by:A.alhaj
دولة الباطل ساعة ، ودولة الحق حتى قيام الساعة,
الامام علي :
لم تتوقف السلفية السورية عن التغيير منذ بروزها في نهاية القرن التاسع عشر في أهم مركزين تاريخيين: دمشق وحلب. في بداياتها، كانت الحركة السلفية السورية شبيهة إلى حد كبير بالسلفية الإصلاحية التي نشأت في مصر على يد الشيخ محمد عبده، وكان رموزها رجال فكر ودين أيضًا، مثل الشيخ عبد الرحمن الكواكبي (1849-1902) والشيخ جمال الدين القاسمي (1966-1914)، والشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935)، لكن السياسة كانت في صلب اهتماماتها. ولا يختلف الفكر السلفي الشامي في بنيته عن الفكر السلفي للمدرسة الإصلاحية السلفية في مصر. وقد تأثر عدد كبير من كبار رجال السياسة الوطنيين الأوائل بأفكار روادها، وبشكل خاص بأفكار جمال الدين القاسمي الذي كان يرعى منتدى يحضره أمثال: لطفي الحفار وعبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري ورفيق العظم ومحمد كرد علي وسليم الجزائري وعبد الحميد الزهراوي، وآخرون غيرهم.
تفرعت عن السلفية الإصلاحية الشامية عدة جمعيات، سرعان ما لعبت دورًا مهمًا في الحياة السياسية، أهمها “الجمعية الغرّاء” (1924) التي أسسها الشيخ عبد الغني الدقر وحاولت الـتأقلم مع التغييرات الاجتماعية التي أحدثها اقتحام الحياة الغربية الحديثة، وأدى نشاطها إلى إحداث تأثير اجتماعي واسع فباتت هدفًا مغريًا للسياسيين ورجال الحكم، طمعًا في الأصوات الانتخابية التي بحوزتها، بحيث إن شكري القوتلي الذي حصل على تأييد الجمعية نجح في الانتخابات البرلمانية في 1943، وجعل أمين سرّ الجمعية، الشيخ عبد الحميد الطباع، على قائمة مرشحي “الكتلة”، ففاز بالوصول إلى “البرلمان السوري” سنة 1943.
وأيضًا جمعية التمدن الإسلامي (1930) التي أسسها أحمد مظهر العظمة والذي أصبح وزيرًا، وبهجت البيطار (أحد التلامذة المباشرين للقاسمي). أصدرت عام 1946 مجلة باسم الجمعية يمكن اعتبارها أهم سجل مرجعي للسلفية الإصلاحية الشامية وتطوراتها. وقد أُغلقت الجمعية بعد مجزرة حماة الكبرى عام 1982.
وبالرغم من حل الأحزاب السياسية وإلغاء الحياة الديمقراطية في سورية لأجل الوحدة الناصرية مع مصر، إلا أن الإصلاحيين السلفيين الشاميين ظلوا أوفياء لمعتقداتهم ومبادئهم، لكن بعد انقلاب البعث عام 1963 وحلِّ الأحزاب والتعددية السياسية، بدأت السلفية الإصلاحية بالتفكك، وتحولت جمعياتها إلى مجرد جمعيات خيرية ومجلاتها إلى مجلات ثقافية، وانصرف أتباعها إلى الجدل العقدي مع خصومهم، حيث بلغ ذروته في نهاية السبعينيات، وتحولوا إلى السلفية العلمية. ويمكن اعتبار مناظرة الشيخين سعيد البوطي وناصر الألباني مثالاً نموذجيًا على ذلك.
بذور السلفية الجهادية
في عهد حافظ الأسد تشكلت البذور الأولى للسلفية الجهادية وسط بيئة إقليمية ودولية شهدت عدة صراعات ساخنة، مثل حرب الخليج الثانية، التي أعقبها حصار اقتصادي مروِّع للعراق، والانقلاب على الإسلاميين في الجزائر بعد فوزهم في الانتخابات، وأيضًا حدوث مجاز في البوسنة ضد المسلمين، بالإضافة إلى انتهاء حرب “تحرير” أفغانستان من الاحتلال السوفيتي، وعودة العديد من الأفغان العرب إلى بلادهم، فضلاً عن انكشاف حجم المأساة التي تعرض لها الإسلاميون السوريون في السجون بعد أن أُفرج عن مئات منهم منذ 1992، فلقد تعرض ما يزيد عن 17 ألف سجين لإعدامات جماعية منظمة، وقد واكب ذلك كله انفتاح محدود على العالم الخارجي سمح بالاطلاع على معاناة المجتمعات المسلمة في الخارج؛ إذ انتشرت في ذلك الوقت، وعلى نطاق لا بأس به، أشرطة فيديو وكتب ومقالات تتحدث عن مجازر البوسنة وجهاد الأفغان العرب. وفي منتصف التسعينيات أُعلن “الجهاد” ضد الروس من أجل استقلال الشيشان؛ أسوة بالدول التي كانت ملحقةً بالاتحاد السوفيتي.
خلق ذلك كله مناخًا يغري الأجيال الشابة بالتفكير الجهادي، فتشكلت جماعات صغيرة غير منظمة يجمعها مجرد اهتمام مشترك بهذا الموضوع؛ وهي رغم تشابهها فكريًا مع تفكير الطليعة المقاتلة في نسختها الأخيرة (كما ظهرت عند قائدها الشيخ عدنان عقلة) إلا أنها بالتأكيد لا تنبت من الذاكرة الإسلامية السياسية السورية في الثمانينيات ولا حتى من أدبيات الطليعة المقاتلة مباشرة، بقدر ما تشربت معنويًا من رموز الجهاد الأفغاني والقوقازي، وبشكل أكثر خصوصًا من كارزمية الشيخ عبد الله عزام الذي تحوَّل إلى رمز الجهاد الأفغاني العربي بعدما قُتل عام 1993 في سيارته مع اثنين من أبنائه في باكستان، بالإضافة إلى بعض رموز الصحوة الإسلامية السلفية الجديدة الصاعدة في السعودية. لكن الجدير ذكره هنا أن الشيخ عزام في الحقيقة كان يمثل مفصلاً في تطور فكر الطليعة المقاتلة نحو قاعدة الجهاد العالمي.
كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي اشتعلت في 1987 واستمرت حتى 1993، قد ألهبت مشاعر الأجيال الفتيّة وأثارت حماسهم، فعمليات المقاومة الإسلامية الفلسطينية (“حماس” و”الجهاد الإسلامي”) كانت تثير الإعجاب على نطاق واسع، وذلك بجوار ما يحدث في جنوب لبنان، حيث بدأت المقاومة اللبنانية (“حزب الله”) منذ 1994 تحقق انتصارات تحت شعارات إسلامية ثورية، ولم يكن تأثيرها بالطبع أقل من جارتيها في فلسطين رغم “تنغيص” الاختلاف الطائفي الذي لم يمنع رغم ذلك قبول القوى الجهادية بسورية وانفعالها الشديد بالمقاومة اللبنانية.
من جهة أخرى، كان الاتحاد السوفيتي الذي طالما شكّل سندًا لنظام الأسد قد انهار، ومُنيت العقيدة الماركسية بهزيمة نهائية، وهو أمر زاد الاهتمام بالإسلام على مستوى محلي وعالمي، وقد عمل النظام على دعم بعض الرموز الدينية التي تحالفت معه، بشكل خاص تلك التي عُرفت بعدائها للإخوان المسلمين، للتحكم في “الصحوة الإسلامية” التي بدأت تشهدها سورية (مع المنطقة عمومًا) كي لا تهز أسس النظام، بل إن تصاعد الصحوة الإسلامية وبروز نجم الحركات الإسلامية في الدول المجاورة دفع بالشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أبرز خصوم السلفية وأقرب الرموز الدينية إلى نظام الأسد في ذلك الوقت، والمعروف بعدائه لجماعة الإخوان المسلمين، إلى مواجهة الفكر الجهادي الذي بدأت بذوره تنمو للتو وتبرير القمع الذي مارسه النظام السوري ضد الإسلاميين فقهيًا في كتابه “الجهاد في سبيل الله: كيف نفهمه؟ وكيف نمارسه؟” (1993).
أدت التطورات والأحداث المتسارعة والانفتاح المحدود في وسائل الإعلام والتقدم في وسائل الاتصال إلى انتشار مزاج جديد معاد للأميركيين والأنظمة العربية على وجه العموم، بين الأجيال الشابة حديثة السن التي لم يكن لها خبرة جيدة بقمع الحركة الاسلامية في الثمانينيات، هذا المزاج كان يؤدي في الغالب إلى اعتناقهم أفكارًا سلفية جهادية بشكل فردي، سهَّلت وسائل الاتصال تداول أدبياتها ومكتبتها المرئية بشكل كبير.
كانت هذه المكتبة المتداولة تستند بطبيعة الحال إلى تجربة مجاهدي الأفغان العرب، ولم يكن بمقدور معتنقيها أن يتحولوا إلى عمل تنظيمي، فعمق المأساة الدموية في أحداث القمع في الثمانينيات ترك أثارا لا تمُحى؛ فالخوف ما زال عميقًا، إلى درجة أنه لم يكن مقبولاً مجرد التفكير في أي تنظيم يتبنى العنف ضد النظام في المجتمع السوري، ومع انسداد الأفق الداخلي اتجه تركيز قوى السلفية الجهادية الجديدة تلقائيًا إلى الخارج، ولم يلبث النظام نفسه أن قدم لها التسهيلات، واتَّبع سياسة الاستثمار فيها، فبات يتسامح بشكل غير معهود مع التنظيمات الإسلامية “الأصولية” في الخارج (حزب الله، حماس، الجهاد، الإخوان الأردنيين)، فيما حافظ على قمع عنيف وغير متسامح بالمرة مع أي حالة تنظيمية إسلامية سورية يمكن أن تبدأ مجرد بداية على أراضيه، مهددًا دومًا المجتمع السوري من خلال عدة طرق بتكرار قمع الثمانينيات، الأمر الذي كان يعزز “عقم” التربة السورية في تقبل البذرة السلفية الجهادية.
السلفية الجهادية المستأنسة
أصدر أبو مصعب السوري (أحد قيادات الصف الثاني في تنظيم “الطليعة المقاتلة” وأحد رموز القاعدة) بيانًا بمناسبة وفاة الرئيس حافظ الأسد، يشكو فيه من خيبة أمله في إعراض السوريين عن “الجهاد”، وأشار بمرارة إلى أن “كثيرًا منهم [السوريين] قد رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، وسيرفضون هذا الكلام، بل سينتقمون ممن يدعون إليه، وأعلم أن كثيرًا من علماء السوء ومشايخ الضلال، وعميان البصيرة، سيصرفون الناس عن هذا الكلام”، وأنه من عام 1986 إلى عام 2000 “أُخمدت بذور المقاومة [الجهادية] لدى أهل السنة”، لكن أحداث 11 سبتمبر/أيلول حفزت الجهادية السلفية في كل مكان؛ وسهّل دخول الإنترنت إلى سورية التواصل مع العالم الجهادي الافتراضي، في وقت كانت السلطات السورية تجري اعتقالات وتحقق في الصلات المحتملة مع تنظيم القاعدة بالتعاون مع المخابرات الأميركية، فاعتقل العشرات، واستدعي كل من يُشتبه في انتمائه إلى التوجه السلفي (ليس بالضرورة جهاديًا)، وتم التحقيق معه للتأكد من خلوه من الأفكار الجهادية وعدم ارتباطه بأي تنظيم “إرهابي” (كان بين الذين اعتُقلوا في ذلك الوقت “شاكر العبسي” الذي أصبح لاحقًا زعيم تنظيم جهادي جديد في لبنان اسمه “فتح الإسلام” كان على صلة مباشرة بالمخابرات السورية).
في الفترة التي كانت تجري فيها التحضيرات لاحتلال العراق، ومع اقتراب موعد الهجوم الأميركي مع قوات التحالف لاحتلال العراق، كانت الأجواء تشحن على كافة الصعد؛ رسميًا وإعلاميًا وشعبيًا، باتجاه صناعة واستقبال موجة الجهاديين الجدد على أساس مواجهة استباحة الغرب “الكافر” للأراضي المسلمة. تبادل الشيوخ الرسميون والشيوخ المتحالفون مع النظام السوري الأدوار في هذا التجييش الجهادي، بالإضافة إلى تصريحات السياسيين الرسميين. ففي 26 مارس/آذار 2003، دعا مفتي الجمهورية الشيخ أحمد كفتارو المسلمين في كل أنحاء العالم إلى الجهاد، و”استخدام كل الوسائل الممكنة في هزيمة العدوان، بما في ذلك العمليات الاستشهادية ضد الغزاة المحاربين”، وهي دعوة أعادها الشيخ البوطي في خطب الجمعة؛ حيث حثّ فيها المسلمين الشباب على “التوجه إلى الأجر العظيم الذي إذخره الله عزّ وجلّ للمقاتلين” في “جهاد الفريضة” التي لم “تتجلَّ أسباب فريضتها في عصر من العصور كما تجلت في هذا العصر” في أرض العراق “الأرض الإسلامية”. وعلى الخط نفسه سار شيوخ كثيرون.
وبالتزامن مع هذا التجييش، بدأ نجم الشيخ الشاب محمود قول آغاسي في منطقة فقيرة جدًا بمدينة حلب الشمالية يصعد بشكل فجائي، حيث تبنى خطابًا سلفيًا جهاديًا علنيًا، فكان يدرب أتباعه على العمليات القتالية في المسجد- (مسجد علاء بن الحضرمي)- تحت سمع وبصر النظام، بل وراجت أقراص ليزرية مدمجة على نطاق واسع تصور هذه التدريبات باللباس العسكري المرقط، إضافة إلى الخطب الجهادية الحماسية، فكان له دور مهم وملتبس في تجييش الشباب الناشئة وتعبئتهم إلى الجهاد، الذي انطلق في العراق توًا. على أنه في خريف 2003، صدرت فتاوى من جماعات جهادية في العراق بإهدار دمه، باعتباره كان “مصيدة أمنية لمئات الشباب الذين صدقوا دعواه” فاختفى الرجل ليعود إلى الظهور بعد سنتين مهذب اللحية إمامًا وخطيبًا سلفيًا إصلاحيًا في جامع الإيمان بحي حلب الجديدة الراقي (في مدينة حلب)، تائبًا من الجهاد، ثم لقي حتفه في عملية اغتيال في 28 سبتمبر/أيلول 2007 تبنتها جماعة أطلقت على نفسها “التوحيد والجهاد في بلاد الشام”، وقد تبين لاحقًا أنها غير موجودة إلا في الإعلام الرسمي.
اندفع مئات الشباب السوريين إلى العراق، وتشكلت “لجان نصرة العراق” لتسهيل تطوُّع الشباب ونقل قوافلهم إلى ميدان الحرب، على أن معظم المتطوعين للحرب والجهاد في العراق لم يلتحقوا بساحة القتال بناء على فكر سلفي جهادي، بقدر ما كانت تقودهم مشاعر مختلطة من النخوة العربية والإسلامية، وفي أذهانهم استلهام تجربة حزب الله الناجحة في جنوب لبنان ودحره للإسرائيليين عام 2000. لكن جرى استدعاء كثير من العائدين للتحقيق، فكان طريق العودة ليس بسهولة طريق الذهاب.
في 27 مارس/آذار 2004، وفيما بدأت الضغوط تتكثف على سورية بمبررات عديدة من قبل الأميركيين وقوات التحالف، لوَّحت الحكومة السورية بالفزاعة الإسلامية، فأعلنت عبر وكالة سانا الرسمية للأنباء وقوع اشتباك في مدينة دمشق بين مجموعة مسلحة وُصفت بالإرهابية، وعناصر الأمن في عملية هي الأولى من نوعها في سورية، منذ أحداث الثمانينيات، شكّك الكثيرون في مصداقيتها، ولم يأخذها الإعلام الغربي نفسه على محمل الجد، وساد اعتقاد بأن “العملية صنّعت محليًا”، ثم توقف الإعلان عن عمليات جهادية أخرى.
في مطلع يونيو/حزيران 2005، صرّح وزير الداخلية آنذاك (غازي كنعان) خلال اجتماع للجنة الأمم المتحدة المكلفة بمكافحة الإرهاب بأنه “ليس هناك على الإطلاق أي نشاط للقاعدة أو لحركة طالبان في الأراضي السورية”. إلا أنه بعد شهر واحد فقط (في 11 يوليو/تموز 2005) أُعلن عن صدام مسلح أسفر عن ضبط مجموعات “تكفيرية” تطلق على نفسها اسم “جند الشام للجهاد والتوحيد” المرتبطة بتنظيم القاعدة، تلاها الإعلان عن حوادث شبيهة، ويرجح خبراء عديدون أن هذه العمليات تمت بالفعل من مجموعات محلية منعزلة وصغيرة ليس لها امتداد دولي، وهناك شكوك بأن أجهزة النظام اخترقتها لتوظيف عملياتها في دعايته الداخلية والخارجية. غير أن معطيات المنظمات الحقوقية (البيانات الحقوقية ومحاضر الاتهام والمحاكمات) في ذلك الوقت تشير إلى أن انتشار الفكر السلفي الجهادي محدود للغاية، والجماعات التي تتبناه هي جماعات صغيرة متفاوتة الحجم ومتأثرة بأفكار تنظيمات دولية، إلا أنه لا يوجد رابط تنظيمي معها على الأغلب، وأن تنظيمات مثل: “تنظيم جند الشام للدعوة والجهاد”، و”التكفير والهجرة”، أو حتى “القاعدة”، التي كان الإعلام الحكومي يدعي وجودها لا تتجاوز لائحة اتهامات معدة سلفًا بناء على أدلة لا يمكن الاعتماد عليها على حد تعبير الناشطة الحقوقية البارزة رزان زيتونة.
الشيء اللافت للانتباه أن النسبة الأكبر من المعتقلين، بتهمة السلفية أو السلفية الجهادية أو الانتساب إلى تنظيمات “إرهابية” دينية متشددة، كانت من ريف دمشق والمناطق الريفية الأخرى، في حين كان أبناء المدن السورية الكبرى نسبة ضئيلة من عدد المعتقلين؛ الأمر الذي يعزز أن يكون لعاملي الفقر والتهميش دور مهم في تحفيز الفكر الجهادي بالتضافر مع السياسات المحلية والظروف الإقليمية.
وفقًا لذلك، لم تكن ثمة تنظيمات دينية سلفية جهادية بالمعنى الدقيق، وتشير الدراسات إلى تزايد مستمر في انتشار هذا الفكر السلفي الاحتجاجي، ونزوح العديد من الشباب السلفيين من الفكر الديني السلفي إلى السلفية الجهادية تحت ضغط تجربة السجن، خصوصًا وأن الأكثرية العظمى من المعتقلين السلفيين لم يكونوا ينتمون إلى جماعات جهادية، وهم في حالات قليلة فقط كانوا يحملون أفكارًا جهادية غير ناضجة، وأنه رغم ذلك، لم تكن توجد في ذلك الوقت حتى في السجن أية جماعات تؤمن بالعمل الجهادي داخل سورية، الأمر الذي يعني أن السياسة الأمنية القمعية التي استخدمها النظام ضد السلفيين -وبمحاكمات استثنائية جائرة لا تتمتع بأدنى شروط العدالة- أفضت إلى توسيع الفكر السلفي الاحتجاجي.
استفزاز التبشير الشيعي
بدءً من عام 2005، أصبحت هنالك سياسة جديدة لنظام الأسد، فقد تم السماح على نطاق واسع، وبتغطية أمنية وتسهيلات غير مسبوقة، للشيعة الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين، بالدعوة لمذهبهم، حتى يتوفر النظام على أنصارٍ جدد، ولكن تبين لاحقا أن تلك الدعوة توفر أيضا لإيران قاعدة شعبية متقدمة في سورية إذا لزم الأمر. جذور هذه القضية ترجع إلى لحظة تسلم بشار الأسد السلطة وراثة عن أبيه، كجزء من تمتين الحلف الإيراني-السوري ليكون أحد دعائم النظام. وفي الواقع، لعبت عوامل عديدة على توثيق العلاقة الاستراتيجية بين سورية وحزب الله وإيران، بعد حدثين فاصلين: احتلال العراق (2003) واغتيال الحريري (2005)، بحيث أصبح واضحًا أن النظام تعرض لضغوط بالغة قد تؤدي إلى انهياره، وكان لذلك الحلف دور مهم في الحفاظ على النظام، كما استُثمرت هذه العلاقة، كورقة تفاوض وضغط على الأنظمة العربية والمجتمع الدولي. كان هذا هو أحد الأسباب الرئيسة في السياسة الأمنية القمعية تجاه معتنقي الفكر السلفي، والسلفي الجهادي منه على نحو خاص، الذي يشكّل خصمًا مذهبيًا لدودًا للتشيع.
تَشكَّل نتيجة ذلك إحساسٌ عميق بالتمييز والغبن في السياسات الحكومية، شعرت به الأكثرية السنية المسلمة وحتى الأقليات المسيحية، مقارنة بالامتيازات والدعم الحكومي الذي أصبحت تحظى به الأقلية الشيعة الصغيرة والمتشيعون، وبدا كأنما معظم الإجراءات الحكومية موجهة ضد جماعات مذهبية ودينية محددة دون أخرى. وهكذا لعبت السياسات الحكومية للنظام في عهد الأسد دورًا في تنامي الظاهرة السلفية والسلفية الجهادية، لأنها لعبت على الغرائز الطائفية بشكل متصاعد. ولأول مرة باتت تطلعات القوى الجهادية تتلخص في موقف احتجاجي على السياسات المحلية، وهو توجه سيشكل أرضية خصبة للجهادية السلفية فيما بعد.
سلفيو الثورة اللاعنفيون
في الفرع السلفي العلمي في الأقلية القوقازية الشركسية، برز تحول جديد نحو سلفية جديدة، لم يتبلور حتى مطلع الثمانينيات، وبقي محدود الانتشار في إطار جماعة قد لا يزيد عددها على أصابع اليدين، هو السلفية اللاعنفية، وربما لم يشهد الفكر الإسلامي حتى هذا التاريخ حركة إسلامية فضلاً عن السلفية تعتبر العنف أيًا كان، حتى لو دفاعًا عن النفس، عملاً غير مشروع، ويتزعم هذا التوجه الشيخ جودت سعيد (1931) الذي ينتمي إلى الأقلية الشركسية، والذي كان قد بدأ يعمل منذ مطلع الثمانينيات على نشر فلسفته الإسلامية عن اللاعنف، وقد سبق أن خبر معنى الاعتقال السياسي الذي تكرر معه مرات عدة.
تأثر جودت سعيد بفكر “محمد إقبال” (مفكر إصلاحي باكستاني) و”مالك بن نبي” (مفكر إصلاحي جزائري). وإذا كان جودت سعيد يبدو وكأنه قد أطلق نظريته عن اللاعنف كرد فعل على أحداث الثمانينيات، فإن مرجعيته الفكرية، ودروسه التي كان يلقيها قبل ذلك لسنوات طويلة في جامع المرابط في دمشق، كانت تعكس خطًا فكريًا مختلفًا عن الإسلاميين آنذاك، وقد نشر في عام 1966 كتابه “مذهب ابن آدم الأول: مشكلة العنف في العالم الإسلامي”، الذي جاء ردًا على اتجاه الإخوان المسلمين نحو ممارسة العنف السياسي. إن أهمية هذا الكتاب تكمن في أنه أول محاولة لصياغة مفهوم لاعنفي إسلامي في التاريخ المعاصر، وفي أنه أول رد مباشر على كتابات سيد قطب (توفي عام 1966) التي شكّلت الأساس الفكري لحركات العنف الإسلامي.
لم يستطع جودت سعيد أن يشكّل جماعةً تؤمن بأفكاره إلا في مطلع التسعينيات، في وقت كانت أحداث كبرى قد بدأت تعصف بالعالم، (سقوط الاتحاد السوفيتي) وبالمنطقة (حرب الخليج الثانية)، فكانت ثمة حاجة إلى فكر جديد. استطاع سعيد أن يملأ بعض الفراغ الرمزي الذي خلَّفته حقبة الثمانينيات، إلا أن الجماعة ما لبثت أن بدأت تتفكك وتنحسر في نهاية التسعينيات تحت تأثير تصاعد الأحداث المحيطة بسورية والتي كانت تدفع نحو التطرف والتشدد. ومع ذلك، حافظت الجماعة على نخبة من التلامذة المعجبين بآرائه، وبشكل خاص في الأوساط النسائية عبر تلميذته النشطة الداعية “حنان اللحام” (التي تتزعم جماعة نسائية خاصة بها)، وصهره (خالص جلبي) أحد الكتاب والمفكرين الإسلاميين المعروفين، ومجموعة من الناشطين الملتفين حول الشيخ السلفي عبد الأكرم السقا في مدينة داريا.
لم يكن مبدأ اللاعنف مجرد فكر تنويري ديني، ولكنه كان في جوهره فكرة سياسية إصلاحية. وبالرغم من أن شيخ الجماعة جودت سعيد لم يُبدِ أي تطلعات سياسية شخصية، في أي وقت من الأوقات، إلا أنه لم يخفِ رغبته بالتغيير السلمي للنظام السياسي.
تؤشر حادثة اعتقال “مجموعة داريا” عام 2003 على توسع تأثير فكر جودت سعيد عن اللاعنف، فقد خرج قرابة مائة شاب في تظاهرة صامتة صباح يوم سقوط بغداد رفعوا خلالها شعارات لمقاطعة البضائع الأميركية ومكافحة الفساد وتنظيف شوارع المدينة، إلا أن السلطات اعتقلت 24 متظاهرًا منهم في 3 مايو/أيار 2003، وأحالتهم إلى محاكم عسكرية ميدانية؛ كونهم ينتمون إلى تيار ديني إسلامي سلفي، وإن كان غير عنفي.
سقوط بغداد كان علامة فارقة لزعيم الجماعة السلفية اللاعنفية، فقد بدأ الشيخ جودت سعيد منذ ذلك التاريخ وفي كل المنتديات واللقاءات الفكرية العامة التي كان يحضرها يظهر مرتديًا سترة بيضاء كتب عليها بخط يده “الاتحاد الأوربي”! ملخصًا بهذه العبارة فكرته السياسية بأن الاتحاد القائم على المصالح هو الحل بدل الصراع والعنف، وقد كان هذا الظهور الاحتجاجي بمنزلة أول نشاط واضح له يدل على مواقفه السياسية على العموم. انغمست الجماعة أكثر بالفكر السياسي، حتى وإن بقي تعبيرها عنه بمفردات دينية قرآنية، فقاد ذلك زعيمها إلى أن يكون أحد أبرز الموقعين على “إعلان دمشق للتغيير السلمي الديمقراطي”، وهو إعلان جمع المعارضة السياسية الحزبية والمستقلة، وأكمل عدد من تلامذته السير نحو المعارضة العلنية للنظام. وعندما انطلقت الثورة السلمية في منتصف مارس/آذار 2011، بدأ نجم الشيخ جودت يبرز بقوة، فقد وجدت قطاعات لا بأس بها من الشباب في السلفية اللاعنفية فكرًا إسلاميًا جاهزًا يمكنها أن تستند إليه، وصار مألوفًا ظهور رمز الجماعة (الشيخ جودت) وكلماته في لافتات المظاهرات السلمية، فكان هذا ذروة العهد الذهبي للسلفية اللاعنفية التي تراجعت بعد أشهر مع اشتداد القمع ثم تحول الاحتجاج السلمي إلى ثورة مسلحة فلم تعد أفكار السلفية اللاعنفية تحظى بالاهتمام ذاته.
السلفية الثورية المسلحة
إرث الأسد والذاكرة السورية لأحداث الثمانينيات التي حرص النظام على أن لا تندمل جروحها من أجل إدامة مفعولها “التأديبي”، بالإضافة إلى السياسات الحكومية في عهد الأسد الابن والتي أشارت الأحداث إلى حدوث تغييرات جوهرية فيها، وانعطاف مهم حصل في بنيتها، يكمن في تحول تعامل النظام مع الجماعات الدينية من الاعتماد على أسس سياسية تقوم على مبدأ التفاوض والتوازنات الاجتماعية الداخلية إلى أسس أمنية بحتة تقوم على ضبط صارم لها، أساسه الترهيب ومصالح النظام السياسية الخارجية. كل ذلك سرعان ما أثار حنق الجماعات السلفية، وأحدث تغييرات مهمة في تطلعاتها السياسية. فالسلطات الحكومية اتخذت إجراءات ذات أبعاد أمنية دون أن تحسب حسابًا للانعكاسات الاجتماعية والسياسية على المجتمع السوري، خصوصًا وأنها تجاوزت فيها القوى الإسلامية إلى التحكم بكل الفضاء الديني والتدخل في مؤسساته (مثل القرار غير المباشر بحل الجمعيات الأهلية الخيرية عبر فرض مجالس منتدبة من قبل الحكومة، وإبعاد فائزين في انتخابات البلدية على خلفية تدينهم، وإلغاء مائدة الإفطار التي كان يُدعى إليها سنويًا الشيوخ وعلماء الدين، بالإضافة إلى قرار فصل المنتقبات من التدريس، وإحالتهن إلى أعمال إدارية ليس لها علاقة بالتدريس). كل ذلك في ظل أجواء ثورية انطلقت من تونس فجعلت سورية كبرميل بارود يحتاج تفجيره إلى مجرد شرارة صغيرة.
انفجرت الثورة وكانت التنظيمات الحزبية جميعها وعلى اختلاف ألوانها خارج دائرة صنعها، وانخرطت فيها كما انخرطت جميع القوى المدنية الأخرى، فلم يكن لأي منها دور القيادة، وفي الأشهر الأولى للثورة كانت السلفية التقليدية والجهادية أيضًا خارج إطار الحدث، ولم يكن ثمة أي نوع من التنظيمات الحزبية أو الحركية السلفية، ومن انخرط من السلفيين في صفوف الثورة المدنية السلمية كانوا قلة وعلى نحو فردي، وكثيرون منهم كانوا من ضحايا أحداث الثمانينيات، وشاركوا على خلفيتها.
شكّلت أحداث بابا عمرو انقلابًا في المزاج العام، فقد استمرت الثورة سلمية عشرة أشهر، فاستطاعت أن تنتشر في جميع أنحاء البلاد وحشدت تعاطف كثير من السوريين ضد نظام الأسد، ولكن أحداث بابا عمرو أقنعت المحتجين بأن النظام يمكن أن يذهب إلى مدى أبعد من قتل المتظاهرين بالرصاص، فيمكن أن يقصفهم بالدبابات والطائرات والصواريخ؛ الأمر الذي فتح الباب لتشكيل تنظيمات عسكرية تهدف إلى حماية المدنيين والمتظاهرين السلميين من القتل، ثم إلى حماية الأحياء والمدن، وسرعان ما أصبح الهدف هو إسقاط النظام بالقوة. وبالرغم من أن أولى كتائب الجيش الحر ظهرت في صيف 2011 إلا أن التحول العام في قناعة الثوار السوريين بالعمل المسلح بدأ في هذا الوقت؛ حيث أخذت تظهر الكتائب العسكرية التي تشكلت أولاً من منشقين وانضم إليهم متطوعون مدنيون بشكل متزايد.
كان الأسد قد اتبع استراتيجية إبقاء المراكز المدنية تحت السيطرة المكثفة أولاً، فبقاء النظام مرتبط ببقائه فيها، فبقيت الأطراف الريفية في وضع يسمح لها بالتحرك بحرية أكبر؛ الأمر الذي جعل الثورة ثورة أطراف فتأخرت جميع المدن عن الالتحاق بها. وعندما بدأت العسكرة تشكّلت معظم الكتائب في الريف ثم بدأت تزحف إلى المُدن، وبطبيعة الحال فإن الفقر وغياب التنمية والتهميش يجعل البيئة الريفية أكثر استعدادًا لقبول الفكر السلفي المتشدد، كما أن العنف الذي مارسه النظام السوري ضد السكان على شكل مجازر طائفية الملامح، وخيبة أمل من تدخل المجتمع الدولي لحماية المدنيين فضلاً عن تدخل إيراني متزايد على أساس مذهبي، وانتشار فكر سلفي الملامح بين معظم الكتائب المسلحة رسم خارطة جديدة للسلفية في سورية، عزز كل ذلك من فرص انتشار فكر متشدد بسيط يمكنه مواجهة هذا العنف بمزيد من التضحية والصلابة، وهو ما منح السلفية بيئة مثالية وسط المقاتلين، غير أن هذه الخارطة لم تكتمل إلا مع بروز “جبهة النصرة لأهل الشام” إلى الوجود وبدء عملياتها ضد القوات النظامية والشبيحة في يناير/كانون الثاني من عام 2012.
الخارطة السلفية الجديدة
تراجعت جاذبية سلفية اللاعنف بينما بدأت السلفية الجهادية بالصعود على نطاق واسع، ومع انتشار الكتائب أصبح من الصعوبة بمكان وضع خارطة تفصيلية لها، فالكثير من هذه الكتائب كان يتعرض للتحول والتطور أو الاضمحلال مع تدفق المتطوعين وتزايد الانتصارات التي تحققها على الأرض. على أنه في هذا السياق، لا ينبغي أن يكون تعريف الخارطة السلفية للكتائب العسكرية نابعًا من أسماء الكتائب وحدها، فلا تعكس هذه الأسماء دائمًا ميولاً سلفية حقيقية؛ ففي بعض الأحيان تكون التسميات براغماتية تهدف إلى اجتذاب ممولين خليجيين، أو تمليها مقولات دينية عامة تشكّل جزءًا من المخيال الديني الشعبي. وسرعان ما بدأ نوع من الفرز والتمايز بين الكتائب الإسلامية الجهادية وكتائب الجيش الحر؛ ففي حين تبدو الكتائب الإسلامية الجهادية متماسكة ومنظمة فإن كتائب الجيش الحر تبدو رخوة التنظيم وبالتالي أقل فاعلية مقارنة بها.
1- النصرة: الجيل الثالث للسلفية الجهادية
بينما كانت المظاهرات في أوجها في أواخر صيف 2011، قرر مقاتلون سوريون في دولة العراق الإسلامية التوجه نحو الريف الشمالي والجنوبي للاستطلاع، وانتهى الأمر بتقدير المآل إلى عسكرة الثورة، فتشكلت مجموعة من الكتائب الصغيرة أطلقت على نفسها اسم “كتائب النصرة لأهل الشام”، كان بين بعض عناصرها مقاتلون أجانب، وذلك بدعم مالي وعسكري من أمير دولة العراق أبي بكر البغدادي، وأعلنت عن نفسها في يناير/كانون الثاني 2012.
استفاد قادة جبهة النصرة من التجربة القتالية للدولة الإسلامية في العراق، والفشل الذي مُنيت به، فحاولوا استقطاب جميع أصحاب التجربة في العراق وأفغانستان أو حتى في لبنان، والذين توثقت علاقات معظمهم في سجن صيدنايا العسكري حيث كان يُعتقل السلفيون الجهاديون وغيرهم، وقرروا العمل على أساس كسب القاعدة الاجتماعية أولاً، تلك القاعدة التي كانوا قد خسروها بالصحوات، فتميز خطاب جبهة النصرة بمعالم عسكرية تتمثل في إسقاط نظام الأسد ومواجهة الشيعة (العلويون جزء منهم) وإيران، لكن لم يكن لدى النصرة أية إشارة واضحة إلى مرحلة ما بعد النظام، ولم يكن بوسع المعارضة السياسية ولا العسكرية أن ترفض مساندة جبهة النصرة رغم شكوكها في علاقتها بالقاعدة والجهل بشخصية قائدها أبي محمد الجولاني.
دخلت جبهة النصرة انعطافين مهمين:
-
الأول: عند إعلان الولايات المتحدة في 5 ديسمبر/كانون الأول 2012 وضعها على قائمة “الإرهاب”.
-
الثاني: عند إعلان أبي بكر البغدادي تبعية جبهة النصرة له، وإعلان “الدولة الإسلامية في العراق والشام”. فقد دفع الكشف الأميركي عن علاقة جبهة النصرة بالعراق، إلى إعلان الجبهة عن جميع عملياتها التي كانت تصور بعناية بأشرطة فيديو عالية الجودة ونشرها على نطاق واسع. وأدت الخيبة المؤلمة من التزام الولايات المتحدة بوعودها إلى ردة فعل عكسية استثمرتها النصرة في تكثيف دعم التأييد الشعبي، وفرض هيبتها، بحيث إن المعارضة السياسية وجدت نفسها مضطرة إلى الدفاع عن جبهة النصرة في مؤتمر أصدقاء سورية الرابع في المغرب. كما دفعت محاولة أبي بكر البغدادي استتباع جبهة النصرة وإلحاقها به إلى مسارعة قائد الجبهة إلى إعلان البيعة للظواهري تهربًا من هذا الاستتباع،؛ ولكن هذا القرار سبّب شرخًا في صفوفها وهز بعنف التعاطف الشعبي الملحوظ معها، فمعظم المقاتلين لا يعرفون هذه الصلة، فبرز تياران: تيار يريد تأييد العمل المدني التدريجي لإقامة دولة إسلامية، وآخر يؤيد إقامة دولة إسلامية في الشام تمهيدًا للخلافة الإسلامية العالمية. وقد اعتبر قادة الجهاد السوريون القدماء من أعضاء تنظيم الطليعة المقاتلة الذين لحقوا بالجهاد الأفغاني (مثل أبي بصير الطرطوسي)، إعلان البيعة للظواهري خطأ وخطرًا جسيمًا على العمل الجهادي في سورية، وخدمة كبيرة للنظام.
سلفية بغيضة