لايشكل خروج الناس الى الشارع لتحقيق غاية مباشرة مثل اسقاط الرئيس أو اسقاط نظامه دائما فعلا ثوريا بكل ماتعني كلمة “ثورة ” من معنى , الا في ظروف لاتسمح بتداول آخر للعمل السياسي , الذي يهدف جزئيا الى تحاشي تجريم وتخوين الفاشل , الذي عليه أن يرحل في حال فشله , واذا لم يرحل لأنه يظن على أنه ابدي , كرئيسنا بشار الأسد , عندها يمثل خروج الجماهير الى الشارع عملا ثوريا بكل ماتعني هذه الكلمة من معاني , وعندها يتحول الرئيس الفاشل الى مجرم , ويسقط مبدأ عدم التجريم والتخوين , وبدلا من أن يذهب الرئيس المنبوذ الى بيته , يكون ااسجن والعقاب من استحقاقه ,وحتى تطور الأمر الى تنمرد ثم مواجهة , والى قتال ثم الى حرب أهلية , وحتى الى تدمير مرافق عديدة من البلاد هوعمل ثوري شرعي مجيد , اكتسب شرعيته من لاشرعية الحاكم المستبد المتعنت , والذي أوصد كل مخارج رحيله والتصق على الكرسي واعتقد على أنه أبدي .
عندما توصد سلطة ما الأبواب أمام امكانية تغييرها بارادة الشعب والدستور , كأن ينص الدستور على عدم امكانية محاكمة الحاكم المتسلط بالرغم من أخطائه , أو ينص الدستور على امكانية الرئيس من حل كل مؤسسة أو مجلس لايروق له ..مجلس الشعب مثلا , أو الهيئات القضائية العاليا , أي عندما يحصن رئيس ما نفسه بدستور من صنعه وعلى مقاسه , عندها يفقد هذا المتسلط الشرعية , التي تكسبها عندئذ كل حركة تريد ترحيله أو احلته الى القضاء ( الشرعية الشعبية الثورية ).
رئيس يدستر الديكتاتورية ويحذف من الدستور كل وسيلة لازاحته هو رئيس فقد الشرعية حتى قبل ندلاع اي تمرد ضده , التمرد يسمى عنئذ ثورة مجيدة وشرعية , وشرعية التمرد تستقيم مع كل أشكال هذا التمرد , وحتى الشكل الاجرامي لممارسة التمرد لاينفي عن التمرد صيغته الثورية والشرعيىة , ذلك لأنه ليس بامكان التمرد فرض شكل تداول الصراع على الجهة الأخرى ..سلمي ..عسكري ..انتقامي ..وحشي .. الخ , وكل دعوة لأنسنة ممارسات التمرد ضد حاكم متوحش هي دعوة للاستسلام له , ومن المستحيل على سبيل المثال أن يبقى التمرد أو أن تبقى الثورة السورية سلمية في وجه بنادق ومدافع الادارة المتوحشة .
الادارة المتوحشة تعيب على الثورة عنفها وتدعي على أن نجاح الثورة السورية السلمية مضمون أكثر من نجاح المسلحة , وهل يمكن تصور صدق هذه النصائح ,فالادارة الأسدية المتوحشة لاتعطي النصائح الصادقة للمعارضة , ولا ترسم للمعارضة طريق النجاح , وكيف يمكن للأسد منطقيا أن يدل المعارضة على الطريق الذي يقود الى هزيمته , وهو الذي يريد هزيمة المعارضة بأي شكل , حتى باستخدام السموم , وهو الذي يهدد بحرق البلاد في حال نجاح المعارضة , الأسد لايريد بنصائحه نصرة المعارضة , بل يريد استدراج المعارضة لممارسة نوع من المقاومة يسهل عليه كسره وابادته .
لقد فقد الأسد وادارة التوحش التي يمارسها الشرعية بدون منافس عليها , ان طبيعة دستوره لاشرعي, دستور يتضمن مادة مثل المادة الثامنة أو المادة الثالثة أو المادة 198, ودستور يتضمن مواد تسمح للرئيس بتعيين القضاة وتسريحهم من مناصبهم حيث يحلو له ذلك , لايستطيع اعطاء الشرعية لأحد وحتى للاسد , أي أن الأسد دستوريا لاشرعي , ولا حاجة هنا الى الثورة أو الجيش الحر لمزاحمته على الشرعية التي لم يملكها , وما هو هذا الدستور الذي ينص على أن عمر المرشح للرئاسة يجب أن يكون أكثر من اربعين عاما , عندما يستطيع المرشح الكريم , حتى قبل انتخابه كرئيس , أن يغير الدستور خلال خمسة دقائق وتحت تصفيق الماشية, التي تشجعه لممارسة العهر والاغتصاب على قارعة الطريق وفي وضح النهار .
استحضر أحيانا لحظات الانحطاط قبل 13 عاما , وبأي مقدرة تملقية وسفالة مارس مئات من المهرجين في كرخانة الشعب المسماة مجلس الشعب أفعالهم المنكرة , اذا كان تمثيل هؤلاء للشعب السوري حقيقي , فلا يستحق هذا الشعب الاحترام ولا الحياة ,أي انه فضلات بشرية