اجتمعوا ضد «الخيار العسكري» محلياً ودولياً، وضد «الديكتاتورية» الحاكمة في سوريا. إنهم تحالف سياسي ومدني واسع يحمل هذا العنوان أي «ضد الضربة العسكرية والديكتاتورية»، عقدوا مؤتمرهم في بروكسل، مساء أمس الأول، معلنين أن إبطال فتيل الحرب هو الوقت الأنسب لحشد قوة من يعارضونها. استفاض معارضو طرفي المعادلة في سوريا في شرح المردود التدميري لاستمرارها. وينتاب كلامهم الآن موجة تفاؤل وشهية للعمل، تماماً على عكس ما يحصل في معسكر المروجين للضربة العسكرية. بوادر ميلان اتجاه معادلة الصراع السوري نحو التفاوض والسياسة تفسر حيويتهم، فحين كان الحديث يدور حول الضربة استنفرت المعارضة المسلحة لاستثمارها، وحين انتقل التركيز إلى التسوية والتخلي عن الضربة أصبحت القوى المناصرة للسياسة والمعادية للحرب هي من يستنفر لاستثمار الواقع الجديد. حضر مؤتمر «ضد الضربة العسكرية والديكتاتورية» سياسيون وممثلون للمجتمع المدني والحقوقي في سوريا واوروبا. ترأس المؤتمر رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» المعارضة في المهجر هيثم مناع. وتحدث عن دورهم كهيئة في صياغة وانضاج المبادرة الروسية لنزع السلاح الكيميائي السوري وابطال الضربة العسكرية. وفتحت المبادرة الباب، الذي كان مغلقاً برأيه، أمام الذهاب إلى مؤتمر «جنيف 2». وبدا مناع متفائلاً بالتسوية، حتى أنه رجح انعقاد المؤتمر قبل شهر كانون الاول المقبل. وقال المعارض البارز خلال المؤتمر إن «قوتنا كبيرة فالرأي العام معنا، لذلك يجب عدم الاكتفاء بردود الفعل، بل إيجاد إستراتيجية للعمل». ومن أبرز الأمثلة على العمل إطلاق «تحالف مناهضة الحرب والديكتاتورية»، خصوصاً أن مظلته في اتساع، وهو ويضم عشرات الاحزاب والمنظمات المدنية والأهلية، بحسب مناع. لا خيار، بالنسبة للتحالف، سوى ايقاف الحرب، خصوصاً أنها تمثل رهان الخصوم. ووفقاً لمناع، فإن «روبرت فورد (السفير الاميركي السابق في سوريا) قال بلسانه إن حرب الاستنزاف في سوريا في مصلحتنا». يطول صف منتقدي الحشد للخيار الحربي. وقد حذّرت المعارضة ريم تركماني، من تيار «بناء الدولة» في سوريا، من تجاهل المجتمع المدني والاهلي عند الشروع بأي تفاوض للتسوية، حيث أنه «لا نجاح» في ظل غياب المجتمع المدني. وذكرت أن التاريخ يشهد على الدور الذي قامت به المكونات الاهلية في إنجاح التسويات وتنفيذها. ونقلت تركماني ما يدل على فعالية هذا المجتمع في الصراع السوري، وعلى سبيل المثال «نجاح الضغط الاهلي في الزبداني لانقاذ وقف اطلاق النار» في المدينة السورية المتاخمة لدمشق. ويذكر أنه لتيار تركماني اتصال مباشر مع المعارضة على الارض، ومن خلال رصد الأحداث، من الممكن الحديث عن قوة شبكات العمل المدني والاهلي. وبرأي تركماني، فإن تلك الشبكات هي قوة تتشكل وتشتدّ، ولكن يحجبها الآن «غبار المعارك». إلا أنها في المقابل، لا تنسى التذكير بافتقاد المعارضة المسلحة للمركزية، وتشتتها في مجوعات ليس من رأس واحد يقودها. الممثل السوري الكردي كان حاضراً أيضاً، ونقل الأخبار الساخنة. وقد تحدث ممثل حزب «الاتحاد الديموقراطي في فرنسا» خالد عيسى عن «هجوم عام تنفذه مختلف المجموعات الاسلامية» في المناطق ذات الغالبية الكردية. وأكد أن هدف الهجوم، كما الذي سبقه، إلا أنهم لن يسمحوا بتحقيقه، وهم فعلاً نجحوا في صده. وشرح أنهم «يريدون تحرير المناطق الكردية من أهلها، ولكن لن نسمح أن تتحول هذه المنطقة إلى مكان يغزون منه المناطق الاخرى»، مضيفاً «للأسف، لدى قطر وتركيا وغيرهم أجندات طائفية واديولوجية، والتدخل العسكري هدفه تنصيب حكومة ضعيفة واقصائية في دمشق». أما الصوت الغربي في «التيار الثالث» فحضر أيضاً بحماس لافت. وأخذت ممثلة أحد الاحزاب الالمانية تعدّ للمشاركين كم يلتقي حزبها معهم، وتشرح عن عملهم في الضغط على حكومتهم. وبدورها، انتقدت السياسية البلجيكية المخضرمة آن ماري ليزان، وهي الرئيسة الفخرية لمجلس الشيوخ البلجيكي ورئيسة تحالف لحقوق المرأة في العالم، بشدة الدور الفرنسي في الصراع السوري. وتحدثت عن دراسات تبين دور المتطرفين الاوروبيين في الحرب. ولوحت بدراسة عن «الشبكة الشيشانية»، منتقدة عدم اصغاء السياسة الفرنسية إلى مراكز الابحاث والدراسات. وبرأيها، فإن المحصلة هي انصياع السياسة الفرنسية إلى الرؤية الاسرائيلية، أي أن «استمرار الحرب والنزيف في صالح اسرائيل». سبق وأن عملت ليزان مع المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي في أفغانسان، وحدّثت الحضور عن مبادرة تقودها حول دور المرأة السورية، وعن بعثة ينتظرون ارسالها إلى سوريا. وهنا همس أحد المنظمين من على المنبر مبتسماً «ستشارك فيها زوجة أخ (وزير الخارجية الاميركي جون) كيري».