الكيماوي السوري وسقوط الأقنعة

بقلم:فرحان الأسمر

استخدم الكيماوي في سوريا ( بغض النظر عن كل الجدل المثار حول من استخدمه ) …… فرفع أوباما عقيرته بعد أن شعر بالإهانة ، انتصر لخطه الأحمر ، فتحركت البوارج الأمريكية صوب الساحل السوري ، وارتفع صوت متشددي الإدارة الأمريكية معلنا أن الضربة العسكرية للنظام السوري أمرٌ محتومٌ ، وجرت أحداث وأحداث وقيل كلام كثير وأهرق كثير من الحبر لصياغة بيانات وبيانات ، لتأتي المبادرة الروسية ، بعد شبه إنذار أمريكي على لسان كيري للنظام السوري كي يسلم السلاح الكيماوي ، سبقه استعداد سوري على لسان المعلم لبحث مسألة السلاح الكيماوي إن كان هو المشكلة مع أمريكا ، وأيده بذلك صديقه لافروف في الحال ، ليدلي بعد ذلك بقليل ببيان المبادرة المعروفة ومن ثم الموافقة السورية الفورية عليها ، متبوعة بترحيب أمريكي وغربي ، كل هذا المسار المعروف للجميع ، يدل في رأيي على حقائق عديدة بعد أن سقطت الأقنعة عن وجوه كل اللاعبين في ( الأزمة السورية ) :

– ظهرت روسيا أنها نمر من ورق ، فبمجرد أن اقتنع متقمص شخصية القيصر ، بوتين ، أن الولايات المتحدة جادة في العمل العسكري ، خفت حرارة تصريحاته وأعلنها صراحة أن روسيا لن تدخل في حرب مع أحد من أجل نظام الأسد ، واكتفى بإطلاق التصريحات التي تحذر من تنامي الارهاب بعد الضربة العسكرية ، وراح يسحب رعاياه من سوريا ومظاهر تواجده العسكري ، وترك لمحللي النظام اكتشاف مكامن القوة الخفية وراء تصريحات بوتين الانهزامية ،

– توضح جيدا أن حلفاء النظام الاقليميين ، إيران وعراق المالكي وحزب حسن نصر الله ، ما هم إلا أرانب من ورق ، راح كل منهم يبحث عن جحر يقيه شر الضربة العسكرية الأمريكية ، وتركوا لبعض التصريحات النارية لأشخاص هامشيين أو لصمت حزب الله ، أن يتكفل بحفظ ماء الوجه وادعاء القوة الزائفة ، واتضح أنهم أقوياء فقط على الشعب السوري

– اتضح أن النظام لا يهمه إلا الحفاظ على كرسي الحكم ، وأن شعار ( الأسد أو نحرق البلد ) هو شعار أساسي بالنسبة له بل يمكن للمرء أن يزيد عليه (الأسد أو نبيع البلد ) فالبلد كل البلد فداء لحكم الأسد ، شعب وأرض وبشر وحجر وسلاح استراتيجي …. المهم الحفاظ على النظام بأي ثمن ، كل ذلك تحت مسمى تأمين السلم لأوباما كي ( ينزل عن الشجرة ) ولا أدري لماذا للمرء أن يقدم وسيلة الخلاص لخصمه بدل أن يعده في مأزقه بل ويصعبه عليه ما استطاع ؟ لماذا لا تتركون أوباما يقع وتنكسر عنقه ؟؟!!

– كل ما جرى أثبت أن الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا ، لا تهتم لمآسي الشعب السوري ودمار بلاده ، بل هي سعيدة كل السعادة بذلك ، ومجرد حصولها على مكسب تدمير السلاح الكيماوي ، الأمر الحيوي لها ولإسرائيل ، أبدت استعدادها للعودة إلى دور المتفرج على دمار سوريا وموت أبنائها ، ومخاطر تقسيم دولتهم وتفككها عبر الأحقاد الطائفية

– ظهر واضحا أن أوباما ، شخصية مترددة مراوغة ، يقدم بيديه كل أسباب النجاح لخصومه سواء داخل الولايات المتحدة أم خارجها ، وإذا كان بوتين يدعي أنه يقدم لأوباما سلم النزول عن الشجرة ، فإن شخصية أوباما الخرقاء تقدم عن حق لبوتين سلم الصعود

– كما راهن المجلس الوطني في بداية ( الأزمة ) على تدخل عسكري غربي ، مكررا التجربة الليبية ، ودفع الجماهير لأحلام غير واقعية ، وقعت قيادة الإئتلاف بخطيئة المراهنة على الضربة العسكرية الأمريكية ، ووضعوا كل أوراقهم بهذه السلة المخرومة القعر ، ففشلوا وضاعت أوراقهم مع ماء وجوههم المراقة على بلاط كواليس السياسة الدولية ، وأثبتوا أنهم هواة سياسة ومتسلقي قيادة لا يرقون إلى مستواها ، لا يفقهون بالسياسة الدولية والمناورة ، لا يعرفون من دروس التاريخ شئ ، ومن تجارب الصراعات القديمة والحديثة ما يجنبهم هذا الإسفاف في الأداء ، لم يرتقوا ليفرضوا على الآخرين كي يكونوا لهم حلفاء وليس أي شئ آخر ، ولا أظن أن وضعهم أصعب من وضع ديغول يوم كانت بلاده محتلة واستطاع أن يفرض نفسه حليفا على قادة الحلفاء آنذاك ، وكل مهتم يعرف الاستعلائية التي قابله بها ايزنهور وغيره من الحلفاء ، لكنه غير المعادلة وانتصر ( مع فارق التشبيه طبعا ) لم يتعلموا من دروس السياسة التاريخية شيئا عن سلوك الإدارة الأمريكية ، ولم يدركوا أنه في السياسة يجب أن تحذر من الحليف قبل الخصم ، ولا تفرط بالمبادئ الوطنية تحت أي ظرف

– المجموعات المتشددة والإرهابية هي أكبر المستفيدين مما حدث ، لتثبت أن ما يسمى بخط الاعتدال والحل السياسي والمراهنين على المجتمع الدولي ، هو خط فاشل ، يساعدها في ذلك تردد هذا الخط المعتدل في حسم خياراته وتقديم خطابه الواضح في الديمقراطية والمدنية ، يتلقى الضربات من المتشددين ويستمر في مداراتهم ومغازلتهم بحجة توحيد الجهود ضد النظام

بالخلاصة ، هي محنة سوريا الوطن والشعب ،

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *