كما هو حال الرقي والتقدم , كذلك حال الانحطاط , كلاهما لايولد ويتطور في ساعات أو ايام , وانما يلزمه عشرات السنين , ومن يريد جديا نفي أو انكار حالة الانحطاط التي ارتمت سوريا بها ؟ فسوريا وللأسف أصبحت حكومة وشعبا معيارا للانحطاط ومقياسا له ,. اننا في حقبة سوداء , مظلمة وظالمة , خرجنا من التاريخ ومن عملية صنعه واستبدلنا الفاعلية بالانفعالية , ولو لم تكن هناك حقبة الخمسينات ,التي تحولت رماديتها بفعل المقارنة مع الحقبة الحالية الى بياض ناصع , لما كان بالامكان القول على أن الانحطاط أمر مكتسب , لقلنا ان انحطاطنا ولادي ..اننا هكذا مخلوقات لاهي انس ولا هي جن , وانما مابين بين,
انحطاطنا حقيقة هو مكتسب , ونحن انس كغيرنا, ألا أن القيادة المغتصبة المزمنة ليست كغيرها , وبما انه من الطبيعي أن تكون القيادة مسؤولة , خاصة تلك القيادة التي بيدها المطلق من الحل والربط , لذا يجب منطقيا القول على أن السلطة هي التي أوصلتنا الى قاع انحطاطي , حيث لاقاع اعمق منه , ومن يسقط في هذا القاع يقع في الحظيرة الحيوانية .
بعد نصف قرن من التربية الاشتراكية وباشراف الشخص القائد للمجتمع والدولة , وبعد مئات الألوف من مسيرات الوحدة والحرية والاشتراكية, وبعدولادة شبيبة الثورة وشبيبة البعث وشبيبة الأسد وقعت الأزمة , وتبين لنا على أن غالبية الشعب السوري أصبحت اخونجية , أو حاضنة للاخونجية , تبين لنا على أن ادعاء العلمانية ليس الا وهم , ولا اثر للاشتراكية , ولا للوحدة ولا للحرية , تبين لنا على أن من يحكمنا هو لص قاتل ومحترف لمهنة القتل , تبين لنا على أن هناك مخلوق سوري يقول , اما أنا أو تحترق البلاد , عبارة لم يفصح عنها حتى نيرون , تبين لنا على أن بلادنا أصبحت مستنقعا للفساد , ودولتنا فقدت معالم الدولة , حيث لاقانون ,البلد هو الأسد , الذي تطاول في غروره حتى على لويس الرابع عشر , الذي ادعى على أنه القانون فقط وليس الدولة , اما صاحبنا بشار فهو القانون والدولة , انها سوريا الأسد ملك لأسد سوريا.
لقد اكتشفنا على أننا لم نفعل شيئا للوطن طوال نصف قرن من الزمن , الخوف كان ممارستنا الوحيدة ,والآن انفجرنا وانفلتنا , وكان علينا القضاء على الأسدية قبل ثلاثين عاما أو أكثر , انتظرنا وتعلمنا منها التلفيق والدجل والكذب , والآن انفجرناوانفلتنا ,ولم نتعلم من ممارسات الا ممارسات السلطة ..عنف ..قتل ..سحل ..طائفية ..فساد ..محسوبية وطفولة سياسية , الآن نريد التغيير دفعة واحدة , اما كان من الأفضل لو بدأنا بمحاولة التغيير قبل أربعين سنة ؟ وهل كان من الصعب اكتشاف طبيعة الأسدية ودجلها وكذبها وفسادها ؟ الآن ندفع فاتورة تخاذلنا وفسادنا أيضا , الأسد لم يقض على البلد ,نحن من قضى على البلد ونحن من دمر البلد ونحن من سيحول الوطن الى ذكريات .
الشيئ الرئيسي الذي يتداوله الانسان السوري منذ نصف قرن من الزمن ؟ هو موضوع الخوف ..موضوع الاعتقال ..موضوع الفقر المتزايد , وموضوع الثراء المتزايد , وهل يوجد أمين فرع أو أمين شعبة بعثية الا وأصبح من أصحاب الملاين ,الشعب السوري يموت بالتدريج , حيث ماتت اخلاقه , وماتت مواطنيته , وماتت غرائزه ..وهل يشعر الشعب السوري حقيقة بالحاجة لاستنشاق هواء الحرية , ولو لم يكن الانسان السوري ناقص الخواص الانسانية لما قبل الا الديموقراطية والمساواة , الأسدية حطمته ولم تترك منه الا أشباه البشر
من أهم معالم الانحطاط وجود من يؤيد البعث ومن يؤيد الأسد , وعندما يصبح الفساد في بلد ما عرف وعادة وفضيلة , فليس من الصعب معرفة أسباب تأييد هؤلاء للأسد والبعث , انهم من المستفيدين من الفساد , ولا يستفيد من الفساد الا الفاسد , لذا يمكن تسمية الأسد والبعث ومؤيديهم “جبهة الفساد والافساد ” , وهذه الجبهة تريد خوض انتخابات حرة!!!! وتأمل بالنجاح , والأمل بنجاح الفساد في انتخابات ليس الا برهانا على الانحطاط الذي وصلت اليه البلاد , انحطاط يفوق كل تصور!.
تحدثت الى بعثي مستأسد عن جينيف ٢ ,وقلت على أن جينيف ٢ يرى تشكيل حكومة ذات صلاحيات مطلقة , وبعد فترة يتم اعلان موعدللانتخابات , وفي هذه الفترة الانتقلية يتم تحجيم الفساد ومكافحته ,ثم احالة المفسدين الى القضاء المستقل , حيث سيوجد مدعي عام يلاحق حالات خرق القانون , ولم يصبر صاحبي المستأسد حتى اكمل ما اردت قوله , اذ انتفض مستنكرا وشاتما ومهددا ومتوعدا , تريدون مرحلة انتقالية للانتقام !!!, لا ياعزيزي سوف لن يحدث ذلك , للمرحلة الانتقالية ستكون هناك حكومة يعينها رئيس الجمهورية الذي سيحافظ على صلاحياته , ولا مساس بأجهزة الأمن ولا بالجيش ولا بصلاحيات الرئيس.
من سيرسم مستقبل سوريا هم مخلوقات كصاحبنا المستأسد , لذا ليس من الغريب أن تندثر البلاد , وليس من الغريب أن تسقط البلاد من الوجود الانساني , رحمة الله عليك ياسوريا
[…] […]