادئه تشتعل بين حين وآخر على نحو محدود، ما يؤدي واقعياً لتقاسم سوريا بين النظام والمعارضة. وهذا السيناريو يعني هزيمة لسوريا وشعبها، سيؤدي لتقسيم واقعي لسوريا. يتوقع أن يستمر النظام بالسيطرة على الساحل السوري عدا شماله ومنطقة الغاب وجنوب حماه باتجاه حمص ويشمل مدينة حمص باتجاه دمشق والسويداء وربما درعا أو جزءاً منها، بينما تسيطر فصائل المعارضة على بقية سوريا حيث تسيطر على شرق سوريا بدءا من دير الزور والرقة والبادية السورية وحلب وادلب وحماه وشمالها وشمال اللاذقية. ستسيطر القوات الكردية على ثلاث مناطق في القامشلي وتل أبيض وعفرين وإقامتها لحكم مستقل عن بقية المناطق وعن الحكومة المركزية وسيقيمون إادارتهم الكاملة لمناطقهم وتوثيق علاقاتها مع إقليم كردستان.
سيعاني النظام ومنطقة سيطرته من عزلة دولية خانقة وعقوبات مستمرة. سيرضى المشروع الإيراني بهذه النتائج، وسيعسى لنشر التشيع في مناطق سيطرة النظام. ستشهد مناطق النظام أزمة بطالة خانقة وأزمة اقتصادية خانقة وبطالة مرتفعة ستزيد عن 40% من قوة عمله في أفضل الأحوال. ستتوزع مناطق نفوذ المعارضة بين فصائل متنازعة على النفوذ وخاصة مناطق آبار النفط التي قد تشعل صراعاً لا ينتهي حول السيطرة عليها قبل التوصل الى صيغة لإدارتها بين الحكومة المؤقتة والفصائل. ستستمر حكومة المعارضة المؤقتة بالوجود مع دور ثانوي، ولكنها ستسعى لبلورة ملامح نظام سياسي واقتصادي بديل عن نظام الأسد في مناطق سيطرة المعارضة وسيكون هذا محط صراع بين الليبراليين وبين الإسلاميين وهم الأقوى والأكثر تسليحاً. وستتحول منطقة سيطرة المعارضة إلى مأوى للجهاديين في العالم وستعود داعش للنمو وكذلك النصرة وخاصة فيما لو توحدوا. سيهاجر الكثير من المسيحيين من مناطق الجزيرة والرقة وحلب وإدلب خارج سوريا. سيتراجع اهتمام العالم بالقضية السورية إلا من ناحية مكافحة الإرهاب. سيواجه المهجرون مصيراً مجهولاً، وخاصة المهجرين إلى خارج سوريا حيث ستكون مساعدات إعادة التوطين محدودة مما سيحول قضية اللاجئين السوريين إلى مشكلة مزمنة تنتظر حلا لن يأتي.

إذن سوريا أمام سيناريو مثالي واحد وسيناريو آخر مقبول ثم ثلاثة سيناريوهات تتفاوت بين السيء والكارثي. والمدى الزمني المتوقع لأي من هذه السيناريوهات في حال تحققت فرضياته هو بين نهاية عام 2014 لسيناريو الحل السياسي عبر جنيف، وسنتان للسيناريو الصومالي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *