مقاوم وممانع بالثرثرة

بقلم: عبدو قطريب

تعددت هجمات إسرائيل على سوريا دون رد فعل مماثـل من قبل نظام الرئيس بشار الأسد،  وحقيقة ألف شكر لسيادته على  الاكتفاء   بالثرثرة  كرد على اسرائيل ,  ذلك  لأن اسرائيل   تتمنى من سيادته أن يطلق رصاصة واحدة لكي تلتهمه وتلتهم معه  ماطاب لها من الأرض , الرئاسة حكيمة  بما يخص التعامل مع  اسرائيل , الا أن الرئاسة كاذبة بما يتعلق  مع التعامل مع الشعوب العربية , فهذه الرئاسة  تهدد ووتوعد اسرائيل  ,وتريد بيع هذيانها للشعب على أنه الوطنية المقطرة الخالصة من كل شائبة  , تريد خداع الشعب  وايهامه بمقدرة غير موجودة   وبعزم  ليس الا وهم .

القيادة الحكيمة  ملتزمة بمنهجية الكذب وتكراره واعادته و اجتراره  الى أن تصدق هذه القيادة نفسها  ويصدقها البعض , بدون كلل أو ملل  تعيد القيادة  مقولات أصبحت معروفة بعد كل  ضربة اسرائيلية , وهل  يحتاج المواطن تصريحا  من السيد وزير  الاعلام  ليعرف  الجديد  , نسخة طبق الأصل عن تصريحات سابقة جوفاء  وبلغة خشبية  أكل الدهر عليها وشرب …لنا الحق بالرد في الزمان والمكان المنسبين ,  أين الزمان يازمن وأين المكان يابشر  , هل  سيحارب الأسد أسرائيل  على سطح القمر  , أو  في القرن  الخامس والعشرين ؟

الأمر كان مقبولا لو أن ثرثرة الاسد الفارغة   لاتضر , الثرثرة دفعت اسرائيل  للضرب   وتدمير  عتاد وصواريخ  دفع الشعب السووري ثمنها  , كما أن الضرب ليس بتلك  البراءة  ,  هناك من تقتله ثرثرة الأسد وبالمئات ,  فبعد  احدى الضربات الأخيرة  قتل حوالي ٣٠٠ عسكري  وتم تدمير الأسلحة التي كانت في طريقها  لحزب الله  , أما كيف  يشرعن  الأسد وضع صواريخ  بيد حزب لبناني  سياسي  ثم يستنكر  تزويد بعض الدول  المعارضة السوري بالأسلحة  , فهذا أمر  وهل حزب الله  هو  الجيش اللبناني  النظامي  أو أنه عبارة عن ميليشية  مذهبية  , وحتى الصفة السياسية  المدنية     لاتتوفر عند  شيعة حزب الله .

حقيقة هناك بعض التطور  في لغة  رد الأسد على اسرائيل ,  لقد أضاف الأسد على  النص المعروف  بالزمان  والمكان  عبارة  ..ان الأعمال العدوانية  تعرض أمن المنطقة  واستقرارها الى الخطر  وتجعلها مفتوحة  على جميع الاحتمالات , أي  أن   أمن المنطقة متوفر  لو امتنعت اسرائيل عن الاعتداء  (نظرية رامي مخلوف ) .وعن فتح الاحتمالات  , ولم يقل لنا سيادته عن هذه الاحتمالات شيئا  , هل صدق الشاعر أحمد مطر  عندما قال:

مقاومٌ بالثرثرة …ممانعٌ بالثرثرة له لسانُ مُدَّعٍ..يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة!,

بعد  استعنت   ببيتين من قصيدة أحمد مطر  قررت  أن أكف عن متابعة موضوع  المقاومة والممانعة والخداع  , وأن  اترك الأمر للشاعر  وقصيته المؤثرة  والمعبرة  , ذلك لأنها تقول أكثر بكثير مما اريد قوله  , وتعبر أكثر بكثير  مما اريد التعبير عنه  ..اليكم  قصيدة أحمد مطر :

مقاومٌ بالثرثرة …ممانعٌ بالثرثرة له لسانُ مُدَّعٍ..
يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة
يكادُ يلتَّفُ على الجولانِ والقنيطرة
مقاومٌ لم يرفعِ السِّلاحَ
لمْ يرسل إلى جولانهِ دبابةً أو طائرةْ
لم يطلقِ النّار على العدوِ
لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ
صحا من نومهِ
و صاحَ في رجالهِ..
مؤامرة !
مؤامرة !
و أعلنَ الحربَ على الشَّعبِ
و كانَ ردُّهُ على الكلامِ..
مَجزرةْ
مقاومٌ يفهمُ في الطبِّ كما يفهمُ في السّياسةْ
استقال مِن عيادةِ العيونِ
كي يعملَ في ” عيادةِ الرئاسة ”
فشرَّحَ الشّعبَ..
و باعَ لحمهُ وعظمهُ
و قدَّمَ اعتذارهُ لشعبهِ ببالغِ الكياسةْ
عذراً لكمْ..
يا أيَّها الشَّعبُ
الذي جعلتُ من عظامهِ مداسا
عذراً لكم..
يا أيَّها الشَّعبُ
الذي سرقتهُ في نوبةِ الحراسةْ
عذراً لكم..
يا أيَّها الشَّعبُ الذي طعنتهُ في ظهرهِ
في نوبةِ الحراسةْ
عذراً..

فإنْ كنتُ أنا ” الدكتورَ ” في الدِّراسةْ
فإنني القصَّابُ و السَّفاحُ..
و القاتلُ بالوراثةْ !
دكتورنا ” الفهمانْ ”
يستعملُ السّاطورَ في جراحةِ اللسانْ
مَنْ قالَ : ” لا ” مِنْ شعبهِ
في غفلةٍ عنْ أعينِ الزَّمانْ
يرحمهُ الرحمنْ
بلادهُ سجنٌ..
و كلُّ شعبهِ إما سجينٌ عندهُ
أو أنَّهُ سجَّانْ
بلادهُ مقبرةٌ..
أشجارها لا تلبسُ الأخضرَ
لكنْ تلبسُ السَّوادَ و الأكفانْ
حزناً على الإنسانْ
أحاكمٌ لدولةٍ..
مَنْ يطلقُ النَّارَ على الشَّعبِ الذي يحكمهُ
أمْ أنَّهُ قرصانْ ؟
لا تبكِ يا سوريّةْ

لا تعلني الحدادَ
فوقَ جسدِ الضحيَّة
لا تلثمي الجرحَ
و لا تنتزعي الشّظيّةْ
القطرةُ الأولى مِنَ الدَّمِ الذي نزفتهِ
ستحسمُ القضيّةْ
قفي على رجليكِ يا ميسونَ..
يا بنتَ بني أميّةْ
قفي كسنديانةٍ..
في وجهِ كلِّ طلقةٍ و كلِّ بندقية
قفي كأي وردةٍ حزينةٍ..
تطلعُ فوقَ شرفةٍ شاميّةْ
و أعلني الصرَّخةَ في وجوههمْ
حريّة
و أعلني الصَّرخةَ في وجوههمْ
حريّةْ

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *