فعلا اننا جهلة !

بقلم :ربا منصور

لا  أعرف كيف خدع  بشار الأسد الشعب السوري  , ولا أعرف تماما كيف انخدع الشعب السوري ببشار الأسد  , فعندما جد الجد  وجيئ به للرئاسة الموروثة  ظن  الكثير من السوريين   على أنه شاب  وديع  كالنعجة  ومسالم   مثل غاندي  , وقد ندب كثيرون حظه   وتحسر الكثير من السوريين عليه  لوراثته  جبال الفساد  من والده  , وكان عند الكثير من السوريين يقين  بنيته الطيبة  وبكونه  خريج بريطانيا  حيث تعلم هناك الديموقراطية  وذاق طعمة الحرية  , ولم يسأل   السوري  عن الفترة  التي  تعلم بها بشار الأسد الديموقراطية الانكليزية  ولا عن الفترة التي تذوق بها الحرية  .. لقد  كانت عبارة عن  احدى عشر شهر  فقط   , لم يختص لرسوبه في  امتحان القبول  ولم يتعلم  الديموقراطية   ولم يتذوق من الحرية شيئا  , انشغل بالغراميات مع بنت الأخرس  , وعاد  الى سوريا  كما  ذهب  , كما أنه لم يكن من  المعروف   لدى  الكثير من السوريين على أن مربيه كان  بهجت سليمان  , ولم تكن عند الكثير من  السوريين فكرة عن بهجت سليمان , لم يعرف  الكثير من السوريين  على أن اللواء الدكتور بهجت سليمان   نصاب من الدرجة الأولى  ,  ولم تكن هناك  معارف عن ثروته التي بلغت  ٩ مليارات من الدولارات  , كما أنه لم تكن هناك معارف  عن سرقته لشهادة الدوكتوراه  ولا عن برنامجه  التربوي  الخاص بالمحروس بشار  , حيث  عمل اللواء مربيا للمحروس  ,  وبهذا الخصوص  قال بهجت سليمان يوما  على  انه لم تكن باستطاعة المحروس رؤية الدم  , وبفضل تربيته له  أصبحت رؤية الدم عند المحروس شيئا مألوفا وعاديا  , والأحداث أثبتت على  أن المحروس   لم يتعلم من الانكليز شيئا يذكر  الا أنه تعلم من الوالد والمربي   أكثر .

لقد كان عند معظم المواطنين السوريين  الانطباع بأن الرجل  ساذج وبريئ   ,وفي هذا السياق  تفهم كثيرون  مهزلة   التوريث  , ولا شعوريا  ظن  كثيرون على أن الولد شبه أبله ولايعرف شيئا  عن   عواقب  العبث بالدستور , وعلى أي حال  لم يظن أحد على أن المحروس   شبيها  بالجلاد  الوالد , وانما شيئا مغايرا تماما ,  وانه بعكس والده لايقوى على ايذاء نملة !!! ..طويل القامة والعنق  أزرق العيون  , انطوائي لايبتسم  , الا أنه يصاب من فترة لأخرى بنوبات من القهقهة  , التي لم يعرف لحد الآن مسببها , فجأة يضحك الرئيس  بدون سماعه لنكتة   أو غير ذلك ,   ثم ان قهقهته  لم تكن  في  الجو المناسب  ولا في  الشكل المناسب  , وذلك بعكس   ردوده على اعتداءات اسرائيل  ,  في الوقت المناسب والشكل المناسب  , هكذا قال السيد الرئيس !!.

لم يبخل  فخامتة على  الشعب  بالخطب   المسبوقة الكتابة (بثينة شعبان), لقد كان هناك خطاب القسم ,  ثم محاولته شرح   آليات العمل الديموقراطي  لحضرات   أعضاء مجلس الشعب  ثم لمحة نظرية (محاضرة) من سيادته  عن   مهام السلطة التشريعية والتنفيذية  والقضاء والسلطة الرابعة  , شروح ذكرت  الكثير من المواطنين  بدروس الحلقة الاعدادية  , فهمها كثيرون  بتحسر   كبير وشفقة أكبر ,  لقد أثبت الرئيس عكس  ما  قيل عن صفريته في المدرسة  الاعدادية وانه مجد  ومهذب ونشيط وقابل للتعلم , والناس اعتقدوا هنا  على  أنه  على ان  تواضعه  الخطابي  ومعارفه الشحيحة    لاتشكل مشكلة  اطلاقا  , لقد وعد بالجنة  في سوريا , وأين المشكلة في كونه  أمي ثقافيا ؟؟,  سوريا ستصبح حرة وغنية وديموقراطية , وهذه هي أهم مطالب الشعب .

في التعامل  مع الخيارات السياسية يسيطر   في الكثير من الحالات الانطباع  على  الواقع, وبالرغم من أنه في سوريا لم تكن هناك”خيارات ”  وانماعائلة  تحولت الى عصابةلها خواص  كل العصابات   , سياسيا واقتصاديا وعسكريا ..الخ   ,وهذه العصابة لم تكف يوما عن محاولة تسويق  فخامته  مستخدمة “الانطباع” عنه ,  وعندما بدأ الواقع بدحر الانطباع  , وبدأت   مخالب  السيد الرئيس   تظهر  بشكل تريجي , انبرت  جوقته  بالتبرير   , فالسيد الرئيس يريد  كذا وكذا  الا أن  من يحيط به  لايقدم له المعلومات الصحيحة , انه  انساني ومهذب  , الا ان من حوله هم من الزعران  , الرئيس لايعرف شيئا عن  المخابرات والاعتقالات  والتعذيب  والسرقات   , الحلقة حوله تعتم كل شيئ  ولا تدعه يعرف أي شيئ , وحتى  في عام ٢٠٠٧  وقبل  الاستفتاء   الذي  نال به تقريبا ١٠٠٪ من الأصوات  لم يكف السيد الرئيس عن  القاء الدروس في الديموقراطية معتبرا من يسمعه من فصيلة الحمير , لقد مرت سبعة سنوات على الدرس  الأول  عام ٢٠٠٠ وفي عرس الديموقراطية الأسدية عام ٢٠٠٧ , قال سيادته  على أنه “لاتفريط   بالحقوق  ونعم  للحق والعدل والسلام” , وحول  ديموقراطيته قال فخامته  ” الى متى نحن ديموقراطيون   وما هي  الدلائل  على وجود  الديموقراطية أو عدمها  , هل هي في الانتخاب أو في حرية النشر  أم  في حرية الكلام   أم غيرها  من الحريات والحقوق ؟ أقول ولا واحدة  من كل ذلك … , فهذه الحقوق وغيرها ليست  الديموقراطية  بل هي ممارسات ديموقراطية  ونتائج لها  وهي تبنى جميعها على فكر ديموقراطي  وهذا الفكر يستند  على أساس  قبول رأي الآخر  وهو طريق ذو اتجاهين  حتما  وبشكل  أكيد   أي مايحق لي يحق  للآخرين”, هنا  وجد  خبير الديموقراطية  بشار الأسد فرقا بين الديموقراطية  والممارسة الديموقراطية ,وكل محاولة لفهم مقاصد الرئيس  في هذه الخطبة الانتصافية  ستبوء بالفشل  لأنه أصلا  لاوجود الا للمارسة الديموقراطية , التي هي الديموقراطية  ,   ولو أقتصر  الأمر على تعقيده   لموضوع الديموقراطية    لهان الأمر , الا أنه  تحدث بشكل  يستحق التحسرعن الرأي والرأي الآخر  ومدى احترامه للرأي الآخر  وما يحق له يحق للأخرين , أليس من غرائب وعجائب الحياة  أن يتفوه  رئيس جمهورية الخوف  بمثل هذا الكلام  , وهل فكر هذا الانسان ولو للحظة  بأن الآخر أيضا يفكر   ويسمح لنفسه  ولو بين أربعة جدران  (لقدوضع صاحب الرأي والرأي الآخر  للجدران  آذان ) بالسؤال  همسا  هل فخامة الرئيس بكامل قواه العقلية   , أو أنه فاقد لخاصة الخجل بالكامل , يكذب بأريحية نادرة  لم تفارقه حتى هذه اللحظة  .

حول موضوع الشفافية تحدث الرئيس أيضا عام  ٢٠٠٧   محاولا الشرح  ومحولا    الأمر الى أحجية,  قال :”هذا  المصطلح  أي الشفافية  طرح بشكل  كثير التواتر  في حوارات  ومقالات  وفي أماكن متعددة  أخرى  , فكان البعض يطالب  باقتصاد شفاف  والبعض الآخر  باعلام شفاف  وغيرهم بذهنية شفافة  ..ولا شك بأهمية ذلك  , وأنا مع هذا الطرح  لكن من خلال  فهم واضح  لمضمون المصطلح وللأرضية التي  يبنى عليها  , فالشفافية  قبل أن تكون  حالة اقتصادية  أو سياسية  أو ادارية  وما الى ذلك  , فهي حالة ثقافية  وقيم  وتقاليد اجتماعية, وهذا  يفرض سؤالا ومطلبا بالوقت نفسه  يجب  أن نطرحه على أنفسنا  قبل أن نطرحه على الآخرين  : هل أتعامل بشفافية  مع نفسي أولا  ومع أسرتي  ثانيا   ومع محيطي  القريب والبعيد  والدولة والوطن  ثالثا؟ , فمن يستطيع  أن يعطي  جوابا بالايجاب  يعرف معنى الشفافية  ويستطيع  أن يقدر أبعادها  ويمارسها  في أي موقع   كان , فكيف نطلب  من انسان  مثلا لايصدق  في حياته الشخصية  ومع أقرب  الناس اليه  أن يكون مسؤولا صادقا  تجاه مسؤوليته وتجاه الشعب  واذا كان غير واضح في طروحاته  فكيف نطلب منه أن يكون شفافا  عندما يتولى  منصبا” .

الرئيس خدع الناس  بطريقة  تتناسب مع  بنيته العقلية  البسيطة ومع بساطة البعض , ولأن بعض الرجال يخونون زوجاتهم  فلا بأس  من خيانتهم للوطن  !!!! ,وماهي هذه  الصفاقة  التي تسمح لبشار الأسد بالتعميم والقول  بأن الانسان السوري  لايصدق مع نفسه  , أي أنه كاذب بالطبع أو التتطبع أو كلاهما  ,  لذا  فانه  لايمكن له أن يكون صادقا عند توليه منصبا , ومن  أين لبشار الأسد  أن يتهم الانسان السوري بالكذب ؟  فرضية مريضة وممرضة  قادت الى  استنتاج مريض وممرض , كلام شعبوي  تافه  ومن العار أن يتلفظ به  رئيس جمهورية حتى  ولو كانت جمهورية الواق واق ,  ونتيجة لفهم الرئيس  السقيم لموضوع الشفافية  رتبت سوريا نفسها في الموقع رقم ١٤٦  من  سلم الشفافية الدولية , وحسب هذا السلم   لايتواجد أسوء من سوريا الا العراق  والصومال وأفغانستان , ولا شك  بوجود من يكذب في سوريا , الا أن  تدهور القيم المتزايد  كالصدق  والمواطنية  والصراحة والشجاعة الأدبية  والأمانة  … لم يكن  بهذا  الشكل  المربك والمتزايد   الا نتيجة   لفساد الدولة  ورأسها  ,والأمر لايحتاج الى تقديم البراهين .

لم يطور الأسد نفسه اطلاقا , وانما  تمكن من خداع الناس بتكوين  انطباعا لديهم  على أنه ساذج الى حد البلاهة  وبأنه  غير قادر على   العض  والنهش , والأحداث أثبتت على أنه قادر  على كل ذلك  , وقادر على القتل  والكذب  والقاء البراميل المتفجرة على  البشر  , انيابه أحد من انياب  المرحوم والده  , ومقدرته على التلفيق والكذب  أكبر من مقدرة والده  , وما  الأمثلة التي قدمتها من خطبة في مرحلة انتصافية  أي عام ٢٠٠٧ الا برهانا  لايحتاج الى الكثير من الشروح   , ومسك الختام عند الأسدية كان تدمير سوريا بالكامل ,وما تحقق  في ظل قيادته  لايدعو  الى الفخر والاعتزاز  , ثم ان قيادته ليست بالحكيمة  ولم تترافق بالانتصارات  الموهومة  ..هذا هو الحطام السوري  , فأين هي الانتصارات  ؟ وهم !!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *