الذي يرى , غير الذي يقرأ ويسمع
هناك أحداث لايمكن لها أن تقع الا في بعض الكيانات التي تتميز بكونها لاتزال في مرحلة مايسمى “قبل الدولة “, فالفكر السياسي العربي بجميع مدارسه القومية والإسلامية والماركسية والليبرالية وخاصة الديكتاتورية , لايزال يعاني بشدة من من شح الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي، وهذا الشح ينعكس على مسألة الاعتراف بالآخر ومسألة التعددية , وخاصة تداول السلطة سلميا , الشح قاد الى فهم مريض للسلطة خاصة في الجمهوريات , التي وجب عليها أن تعتمد مبدأ السلطة كحالة متغيرة, ففي هذه الجمهوريات أرادت الديكتاتوريات أو تكون “ملكية” أكثر من المملكات .
تحول الحريات الى هامش ثانوي جدا , كان نتيجة حتمية لشح الثقافة الديموقراطية , وتحول الحريات الى هامش ثانوي يعني تحول ملحقات الحريات الى هامش أيضا , لارأي عند عدم وجود حرية , وعند عدم وجود حرية شعبية يسيطر تلقائيا الفكر المركزي , الذي يستقيم مع المنظومات الديكتاتورية , ويتطلبها أيضا , كل شيئ مركزي وبيد الديكتاتور .
لما أصبح كل شيئ بيد الديكتاتور والديكتاتور هو عادة أكثر أفراد الشعب توحشا وغباء واصراراعلى منع كل جديد , تحول الشعب الى الموروث والى المرجعيات ان كانت دينية أو قومية , فالموروث القومي العربي هو أصلا موروث يرتكز على على الجانب العرقي العنصري , وأوضح الأمثلة على ذلك هو موضوع القومية العربية التي ترتكز على العرق العربي البدوي , في حين تعتبر القومية العربية كل اجتهاد مواز على أنه انشقاقي وخائن ومدمر للوحدة الوطنية ..هكذا كان أمر الأكراد على سبيل المثال , والأمثلة كثيرة جدا , أما الموروث الديني , فيرتكز على العنصرية الدينية والعودة الى السلف , وهكذا نرى في سوريا الأكثر تعلما من جيرانها من يريد امارة اسلامية , ومن يريد دولة الفقيه أو يمارس حروبا حول الخلافة , المحور الشيعي من عام 2013 يريد ضمنا الثأر لما حدث بين يزيد والحسين , وبهذا ينزلق المجتمع حوالي 1400 الى الوراء .
العسكر قضى على التيارات الليبيرالية والماركسية والاشتراكية , لأن هذه التيارات افتتنت بالعسكر , الذي حقق لها عن طريق الانقلابات وجود سياسي وهمي , لقد حكم الأسد عن طريق العسكر والانقلاب , وتاجر بالاشتراكية والحرية والوحدة وخاصة بقضية فلسطين , الا أنه لم لم يتوصل الا للعكس فلا حرية ولا اشتراكية ولا وحدة ولا مكتسبات فلسطينية , وحتى الهدوء أمنه للصهاينة لكي يستمروا في تغيير معالم الجولان , ثم تاجر أيضا بالموروث الثقافي المعادي للاستعمار …انه الوحيد , الذي يقف بكل شجاعة وصلابة ضد الاستعمار , وعندما أراد الاستعمار غزو العراق كان الأسد شريكا له , ولم يتورع الأسد المناهض للاستعمار أن يكون أقبح وأقذر من استعمر ,وماسجل الأسدية في لبنان الا برهانا على ذلك , الغرب طرد الأسد من لبنان , فما كان منه الا أن أسس في لبنان دولة حزب الله وفي سوريا دولة علوية كونت امبريالية داخلية قادت الى حلرب أهلية , الأسد عاد الى الموروث الطائفي العشائري العائلي , وبالتالي الى مرحلة ماقبل الدولة.
للدولة خصائص , ولللادولة أو ماقبل الدولة خصائص أخرى , ولا اريد الاستفاضة في موضوع القانون وسيادته وموضوع العقد الاجتماعي ..الخ , اريد التوقف عند ثلاثةأحداث , اعتبرها وصفية لحالة ماقبل الدولة ,وهذه الأحداث ليست الا “رمز” للحالة التي تعيش بها سوريا , يوجد بدون أي شك أفظع منها ,ويوجد أقل منها ضراوة ووحشية ومثلها يوجد عشرات الألوف , أحداث معبرة فقط .
مسقط رأس الرئيس , القرداحة, نعج بالمجرمين وقطاع الطرق والمجرم بشار طلال الاٍسد ليس أولهم وسوف لن يكون آخرهم ,لقد أطلق هذا المجرم النار على اثنين من الجنود الذين شاركوا في تشييع جندي سقط في الحرب , وقبل عودتهم الى قطعهم في دمشق ارادوا تناول طعام الغذا في مطعم , هنا ظهر بشار طلال الأسد مع الشبيحة , وطلبوا من الحضور مغادرة المطعم , لأنهم يريدون تناول الطعام لوحدهم , رفض الحضور ذلك وهذا مادفع الشبيح بشار لاطلاق النار وقتل الجنديين , الرئيس بشار الأسد تحرك ومنع أي ملاحقة لابن العائلة بشار … هذه القصة هي تعبير عن حالة ماقبل الدولة . وللعلم القتلى هم المجند أحمد وجيه دياب ,وأخيه عز الدين وجيه دياب .
المطرب الشعبي أبو حسن الحريتاني , الذي عارض الأسد وأطرب الثوار, وجد جثة مقتولة بطلقة في الرأس في نهر قويق , الذي سمي نهر الشهداء , وهل هناك أي شك على أن السلطة قتلته , كما ذبحت المصطرب الحموي القاشوش وألقته في نهر العاصي , السلطة وزبانيتها لاتكف عن التنديد بالقتل والذبح , وهي أول من يذبح وأول من يقتل.
اما الحدث الثالث فهو مسجل على شريط , لأن الرؤية غير السمع, والقصة هي التالية :نشر معارضون هذا الشريط عن فتاة اعتقلها الأمن في حي جوبر وعذبها واغتصبها وعذب ابنها أيضا , ثم ألقاها في الشارع شبه عارية ليجعلوها طعما لعناصر الجيش الحرعلى طريق المتحلق الوسطي وذلك بعد أن قاموا باطلاق الرصاص على قدميها . حاول الثوار سحبها , الا أن قناصة كتائب الأسد أجهضت هذه المحاولات , وقد قتل القناصة كل من حاول مساعدتها واحدا تلو الآخر , وآخرهم كان هشام الكردي .الشابة توفيت بعد عشرة ساعات من القائها على قارعة الطريق , وعدد من قتل في سياق محولات انقاذها كانوا أربعة.
الشريط المرفق هو برهان على أن الأسد حول الدولة السورية الى كيان ماقبل الدولة , الى سوريا الأسد :